وا إسلاماه بين الصليب والتتار(المغول) { الفصل الثانى } نصرٌ وشهادة

انشغل السلطان بنبوءة المُنَجِّم،فيفرح حيناً ويغتمُّ حيناً،ثم يُعزِّى نفسَهُ ببقاءِ المُلْكِ فى بيته.حتى تكون هزيمة التتار الكبرى على يدِ أحدِ أبنائه،ولم يكن الأمير بأقلَ من السلطان انشغالاً بالنبوءة،فأفضى إلى زوجته جهان خاتون فشاركته الخوف لِما تعْلمُ من طِباع أخيها لكنها أخفت خوْفَها،وتحقق ما كان يخشاهُ الأمير ممدود،فقد تغيَّر جلالُ الدين حين بُشِّرَ بالأنثى وظل وجهه مُسْوَداً وهو كظيم،وأحب أن يرى الوليدَ فذهبَ إلى قصر أخته ليطمئنَ على صِحتها،فلما وقع نظرُهُ على وليدها تغَيَّر وجْهُهُ،فقرأتْ أخته فى عينه الغدْرَ ولمْ تتكلَّم.فقال الأمير ممدود:إنه ابنك وأشبه الناس بك لقد نزعَ إليكم يا آل خوارزم شاه.فى كل شىء.فتكلَّف السلطان الابتسام والكلام ومَسَحَ بيده على خدِّ الطفل:[هذا الذى سيهزمُ التتار]فبَدَرَهُ ممدود قائلاً: فى ركابِ خالِهِ وخِدْمَتِهِ إن شاء الله.قال السلطان:[بل يرثُ الملكَ عنى] فقال الأمير: معاذ الله أن يرث مُلْكك إلاَّ ابنك الأمير بدر الدين بعد عُمْرٍ مدِيدٍ إن شاء الله.فقال السلطان: لم يقُلْ المُنَجِّمُ أنَّ بدْرَ الدين هو مَنْ يهزمُ التتارَ.فقال ممدود: إنَّ المُنَجِّمَ أحْقَرُ من أنْ يعْرفَ الغيْبَ يا مولاى..فشعر السلطان بشىءٍ من الخجل لارتيابه بطفل وليد لا ذنبَ له، ومن عين أخته النفساء المُسْتعْطِفة، فقبَّل جبينَ أُخْتِهِ وهو يُغالبُ عبْرَةً ترقرقت من عينيه فأجابته أخته جهان خاتون بدموع تنهمرُ من عينيها.

جاءت الأنباءُ بدخول التتار. مَرْو.وسيْرهم إلى نيْسابُور.فأعملوا فى أهلها السيفَ ومَلكوها.وأنهم سائرون إلى. هراة. فخرخ جلال الدين فى ستين ألفاً حتى لقى طلائعَ التتار دون. هراة. التى حاصرها التتار عشرة أيام حتى ملكوها. وتقدَّموا إلى.غِزْنة. فقاتلهم جلال الدين قِتالاً عظيما حتى هزمهم وقتل منهم خلْقاً كثيراً. وبعث السلطان إلى أهل. هَراة. يُبَشِّرُهُم بانكسار التتار. فخرج الناسُ وتنادوا بأن الله قد بعث خوارزم شاة حيًّا من قبْره، فوثبوا على حامية التتار، لكن فلولَ التتار عادت وانتقموا من أهل. هَراة. قتلاً وتنكيلاً وإحراقا ونهباً وتخريباً. وطاردهم جلال الدين، فأجْلاهم عن. هَراة. ثم تعَقَّبَهم إلى حُدود. الطالقان. التى اتخذها جنكيزخان قاعدة جديدة بعد. سمرقند. واكتفى جلال الدين بهذا النصر ليُريح جيشه ويُعدَ جيوشاً أخرى استعدادا جديدا لِمُلاقاةِ التتار. فعاد إلى غزْنة بعد أن ترك حامياتٍ قوية. وعاد الأمير ممدود جريحا محمولاً على مَحَفَّة بعد أن أبْلى بلاءً حسنا وأبْدى بطولاتٍ رائعةً وركِبَ أعظمَ الأخطار. فحزن جلال الدين واهتم بعلاجه كأحسن ما يكون. لكن ممدود أحس الموت يدْنو منه فطلب السلطان جلال الدين وأوصاة:[يا ابن عمى هذه أختك جهان خاتون وهذا ابنك محمود، فأوْلِهما عطفك ورعايتك، واذكرنى بخير. فبكى جلال الدين وبكت أخته وكان ممدود ينظر إليْهما وإلى الطفل الرضيع وظل يُرَدد الشهادتين حتى بلغ الكتاب أجَلَه فمات شهيداً فى سبيل الله ولم يتجاوز الثلاثين من عمره.

وفتَّ(أضْعَفَ) موتُ الأمير ممدود فى عَضُدِ(قوَّةِ) جلال الدين لفقده هذا الركن من أركان دوْلته،كان يثق فى إخلاصه ونصْحِهِ. فرَعاهُ بعد موْته فى أهله وولده وضمَهُما إلى كنفه واعتبر محمود كابنه يُحِبُهُ ويُدلِلُهُ ويحمِلُهُ إلى صَدْره كما يحملُ ابنته جهاد. فقد كان لا يطيق صبرا عن رؤيتهما. ونشأ الطفلان محمود و جهاد فى بيتٍ واحدٍ يحبوان معا ويلعبان معا ويتمرنان على المشى معا ، فإذا وقعت جهاد أسرع محمود ليساعدها على النهوض. فتقول الوالدتان:[ أيُقَدَّر لهُما أن يكون أحدهما للآخر!!]

فماذا تُخبئ الأقدار. عبد القدوس عبد السلام العبد.موبايل 01092255676

المصدر: كتاب وا إسلاماه للأستاذ ( على أحمد باكثير )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 141 مشاهدة
نشرت فى 17 فبراير 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,664