بغداد يا عــروس الــمجدِ
***
بــغدادُ طــيفُكِ فــي الأحداقِ يعتكفُ
يــكــادُ يــقتلُني الــتهيامُ و الــشغفُ
***
قــد بــاتَ حــبُّكِ كالأنفاسِ في رئتي
مـــعَ الــشهيقِ رذاذاً راحَ يُــرتشفُ
***
يــاأمَّ هــارونَ أخــفيتُ الهوى زمناً
والــيومَ جــئتُ بــهذا الحبُ أعترفُ
***
مــاعدتُ أقوى على كَتْمِ الهوى أبداً
إنْ مــرَّ ذكــرُكِ كادَ القلبُ ينخطفُ
***
صــهيلُ حــبكِ لــمْ يَــهجعْ بأوردتي
كــأنَّ نــارَ الغضا مرَّتْ بِها عُصُفُ
***
جــمالُ عــينيكِ يــابغدادُ يــسحرني
لــقدْ تَــغَنَّتْ بــهاالأخبارُ والصحفُ
***
كــلُّ الــعراقِ أصــيلٌ فــي عــراقته
فــي كــلِّ قِطعةِ أرضٍ تَبْرُزُ التحفُ
***
كركوكُ والموصلُ الحدباءُ تَأسرُني
تــكريتُ والــحلةُ الــفيحاءُ والنجفُ
***
وفــي الــحويجةِ أهــلٌ كــلُّهُمْ شَــمَمٌ
مــاصَانَعُوا حاكِماً يوماً ولا ازْدلَفُوا
***
هــلْ ألــتقيكِ ويَروَى القلبُ مِنْ ظمإٍ
وهــلْ ســتجمعُنا الأقدارُ و الصّدفُ
***
لــقــدْ أضــعناكِ يــابغدادُ وا أســفي
بــعدَ الــضياعِ بــماذا يــنفعُ الأسفُ
***
إنَّ الــحُسَافةَ في الأرجاءِ قد كثُرتْ
مــتــى الــحُسَافةُ يــابغدادُ تــنجرفُ
***
مــتى سيذهبُ عنكِ الزيفُ مرتحلاً
ومــا تــبقّى مــن الأدرانِ يــنشطفُ
***
ويــنــتهي الــشرُّ لا ظِــلٌّ ولا أثَــرٌ
ويــرحلُ الــحَيفُ والأوغادُ والجِيفُ
***
قــد طــالَ نــومُكِ والأحوالُ مخزيةٌ
ونالَ من صيدكِ الطاعونُ والأَزَفُ
***
حــانَ الــنهوضُ فهبّي مثلَ عاصِفةٍ
فــينجلي الــليلُ والأغباشُ والسَّدَفُ
***
وتشرقُ الشمسُ في الأرجاءِ ساطعةً
لابُـــدَّ لــلــغَمَّةِ الــســوداءِ تــنكشفُ
***
يــاقلعةٌ فــي مــهبِّ الــريحِ صامدةٌ
مــا هــزَّها سَــقَمٌ يــوماً ولا شَظَفُ
***
هي الأساسُ ومَنْ مرّوا بِها عَرَضٌ
لابُــدَّ لــلعارضِ الــمنبوذِ يــنصرفُ
***
ودجــلةُ الــخيرِ كالشّريانِ في جَسدٍ
لــكــلِّ نــاحــيةٍ جَــدبــاءَ يــنــحرفُ
***
وصــوتهُ الــعذبُ كالألحانِ من وترٍ
إذا تــغنَّى يــميسُ الــنخلُ والــسَعَفُ
***
كــأنَّ زريابَ في قصرِ الرشيدِ شدا
لــصوتهِ طَــرِبَ السُّمَّار ُ وانعطفوا
***
دارُ الــسلامِ مُــذِ الــمنصورُ أنشأها
كــأنَّها الــسّيفُ فــي وجهِ العدا تقفُ
***
كــشوكةٍ في حُلُوقِ الكاشحينَ غَدتْ
مــامرَّ ذكــرٌ لــها إلّا وقــد رجــفوا
***
خــيولُ مــعتصمٍ فــي الكرخِ صافنةٌ
والصيدُ ناطرةٌ في الصَّفِّ ترتصفُ
***
حــيّا الــهمامُ جــيوشَ الفتحِ مبتهجاً
والــعزُّ يــتبعُهُ والــفخر ُو الــشَّرفُ
***
وصــاحَ لــبَّيكِ يــا أخــتاهُ وانتظري
مِــنَّا الــزحوفَ لرأسِ الشرِّ تقتطفُ
***
من يومِ ذي قارَ والأسيافُ مُشْرَعةٌ
فــالغدرُ شــيمتُهمْ والــطّبْعُ يــختلفُ
***
مــن يومِ ذي قارَ باتَ الحِقدُ يسكنُهمْ
مــاراقَهُمْ أنَّ فــيهِ الــعُرْبُ تنتصفُ
***
لَــمْ يَــرْعَوِا الــقَوْمُ مِنْ أسلافِهمْ أبداً
فــي الــقادسيةِ ريشَ الكِبْرِ قَدْ نتفوا
***
لكنْ مَضُوا وهَوى الشيطانِ يَدْفَعُهُمْ
نــحوَ الهلاكِ غَواهُ الكِبْرُ و الصَّلَفُ
***
فــفــاجــأتْهُ بــــضــربٍ مــاتــوقّعهُ
وبــاءَ مِــنها بــكأسِ الــسّمِّ يــغْتَرفُ
***
والأحــمقُ الــغِرُّ والأحــقادُ تــدفعُه
أتــى بــجمعٍ مِــن الأوغــادِ يــأتلِفُ
***
قــدْ ضَــمَّ كــلَّ صَــفيقٍ تــافهٍ حَــنقٍ
وكـــلَّ لــصٍ ولــلإجرامِ يــحترفُ
***
لاشــــيءَ يــجــمعُهمْ إلّا نَــذالــتَهمْ
عــن كــلِّ مكرمةٍ بيضاءَ قدْ عَزَفوا
***
وغــابَ عــن ذهــنهِ مِنْ أنّنا عَرَبٌ
نــظــلُّ بــالــعزةِ الــقعساءِ نــتصفُ
***
إنّ الــشــهادةَ بــعــضٌ مــن ثــقافتِنا
مــضى على نهجها الأبناءُ والسلفُ
***
يـــادرَّةَ الــعُرْبِ يــانبراسَ عــزتِهم
لــكمْ تــغنوا بــذاكَ الــمجدُ كم هتفوا
***
فــهي الأبــيّةُ دومــاً فــي تَصَوُّرِهم
مــنها الــوفاءُ لــكلِّ العربِ قد ألفوا
***
مــتى ســتخلعُ ثــوبَ الحزنِ غاليتي
وبــالبياضِ عــروسُ الــمجدِ تلتحفُ
***
عبدالناصر عليوي العبيدي