محمود سلطان | 23-03-2012 19:19

العنوان الأكبر والأبرز ـ هذه الأيام ـ هو تنامى ظاهرة الانقسامات، داخل الجماعات السياسية الكبيرة: الإخوان، السلفيون ، الليبراليون، اليساريون، ائتلافات الثورة, والفلول أيضًا.

الظاهرة ليست مقلقة؛ فهى ثمرة طبيعية للزلزال السياسى الكبير الذى تشهده مصر منذ 25 يناير 2011.. وما خلّفه من منظومة قيم جديدة، خففت القيود عن طاقات التمرد التى ظلت مقموعة على مدى ستة عقود مضت.

رفع الوصاية الأمينة عن المجتمع السياسى المصرى، ساعد على "تحرر" الرغبات المكبوتة داخل الأطر التنظيمية فى التخلى عن "التنظيم" والتحول إلى أشكال أكثر رحابة وحداثة وتقدمًا والتى تجلت فى "الهجرات" المدهشة داخل التيار الإسلامى "المنظم" والتحول من ثقافة "الجماعات" إلى الانخراط فى "الأحزاب".. والمشاركة فى الحياة العامة ودخول البرلمانات والتنافس على المقعد الرئاسى.

زلزال الثورة.. شطر الحركات السياسية على اتساعها وتنوّعها.. كما أن رحاب الدولة "الأوسع" من "ضيق" التنظيم.. أفرز حالات جدل عنيفة تطورت إلى نزعات "تمرد" على ثقافة "السمع والطاعة" وأحدثت انقلابًا كبيرًا، فيما استقر من ثوابت بشأن مبدأ "الولاء" وجدل العلاقة بين "الدولة" و"التنظيم"، ولأيهما يكون الولاء مقدمًا على الآخر.. وهى الظاهرة التى اُختصر أهم تجلياتها فى انقسام الرأى العام الإخوانى والسلفى حول مرشحى الرئاسة.

البعض يعتبر هذا الانقسام "عيب" و"عورة" أو "فضيحة" يجب سترها .. أو إنكار وجودها، وهو اعتقاد موروث من تقاليد تنظيمية وقمعية قديمة تعود إلى ما قبل ثورة الاتصالات والسموات المفتوحة، ترفض الخلاف والتنوع وتتعاطى مع "الجماعة" أو "التنظيم" أو "الحزب" وكأنه فريق كرة قدم يرتدى "تى شيرت" بلون واحد.

الانقسام الحالى ظاهرة طبيعية، والمشكلة لا تتعلق بها، وإنما بطريقة إدارة "الانقسام" وإبداع حلول تحيله من "أزمة" إلى "رحمة".. ولما كانت الظاهرة تشمل غالبية مكونات المجتمع السياسى المصرى، فإن فكرة "التوافق" لم تعد حصرًا على "الرئيس" القادم.. وإنما صيغة لتسوية الانقسامات بالتوافق على رؤى تحفظ للجماعات السياسية وَحدتها وللمجتمع ككل هدوءه واستقراره وأمنه وسلامه.

"التوافق" حل "استثنائى" لمرحلة "استثنائية"، ويمكن أن يكون خبرة جديدة تضاف إلى التراث السياسى، وإلى الذاكرة التاريخية المصرية، ويمكن استدعاؤه والاستفادة منه حال تعرضت البلاد لتجربة مشابهة.

نريد أن نحفظ هذا المصطلح من محاولات الإساءة إليه.. وصوْنه من وضعه كمقابل لفظى للتواطؤ، بكل حمولته المسيئة والمقززة؛ لأن بعض القوى والتيارات التى تضررت كثيرًا من الثورة أو من نتائج الانتخابات البرلمانية.. لا تريد إلا أن تراوح مصر مكانها عند مربع الاضطرابات السياسية والقلق الاجتماعى والأمنى، وهى التى تقف وراء تلك الحملة التى نالت كثيرًا من فكرة "التوافق" ليقينها بأنه الأنسب وليس الأفضل، لتأمين عملية نقل السلطة، ولن تدخر جهدًا فى إجهاض أى اجتهاد جديد لصالح الاستقرار.

[email protected]

 

اشتراكك في خدمة أخبار المصريون العاجلة على الموبايل يصلك بالأحداث على مدار الساعة

لمشتركي فودافون : أرسل حرفي mo إلى 9999 ـ الاشتراك 30 قرشا لليوم
لمشتركي اتصالات : أرسل mes إلى 1666 ـ الاشتراك 47 قرشا لكل يومين (23.5 قرشا لليوم)

 

 

اضف تعليقك
الاسم :

عنوان التعليق:

التعليق:

أرسل التعليق

تعليقات حول الموضوع

التوافق الحقيقى

ام عمر | 24-03-2012 19:35

ان تنقاد الاحزاب بكافه انواعها الى مايريده الشعب فالشعب اختار الاسلام فى المجلسين ويريد الاسلام الواضح فى الرئيس ايضا وليس هذا افتكاس من عندى سمعت من احد اذناب امن الدوله ان الشيخ حازم جمع 5 مليون توقيع فماذا يعنى ذلك

 

 

التوافق ... ودرة عمررضي الله عنه .. للقد كتبت مقالة ( أين درتك يا ابن الخطاب ) لبيان ما تحقق فى عصر الخلافة الراشدة بعد موت أبى بكر الصديق ، وكيف توافق الراشدون الستة على تولية عثمان ..

