7
محمود سلطان
02
يونيو
2012
09:58 PM


القضاء المصرى، هو ابن مدرسة الفقه الإسلامى.. وعادة ما يستعين بقواعد أصول الفقه، وإبداعاته فى التوسعة على القاضى، من خلال "فقه المواءمات"، التى عادة ما تكون حلاً "عبقريًا" للخروج بالمجتمع من أزمات بالغة الحساسية، وقت التحولات السياسية الكبيرة.

وكثيرًا ما كانت الأحكام تأخذ فى الاعتبار السياق السياسى والاجتماعى، لأن المسألة لا تتعلق فقط بـ"القانون" المحض وإنما بـ"العقل" والرصانة.

بعض رجال القانون، يحاولون تقديم القاضى، دائمًا فى صورة "الصوفي" الذى يعتزل "المجتمع" أو كـ"ميكنة الأوراق" التى لا يعنيها إلا تصنيع الأوراق، حتى لو تحولت إلى أداة لإشعال الحرائق فى كل مكان.

لقد استغربت من إصرار المستشار أحمد رفعت على أن ينطق بالحكم على مبارك ونجليه ووزير داخليته وكبار مساعديه، فى هذا التوقيت، وعشية الترتيب لإجراء جولة الإعادة لاختيار رئيس الجمهورية!.

المستشار رفعت، كان مُصرًا، وكأنه فى عزلة عن إحداثيات المكان والزمان.. ولقد رجوته مساء أمس الأول، من خلال قناة النيل للأخبار، أن يرجئ النطق بالحكم إلى أن تنتهى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة، لأن الحكم من شأنه أن يربك المشهد السياسى، وقد يلقى بظلاله على الفصل الأخير من عملية نقل السلطة، وقد يوظف سياسيًا أثناء الدعاية الانتخابية، وقد يشعل الحرائق إذا ما جاء على النحو الذى لم يلبِ توقعات الشعب المصرى وأسر وأهالى شهداء ومصابى ثورة 25 يناير.

ربما يكون فحوى الحُكم استند إلى الإجراءات الجنائية المحضة، وهذه مسألة قد لا يكون للقاضى فيها إلا إعمال أدواته الفنية ولا خيار أمامه حيالها، إلا أن موعد النطق بالحكم، فهو قرار يملك حق التصرف فيه، إذ لا "مصلحة" حقيقية فى أن تصدر الأحكام فى هذا التوقيت بالغ الدقة والحساسية، وبالاحتكام إلى القاعدة الأصولية، "درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة" فإنه كان الأصوب تأجيل النطق بالحكم، فضلا عن أنه ـ كما قلت ـ لا مصلحة حقيقية فى هذه "العجلة".. وإذا كان البعض يرى أن المستشار أحمد رفعت، سيحال إلى التقاعد نهاية يونيه الجارى، فإنه كان أمامه متسع من الوقت للخروج من مأزق "التوقيت".. فجولة الإعادة يوما 16 و17 يونيه.. ويفصل بينها عن موعد إحالته إلى المعاش نحو 13 يومًا، وهى مسافة زمنية طويلة وكان بإمكانه، أن يرجئ النطق بالحكم خلالها، لتخطى عقبتى "التوقيت" و"المعاش".

صحيح أن العبرة من الحكم قد وصلت، وهى أن طاغية مصر القوى والدموى.. أطاحت به ثورة شعبية وأحالته إلى المحكمة.. وحوكم أمام قاضيه الطبيعى، وقضت عليه المحكمة بالسجن المؤبد.. وهى نهاية "مهينة" لرئيس لم يرد الله تعالى له الكرامة أو أن يحسن خاتمته.. غير أن تبرئة جلادى الداخلية.. هى "الصدمة" التى ستعيد وهج الثورة والهيبة للميادين.. ولتصحيح "الأخطاء" فالتجربة علمتنا أن المكاسب لم تأتِ إلا كلما قال الشارع كلمته.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 38 مشاهدة
نشرت فى 3 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

325,531