رحلةُ معتمر
بالبِشرِ عصرًا أتى من رُفْـقَـتـي الـخَبــَرُ
نادَوا تَأَهَّبْ ففي إِصْباحِنا السَّـفَـرُ
نـَزورُ بَـكَّــةَ كي نَـهنَــا بـِعُـمْـرَتِـنــا
من بهجتي قد نأى عن كاهلي الضجر
تـَطاولَ اللَّيلُ حـتّى صِـرتُ أنكرُهُ
كـأَنَّ لَـيـلي مَسِيخٌ مـا لـَـهُ سَـحـَرُ
يـا صبحُ أَسـفِرْ فـقـد فاضَت مشاعرُنا
قُلوبـُنــا من لَـظَـى الأَشـواقِ تَـســتَعِـرُ
تُـقْــنــا لِطَـيـْـبـَةَ فالـبدرُ المُــنـيرُ بــهــا
والـصَّحبُ, مـنهـا أريجُ المِسكِ ينتشرُ
تِـلْـقَـاءَ مَدْيَـنَ طِرنـا والـمُــنَـى شَمَخَت
والروحُ جَـذلـى كَـمـن يَـنـتابُهـا سَـكَــرُ
عندَ الـضُّـحَى سـاقَ ركـبُنــا بِنـا وَلِــهًــا
كـالـخَيـلِ تَـعـدو إلى فَــتـحٍ وتَنــتَصِـرُ
وحيـنَ صِرنـا على أعتـابِ مَـدخَـلِـهـا
راحَ البُكـا من مآقـي الـجـمـعِ يَـنهَـمِـرُ
لَمَّــا وقَـفتُ أمـامَ المُـصطَـفى نَفَحَت
ريـحٌ تَـــأَرَّجَ مِـنـهـــا عَــابـِــقٌ عـَـطِــرُ
صوَّرتُ رَسْـمَ شَفيعِ الخَلقِ في خَلَدي
كَــأَنَّـه ُ نَــجــمَـةُ الإِصْـبــاحِ أَو قَــمَــرُ
يـا قـاطِـنَ الــقبَّـةِ الـخضراءِ مـعـذرةً
يا ليـتَ سَـمعي جَـنى ما رامَ والبصَرُ
وسـارَ مَركَـبُـنـا يَرجـو الــعُـلا طَـمَـعًـا
حِـجًّا إِلى البَيـتِ فهو الفَـوزُ والظـَفَرُ
والبــيـــتُ تـــلقـاهُ فـي زوَّارهِ فَـرِحــاً
كـذلــكـم مَــكَّــةُ والــرُكْــنُ والـحَـجَــرُ
نـِلْـنـا الأَمانـي وطُـفْـنـا حَـولَ كَعبـَتـِـهِ
نَــبْـغـي فَـلاحًا عساه الِــوِزرُ يُــغـتَفَـرُ
تـَبــارَكَ الـلَّـهُ مــا أَبــهــى جَــلالـَـتِــهــا
تـَــحَــارُ آلاءَهــا الأَبــصَــارُ والــفِــكَــرُ
رَشَـفـتُـهــا شُـربـَـةً مـا بـَـعـدَها ظَــمَــأٌ
مِــن مـَـاءِ زَمْـزَمَ لا أَسْـنٌ ولا كَــدَرُ
سَـعَيـتُ بين الـصَّـفــا والـمَـروِ هَـروَلـَةً
سَـبْـعًـا كَـهــاجَـرَ إِذ ْتـَسعَـى وتـَنـْعَـفِــرُ
يا مَـهبـَـطَ الـوَحي في غَــارٍ بـه نـَزَلَـت
آيــاتُ ذِكــرٍ ونـبـعُ الــعِـلــمِ يَـنــفَــجــرُ
لـَبــُّـوا نِـــداءً مـن الـرَحـمَــنِ مـَـنــبـعُـهُ
فَـإنَّــهُ مُـــلـهـِـمٌ تَـــسْـعـى بـِـهِ السِــيَــرُ
يا مَـنْ غَــفِـلــتَ أَداءَ الـحَــجِّ مُـعـتـَذِرًا
إِنْ كُـنــتَ مُـقــتَـدِراً لا يَـنــفَــعُ الــعُـذرُ
فالـنَّـفـــسُ تَــحيــا بـنَـفـحٍ مُــدٌّهُ الأثَــرُ
كـالأرضِ تَـربــو إذا مـا حَـفَّـهـا الـمَـطَـرُ
جمال اسدي