وما الطير إلا نائحٌ يشتكى الضنى ** وآخرُ من فرط السعادة صدَّاح
وما العيش إلا دمعة وابتســـــامة ** وما الدهر إلا أمسيات وأصباح
تمرست بالدنيا فكل الذى بهــــــا ** جراح وأفراح وخسران وأرباح 

 قُطوفٌ من هامش السيرة { الفصل الثامن } تحكيم النار

قال الحَبْران( من بنى يهود ): واسأل نفسك كيف دانت(خضعت) لك الأرضُ وملوكُها؟.وكيف استعصت(امتنعت) عليك مدينة يثرب الصغيرة؟. فقال الملك: لم أجد لذلك جوابا ـ فقال أحد الحَبْرين:إنّ( اللهَ ) يمنعُهم ومدينتَهم(يحميهم) منك لأمرٍ قضاه. قال الملك: وما الله؟ وأين يكون؟ وكيف يشاء؟ وهل لكما أن تدُلانى عليه؟ فعرّفاه بالله وعلماهُ الدينَ اليهودىّ.ثم قرأا صُحُفا من التوْراة. فَلانَ قلبُ الملكِ وكُشِفَ عنه الغطاءُ فقال: علِّمانى علمَكُما وأرشدانى ماذا أصنعُ مع قوْمِكُما. قال الحبران:الرأى أن تترك القوْمَ ويثربَ لأنّ الله قد إدّخرهم و مدينتهم لنصرة نبىٍّ يأتى فى آخر الزمان ويخرج من هذا الصْوْب(الجهة) نجِدُهُ مكتوبا عندنا(وأشارا جهة مكة) ـ يمكُرُ به قوْمُهُ ويكيدون له ويخرجونه فيأوى إلى هذا البلد فيجد فيه النصر والعزة والقوة وينشرُ دينه فيها فيملأ الأرضَ كلها.

ثم أخبراه: أن قوْما من هُذَيْل فى مكة سيُغْرِيانِه بهدم بيتٍ لله فيها.ويزعُمون أنّ فيهِ كُنوزا. وحذّراهُ أن يصدّقهم أو يقتربَ من البيت بسوء.وقالا اذهب إليه فعَظِمهُ وطُفْ به سبْعا وامنح أهله العطف والبرّ. فطلب منهما أن يصحباه ليعلم علمهما. وليكونا وزيرين له.وانصرف الملك بجيشه إلى مكة. وقُرْبَ مكة أقبل قوْمٌ من هُذَيْل وحدث منهم كل ما أخبر به الحبران. فطلب الملك من قوم هُذَيْل أن يتقدموا معه إلى البيت وأن يكونوا أولَ من يعمل فى هدم هذا البيت. فخافوا وفزعوا ثم عذبهم الملك فاعترفوا بالحقيقة..أنّ للبيت حُرْمَةً وأنّ الله يُهْلِكُ كُلَّ من أراده بسوء. فعفا الملك عتهم ليعْفُوَ الله عنه. فاستحسن الحبران عفوَ الملك عنهم. ودخل الملك مكة خاشعا مُنيبا فطاف بالبيت سبعا تعظيما له.ونَحَرَ وأطعم الناس ثم أشار عليه الحبران أن يكسوَ البيتَ حريرا ودِيباجا وأن يُزَيِنَهُ بالذهب والفضة والجوْهر.