دكتور / عبد العزيز أبو مندور -- توافقوا ، ثم أخذت له البيعة من الأمة جميعها أفرادا وجماعات ؛ عامة المسلمين وخاصتهم ، فقط مطلوب وضع شروط فارقة فى اختيار رئيس الدولة | 24-03-2012 17:03

ولكن - وليس فى يدنا حيلة من مقص الرقيب على مقالاتنا التى لا نبتغى عليها إلا الأجر والصواب ، فلسنا لا من مرشحى النقابات ولا من مرشحى الأحزاب ولا من مرشحى الرئاسة ، ولا من مرشحى لجنة المئة ، ولا نطمح لمنصب أو جاه أو مال ، فكل شيئ يهون فى سبيل الحق والعدل والحرية وكرامة الإنسان بعامة والمصري بخاصة ، ... ( والله غالب على أمره )

 

 

اسفة هذه المرة الاحزاب هى التى يجب ان تنقاد الى رؤى الشعب والا انفصلت عنه و منيت بالفشل

م / آ مال | 24-03-2012 15:41

اسفة هذه المرة الاحزاب هى التى يجب ان تنقاد الى رؤى الشعب والا انفصلت عنه و منيت بالفشل ..وبالنسبة لى فالتوافق الذى اظن انك تعنية نتيجتة الحتمية اما ان تقف البلد محلك سر او التمزق والانهيار

 

 

نعم حكم سب الرسول هو القتل

عبد رب العالمين | 24-03-2012 13:38

و إن جهل الجاهلون أو أنكر الكارهون لدين رب العالمين

 

 

قواعد التوافق ولو اتفق الكبار لكانوا لمن هم اقل منهم قدوة

محمد رجب | 24-03-2012 11:31

ليس المهم هو التوافق بل الاهم بقدر ما هى قواعد التوافق , الحق والقوة . كما ان سبب الانقسامات هو عدم وجود اتفاق بين الكبار وقتها كانوا حسموا الموضوع ولكن لم يحسموا امرهم رجل جوة ورجل برة والكلام عن الجميع اخوان وسلفيين لقد عرفت الان لماذا ساد فى تاريخ مصر ان الانجازات تكون بقيادة غير مصرية وبأيدى مصرية لأنهم كانوا دائما لا يتفقوا .

 

 

ياأستاذ بتزعلو منى ومابتنشروش قلنا توافقى يعنى رئيس أهلاوى ويعشق الزمالك واسلامى ولكنه علمانى وبيعشق اللون البيج ويجيد فن مسك العصايه من النص . حضرتك بتبحث عى مذيع كوره خد مدحت شلبى

شعبان معوض | 24-03-2012 09:18

طيبا جبنا رئيس توافقى مع ان الاغلبيه الساحقه إسلاميه .لمن سيكون ولائه للاغلبيه ولا لمن أحضروه غصب عن عين الاغلبيه لان الاغلبيه أنتخبته تحت وطأه الاقليه ...أغلبيه جبانه لاتستحق أن تعيش حره ابيه ...حازمووووووووووووون ومستعدون للتضحيه بالولد والنفس والمال فى سبيل إعلاء كلمه الله وفى سبيل حريه أبنائنا واحفادنا

 

 

خ . أ

خ . أ | 24-03-2012 06:07

http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=110713

 

 

الظاهرة ليست مقلقة؛ فهى ثمرة طبيعية للزلزال السياسى الكبير الذى تشهده مصر

محمد يوسف عدس | 24-03-2012 03:19

أوافقك تماما على أن فكرة "التوافق" قد أصبحت صيغةمناسبة لتسوية الانقسامات والقبول المتبادل برؤى مشتركة تحفظ للجماعات السياسية وحدتها وللمجتمع هدوءه واستقراره وأمنه وسلامته.. وأضيف إلى هذا أن التوافق ليس بدعة دخيلة على الديمقراطية ولا يتعارض مع الانتخابات الحرة.. بارك الله فى قلمك ووفقك إلى خير الفكر وخير العمل

 

 

لسنا قصر أوفاقدي الرشد،لاوصاية على ثوارأحرار،لاللتوافق،نعم للإختيارالحر،في وطن ثرنا لنجعله حر!سالم القطامي

سالم القطامي | 24-03-2012 02:41

لسنا قصر أوفاقدي الرشد،لاوصاية على ثوارأحرار،لاللتوافق،نعم للإختيارالحر،في وطن ثرنا لنجعله حر!سالم القطامي

 

 

الاستاذ نصار يقول سب الرسولِ العقوبة الشرعية المقررة لمثل هذا الفعل هى القتل

م/ يحيى هاشم -- [email protected] | 24-03-2012 00:46

يا استاذ محمود هل سلمتم جريدتكم للفكر الارهابى؟ هل قرأت ما كتب الاستاذ نصار اليوم؟ الدعوة لدولة تقتل رعاياها لكلمة يقولونها قد تؤؤل على غير موضعها او تأتى فى مناقشة أو استفزاز؟ هذا شيء فى منتهى الخطورة ععلى مصر بأكملها

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

304,263