SmallRuminants Development

تنمية المجترات الصغيرة

authentication required
الأب وقد نظر إلى ابنه بحنان: أريدك يا ولدي أن تخلفني في العيادة، فلاشك سيأتي علي وقت لن أستطيع العمل فيه. كريم متعجبًا: ولكن يا أبي هذا سابق لآوانه، فأنا لم أتجاوز الرابعة عشر من عمري، كما أنني لا أرغب في ممارسة مهنة الطب. الأب وقد نزل عليه الكلام كالصاعقة: ماذا تقول؟! أن تستطيع أن تكون طبيبًا عظيمًا، ثم من سيخلفني بعد أن أكبر في السن؟! كريم مدهوشًا: ولكن يا أبي، أنا لا أحب المواد العلمية، فأنا أحب التاريخ والجغرافيا. الأب في غضب: إنك لن تكون شيئًا إذا دخلت كلية أدبية، وإني أعرف أين مصلحتك، ولا يحق لك أن تعصي أوامر والدك، ستكون طبيبًا مهما كانت الظروف. كريم في حسرة: حسنًا...... ثم ذهب كريم إلى غرفته حزينًا وهو يفكر، وأغلق باب الغرفة. الفروق الفردية: لقد خلق الله كل إنسان وأودع فيه القدرات والإمكانيات المتميزة، فالناس ليسوا كلهم في قالب واحد، ولذلك نجد تعدد المهن في المجتمع، فهذا طبيب، وهذا مهندس، وذاك مدرس، وآخر أديب، وهكذا نجد تعدد المجالات لتعدد المواهب والإمكانيات، فلابد أن تعلم أيها الوالد الحبيب أن ابنك ليس أنت، وما وهبه الله لك من إمكانيات، قد لا يكون عند ولدك، وما حباه الله لك من ميول، من الممكن أن يكون ولدك لا يميل إليها. (إن أقدم حديث عرفه الإنسان هو حديث الأجيال، وهو عندما يأخذ طابع الحوار بين عقول الآباء الناضجة، وقلوب الأبناء المتفتحة، ومن قلوب الآباء المغمورة بالحب إلى عقول الأبناء المستعدة للفهم، عندها يصل حديث الأجيال بطرفي الآباء والأبناء إلى بر الأمان، وهو عندما يأخذ طابع الحوار بين عقول الآباء الناضجة، وقلوب الأبناء المتفتحة، ومن قلوب الآباء المغمورة بالحب إلى عقول، أما حين يأخذ هذا الحديث طابع الأوامر العلوية الأبوية المطلقة، والنظرة الاستصغارية فإنه يتحول إلى صراع بين العقول المسيطرة المنغلقة للآباء، والعقول التابعة المتحجرة للأبناء، ومن القلوب القاسية الشديدة للآباء إلى العقول الرافضة للفهم للأبناء، ومن ثم فإنه لا يوصِّل إلا إلى المجهول) [اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري، ص (463)]. ولذا فإن الطبيعة الإنسانية مختلفة، وكل قفل له مفتاحه، وكل عقل له ما يثير اهتمامه، (فلكل إنسان طبيعته المستقلة، لاشك أن شخصية الإنسان بالغة التفرد، فهي لا تشبه في أفعالها وصفاته أي شخصية أخرى) [علم النفس الدعوي، عبد العزيز النغيمشي، ص (316)]. لا تقتل ولدك: أريد أن أسألك بعض الأسئلة: هل يوجد أب صحيح العقل والنفس، يمكن أن يُمسك بسكين ثم يقوم بغرسها في صدر ولده؟ إذا قام والد بطعن ابنه وقتله، فهل يرى ذلك الوالد أنه بذلك لم يقتل ابنه، وإنما كان يمزح معه؟ بعضنا يعرف قصة الدب الذي كان يحرس الإنسان، وحينما وقفت الذبابة على رأس هذا الرجل، أراد الدب بحسن نيته أن يزيح تلك الذبابة من على رأس صاحبه، فقام بإحضار صخرة كبيرة فقام برميها على رأس هذا الرجل، فخرَّ صريعًا، هل كان الدب يقصد أن يقتل صاحبه؟ إن من الممكن جدًا أيها الوالد أن تقتل ولدك من دون أن تشعر وتظن أنك تفعل ما فيه مصلحة ابنك، وذلك حينما تقوم بقتل إبداع ولدك وإمكاناته، فلاشك أن كل مربٍ يحب أن يكون أبناؤه مبدعين ومتفوقين بل ومتميزين أيضًا، ولكن هناك فرق شاسع بين المحبة والإرادة. إن الأشخاص الذين يتمتعون بالإبداع، يتميزون بأنهم لا يقبلون كل ما يسمعونه، ولكن يحاولون بشتى الطرق البحث عن وسائل لتقييمه والبحث عن تناقضاته، فلا يمكن أن يبدع أبناؤنا ما دام عندهم خوف وعدم حرية (ذلك أن الخائف ينكمش بدل أن يبدع، ولذا فإن استخدام الأبوين للتخويف والزجر يحبط القوى المبدعة للابن، ويصبح مآلها إلى الضمور، كما أن إهانته وتوبيخه، وتيئيسه من التفوق، يؤدي إلى النتيجة نفسها، حيث ينصرف اهتمام الابن عن إبصار كل نقاط التفوق لديه، لينشغل بكيفية حماية نفسه من الإهانة. كما أن الحرية ـ غير المطلقة ـ أيضًا شرط مهم للإبداع، لأن كثرة القيود المفروضة على الابن تجعله متوجسًا من كل فعل وكل كلمة) [بناء الأجيال، د.عبد الكريم بكار، ص(81-82)]. ونجد في الواقع أن بعض الآباء يكون في غاية القسوة على أبنائه فتجده يسيطر عليهم بكل ما أُوتي من قوة، فكل لحظة من لحظات حياة الولد تكون مملوكة للأب (وكأنه يرتدي جلد الابن، فيفرغ شخصيته، فيصبح الابن بلا تميُّز، إن السيطرة ضرورية بلا جدال، ولكن بشرط أن نترك للابن فرصة جيدة لتكون له شخصيته الخاصة به لئلا يصبح شخصًا متسلطًا في الكبر، فمساحة السيطرة الأبوية يجب أن تكون ضيقة ومتميزة حتى تتيح للأبناء فرصة تكوين شخصية خاصة وذوق راق وإبداع فعَّال) [تربية الأبناء في الزمن الصعب، د. سبوك، ص(155)]. رفقًا بالصغار: عن أنس بن مالك قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا، ولي أخ صغير يكني أبا عمير، وكان له نغر يلعب به فمات، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فرآه حزينًا، فقال: ما شأنه؟ قالوا: مات نغره، فقال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (4969)]. فتأمل أيها المربي الفاضل كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم رحيمًا بالأطفال، يرفق بحالهم، فأبو عمير، حزين لأن طائره قد مات، فانظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو يرفق بحال هذا الطفل، ويعطف عليه، أفلا يكون حري بنا أن نكون رفقاء بأبنائنا ونحن نُعلمهم ونوجههم، فقد كان عليه الصلاة والسلام أرفق الخلق مع الناس، فلولا هذه الرحمة و الشفقة، لذهب الناس من حوله {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]. (أي: برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وترققت عليهم، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك. {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا} أي: سيئ الخلق {غَلِيظَ الْقَلْبِ} أي: قاسيه، {لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ. فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين، تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص، والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص، فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟! أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، الاقتداء بأخلاقه الكريمة، ومعاملة الناس بما يعاملهم به صلى الله عليه وسلم، من اللين وحسن الخلق والتأليف، امتثالا لأمر الله، وجذبا لعباد الله لدين الله) [تفسير السعدي، (1/154)]. إن من أهم الأشياء الواجب على الوالد فعلها هو أن يكون رحيمًا بأولاده محبًا لهم مراعيًا لقدراتهم، فالابن في صغره يحتاج إلى من يعطف عليه، ويرفق به، ويعامله بلطف (وقد وجه الإسلام إلى حسن المعاملة مع كل الناس ولا سيما الأقربين فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90]. وقال سبحانه وتعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة: 83]، وفي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي عنه عليه الصلاة والسلام: (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (4941)]، من حسن معاملة الأولاد مخاطبتهم بأطيب الكلام وملاطفتهم في الحديث، ومن حسن معاملتهم غرس الثقة في نفوسهم وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن رغباتهم وطموحاتهم وإشعارهم بأهميتهم كأعضاء صالحين في دائرة الأسرة والمجتمع) [كيف نربي أبناءنا تربية صالحة، حمد حسن رقيط، ص(27)]. وقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تحض على الرحمة بالأبناء: فهاهو النبي صلى الله عليه وسلم، يبرأ ممن لا يرحم الصغير، فقال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا) [صححه الألباني في صحيح الجامع، (5444)]. ـ ويقول عليه الصلاة والسلام مادحًا الأب الذي يعطف على ولده ويعامله بلطف: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل ومعه صبي فجعل يضمه إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أترحمه، قال: نعم، قال: فالله ارحم بك منك به وهو أرحم الراحمين) [صححه الألباني في الأدب المفرد، (377)]. ـ وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم أن حتى الذي لا يُقبل أبناؤه قد نُزعت من قلبه الرحمة والشفقة، فعن عائشة قالت: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟) [متفق عليه]. ماذا بعد الكلام؟ ـ عليك أن تُعامل ولدك بالإمكانيات التي خلقها الله فيه، فلابد أن تعلم ما يميل إليه ولدك وتسعى إلى تنميته (فمن الأمور التي يجب أن يدركها المربون جيدًا، وأن يهتموا بها، ويوجهوا نظرهم إليها، معرفة ما يميل إليه الولد من صنائع، وما يناسبه من أعمال وما ينشده في الحياة من آمال وأهداف) [تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، ص(931)]. ـ أطلق عنان الإبداع لدى طفلك، وقم بتنمية قدراته العقلية، عن طريق ألعاب الذكاء والذاكرة. ـ لا تكن قاسيًا في معاملتك لابنك، وعامله برفق كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
المصدر: موقع مفكرة الاسلام . تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان. كيف نربي أبناءنا تربية صالحة، حمد حسن رقيط. اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري. · تربية الأبناء في الزمن الصعب، د. سبوك. بناء الأجيال، عبد الكريم بكار. ·علم النفس الدعوي، عبد العزيز النغيمشي. تفسير السعدي.
YasserTawakol

ياسر توكل

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 253 مشاهدة
نشرت فى 8 فبراير 2011 بواسطة YasserTawakol

ساحة النقاش

yasser tawakol abd_ellatif mo7ammd

YasserTawakol
العقاب العربى
»

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

596,125