ارتحل الملكُ إلى اليمن، وسبقه من يخبرُ الناس أنّ الملكَ تـُبـَّعَ قد صبأ وترك دين اليمن. فتجَهّزَ سادة اليمن وحِمْيَر من ( الأقيال والأذواء ) لردِّ هذا الدين الجديد الذى جاءهم من يثرب. ومنعوا الملك من دخول اليمن. فنصح الحبران الملك أن يختصم( يحتكمَ ) وقومهُ إلى نارهم التى يقدّسونها فاختصموا إليها جميعا. وأقبل الأقيال والأذواء فى عَدَدِهم وعُدَتِهم وزينتهم وسلاحهم وأوثانهم وأصنامهم ـ وأقبل الملك والحبران بمصاحف التوْراة ـ {وكانت نارهم لا تُرى ولا تُحسّ من بعيد} إنها تُجيبُ إذا دُعِيَتْ. وتخرجُ إذا نودِيَتْ. فلما دنوا( اقتربوا) من فم الغار الذى كانت تُقيمُ فيه النار دعوا وأطالوا الدعاء وألحّوا فى النداء ـ وإذا دُخانٌ كثيف يخرجُ من فم الغار كأنه السهم ثم يتسع كثيفا حتى يحجُبَ الشمسَ ويكاد يأخذ الأنفاسَ وحِمْيَر تتقهقر كُلّما ألحّ عليها الدخان ــ والملك والحبران ثابتون لا يجدون ألما ولا ضُرّاً. حتى إذا صوْتٌ يُسْمعُ كأنه فحيحُ الحيّات(الأفاعى) ثمَّ يعْظُمُ. فلما دنا من فوْهة الغار. فإذا زفيرٌ وشهيق ثم لهبٌ يندلعُ من الغار. فيحيط بكلّ شىء ويلتهم كلّ شىء. وحِمْيَرُ جادة فى الهرب وقد تركت أوثانها وأصنامَها وزينتها وسلاحَها والنار تتبعُهم. ثم أخذت النار تتراجع شيئا فشيئا حتى تختفى كأنّ الغار قد أطبق عليها شفتيه ـ

ثم أشرقت الشمسُ وصفا الجوُّ والملك والحبران قائمون فى مكانهم لم  يُصبْهُم أذى ولم يمسسهم ضُرّ ـ ثم تثوب( ترجع) حِمْيَرُ إلى عقلها وتذعن(تطيع وتسمع) إلى ملكها ـ هنالك هادت(دخلت فى اليهودية) حمير وآمنت للملك والحبرين. ومنذ ذلك اليوم استقرّ فى بلاد اليمن كتابٌ من كتب السماء .

** كان نور الإيمان الذى أشرق فى قلب الملك تُبَّع قد جعله يدرك أن رب البيت هو رب الناس ورب النار وربُّ كل شىء, وأنه قادر على أن ينصر الحق والدين الذى يدعو قومه من أهل اليمن إليه, وأن يبطل الباطل والوثنية التى هم فيها, , كما أدرك أن وهم النار المقدسة من حِيَل وأكاذيب  الدهاقين ( مفردها دهقان وهو من يقوم على خدمة النار فى الوثنية والمجوسية ) المتاجرين بالدين فى كل زمان ,فاحتكم معهم إلى النار التى هى من جند الله تأتمر بأمره الذى لا مردَّ له. فانتصرت النار لدين الملك , وأبطلت الباطل والوثنية التى كانت تُعْبَد من دون الله.وتُغيَّبُ بها عقول الناس من أجل الهِبات والهدايا والقرابين ( مفردها قربان ) فانظر بفهمك هل يبعد وهم النار المقدسة عن وهم حِيَلِ وأكاذيب  الجماعات المتاجرة بالدين فى زماننا  لتعطيل عقول الناس وتجريدهم من الفهم  من أجل ملء جيوبهم بالثروة وبطونهم بالشهوة وأنوفهم بالسُّلْطة من خلال دجلٍ سياسى مخلوطٍ بدجلٍ باسم الدين!؟*(لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب!!) 

 عبد القدوس عبد السلام العبد. موبايل 01092255676  ت0472712574

 

 

 

 

 

وما الطير إلا نائحٌ يشتكى الضنى ** وآخرُ من فرط السعادة صدَّاح
وما العيش إلا دمعة وابتســـــامة ** وما الدهر إلا أمسيات وأصباح
تمرست بالدنيا فكل الذى بهــــــا ** جراح وأفراح وخسران وأرباح

 

 

وما الطير إلا نائحٌ يشتكى الضنى ** وآخرُ من فرط السعادة صدَّاح
وما العيش إلا دمعة وابتســـــامة ** وما الدهر إلا أمسيات وأصباح
تمرست بالدنيا فكل الذى بهــــــا ** جراح وأفراح وخسران وأرباح

المصدر: كتاب على هامش السيرة ( د / طه حسين )**إضافات عبد القدوس عبد السلام العبد*
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 176 مشاهدة
نشرت فى 4 يناير 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,662