قُطوف من هامش السيرة { الفصل الثانى } حفر زمزم ـ الماء ـ

كلا ياأبتِ إنما أرى ذهبا وسلاحاً. فيقول عبد المطلب: لم أوعد بذهبٍ ولا سلاح ،وإنما وُعدتُ بالماء لسقى الحجيج . إنَّ وراء هذا الأمر لسرا،وبعد الغذاء استخرج عبد المطلب غزالين من ذهبٍ نقىٍ ثقيل ـ وسيوفا ودروعا من ذهب خالص. ويرتفع صوتهما بالتكبير. فيُقْبِلُ القوم شبابا وشيوخا{ ثم يختلف القوم لمن يكون الكنز } فيقول عبد المطلب: ما ينبغى أن يكون الكنز لأحد حتى نستشير الآلهة، ونسأل الكُهّان ـ فحُمل الكنز إلى الكعبة وبدأ الكاهن يضرب القِداح بين قريشٍ والكعبة فتخرجُ القداح للكعبة ثلاثا. فيقول عبد المطلب: لقد ظهر قضاء الله، وهذا الذهب سيُضْربُ صفائح على باب الكعبة. وأمّا السيوف فستُعلّقُ عليها . وأما الدُّروع فسَتُدّخرُ فى خزائنها . ولكن ذلك كله سُرِقَ بعد ذلك ـ                                           ثم أخذ ابنه وعادا إلى الحفر بحثا عن الماء. وفى المساء عاد عبد المطلب إلى أهله محزونا مكدودا، فعاتبته سمراء على ترك الذهب للكعبة. فقال لها: لقد أمرنى الطائف أن أحتفر ووعدنى أن أجد الماء لأسقى الحجيج ... وليس الذهب . فإن كنتِ غاضبة فعودى إلى أهلك . فتحوّل غضبها إلى دموعٍ غِلاظ تحدّرتْ على خدّيْها كأنها لؤلؤ العقد خانه النظام . واستمرّ عبد المطلب فى الحفر . وأخيرا ارتفع صوْتُهُ بالتكبير وهو يصيح: هذا طَوىّ إسماعيل. هذه بئر زمزم!! هذه سقاية الحاج . لقد صدق الوعدُ وتحقق الأمل .

وحاول القوم أن يغلبوه على الماء . فقال لقد حفرت بأمر من السماء. وإن الذى أمرنى باستخراج الماء سيحمينى من كيدكم وظلمكم إنكم تستضعفوننى ـ لأننى أبو ولدٍ واحد ـ وإنى أقسم: لأن رزقنى الله من  الولد عشرة ذكورا أراهم بين يدىّ لأُضّحّينّ له بواحد . { فغضبت له وتعصبت لنصرته بنو عبد مناف} فاحتكموا جميعا إلى كاهنة بنى سعد هُذيْم فى مَعان بطريق الشام. فلا يعرفون أبصر منها بمواقع الحكم .

رحل عبد المطلب فى عشرين من بنى عبد مناف وعشرين من قريش مع قافلة الشام فى طريقهم إلى كاهنة بنى سعد هُذَيْم فى معان بطريق الشام. حتى طال بهم السَّفر ونفذ الزاد والماء وأشرفوا على الهلاك. ويئسوا من النجاة. وأدركوا أنهم هالكون. فأجمعوا رأيهم أن يحفر كلٌ منهم لنفسه حُفْرة تكون له قبرا.

فينهض عبد المطلب وهو يقول: ما أعجزكم تُلْقون بأنفسكم إلى الموت وفيكم بقية من قوة وفى إبِلِكم قُدرةٌ على الحركة . لا والله ما أنا بمسلمٍ نفسى للموت. فلعلّ الله أن يجد لكم من هذا الضّيق فرجا . فإذا هو يُكبِّرُ بأعلى صوْته فقد انفجرت عينٌ غزيرة تحت خُفِّ الراحلة  وإذا الماء يفور ـ فينْقع غُلّة الأرض والقوم والإبل ( يروى ظمأهم ) فقالت رُسُلُ قريش لعبد المطلب عُدْ بنا يا شيبة ( وهذه شهرته وهو اسمه عند ولادته ) إلى مكة فإن الذى أسقاك فى هذه الصحراء وأنقذنا من الهلاك هو الذى أسقاك فى مكة . وساق إليك ما تسقى به الحجيج.

أقبل البشير على سمراء بقدوم زوجها ففرحت وحزنت لأنها أدركت أن زوجها يريد كثرة الولد . . وأى نساء قريش تمتنع عليه؟ . . ثم أشرقت شمس الغد على عبد المطلب وهو يسعى إلى عمرو بن عائذ المخزومى ليخطب إليه فاطمة ـ وهى أمُّ جماعة من ولده منهم { عبد الله } الذبيح.. والد الرسول الأعظم ... حبيبى يا رسول الله ...

فى اللقاء التالى نكمل بإذن الله ...   عبد القدوس عبد السلام العبد ــ . موبايل   01092255676

المصدر: كتاب على هامش السيرة ( د / طه حسين )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 381 مشاهدة
نشرت فى 1 يناير 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,656