الوَاقِعُ الهَزْلِيُّ ..
.....................
أَقُومُ اللَّيلَ مَهْمُومَاً أُعَانِي
وَأَسْرَحُ فِي تَصَارِيفِ الزَّمَانِ
أَمَا نَحْيَاهُ حَقٌّ ؟ أَمْ خَيَالٌ ؟
فَتَأْتِينِي الإجَابَةُ فِي ثَوَانِ
نَعَمْ فَالوَاقِعُ الهَزْلِيُّ جَدٌّ
فَأَبْشِرْ بِالمَذَلَّةِ وَالهَوَانِ
غَدَرْنَا بِالنَّبِيهِ وَكُلِّ شَهْمٍ
وَجِئْنَا بِالسَّفِيهِ وَبِالجَّبَانِ
تَرَكْنَا خَيلَنَا العَرَبِيَّ عَمْدَاً
لِنَحْظَى بِالبِغَالِ وَبِالأَتَانِ
تَخَلَّينَا عَنِ الأَرْقَى أُصُولَاً
فَفَضْلَنَا الحِمَارَ عَلَى الحِصَانِ
هَجَرْنَا العِلْمَ وَالتَّعْلِيمَ حَتَّى
غَدَونَا مِثْلَ مَأْجُورٍ مُهَانِ
فَنَسْتَجْدِي دَوَاءً أَو غِذَاءً
وَصَارَ بَقَاؤُنَا أَسْمَى الأَمَانِي
نُغَيِّبُ وَعْيَنَا بِشِرَاءِ وَهْمٍ
وَنَلْهَثُ خَلْفَ نِسْوَانٍ حِسَانِ
نُبِيحُ الفُحْشَ مِنْ غَيرِ اكْتِرَاثٍ
وَنَهْزَأُ بِالتَّحَشُّمِ والخِتَانِ
نُكَذِّبُ كُلَّ مُأْتَمَنٍ صَدُوقٍ
وَنَسْمَعُ إفْكَ مَطْلُوقِ اللِّسَانِ
وَنَسْخَرُ مِنْ عَفِيفَاتٍ وَنُعْلِي
مَقَامَ المُومِسَاتِ أَو الغَوَانِي
وَنُقْصِي كُلَّ ذِي خُلُقٍ وَدِينٍ
وَنَنْظُرُ لِلْحُثَالَةِ بِامْتِنَانِ
نُنَدِّدُ بِالعُدُولِ وَنَذْدَرِيهِمْ
لِيُمْسِكَ مَنْ تَجَبَّرَ بِالعِنَانِ
نُوَقِّرُ كُلَّ ذِي جَاهٍ وَمَالٍ
وَنَحْتَقِرُ التَّقِيَّ بِلَا تَوَانِ
نُدِينُ المُخْلِصِينَ بِغَيرِ ذَنْبٍ
وَنَلْتَمِسُ البَرَاءَةَ لِلْمُدَانِ
وَنََتَّخِذُ العَدَوَّ لَنَا وَلِيَّاً
وَنَكْفُرُ بِالأُخُوَّةِ والكَيَانِ
نُغَيِّرُ شَرْعَنَا مِنْ أَجْلِ رَأْيٍ
لِمَخْلُوقٍ تُرَابِيٍّ وَفَانِ
وَلَا نُصْغِي لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ
حَوَى كُلَّ البَلَاغَةِ وَالبَيَانِ
كَأَنَّ الغَثَّ قَدْ أَضْحَى سَمِينَاً
وَتَاهَتْ فِي مَعَاجِمِنَا المَعَانِي
فَهَذَا حَالُنَا مِنْ غَيرِ شَكٍّ
وَقَدْ أَضْحَى جَلِيَّاً لِلْعَيَانِ
لِمَاذَا نَحْنُ مُنْتَظِرُونَ خَيرَاً
وَنَحْلُمُ بِالسَّعَادَةِ والجِنَانِ ؟
فَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَالٌ كَهَذِي
سَيَفْنَى مُسْرِعَا قَبْلَ الأَوَانِ
لِذَا أَقْسَمْتُ بِالمَولَى تَعَالَى
وَبِالقُرْآنِ وَالسَّبْعِ المَثَانِي
إذَا لَمْ تَنْدَمُوا نَدَمَا صَرِيحَاً
عَلَى مَا قَدْ مَضَى فِي كُلِّ آنِ
فَلَنْ تَجِدُوا لِمِحْنَتِكُمْ خَلَاصَاً
فَتُوبُوا لِلْمُعِينِ المُسْتَعَانِ
إلَهِ الكَونِ مُصْلِحِ كُلِّ أَمْرٍ
عَظِيمِ الشَّأْنِ مَضْمُونِ الحَنَانِ
فَنُبدِي كُلَّ إخْلَاصٍ وَقُرْبٍ
لِنَشْعُرَ بِالسَّكِينَةِ وَالأَمَانِ
هُنَا نَحْيَا بِعِزٍّ وَافْتِخَارٍ
وَيَبْلُغُ قَدْرُنَا أَعْلَى مَكَانِ
فَلَا نَخْشَى ظَلُومَاً أَو جَهُولَاً
وَنَرْجِعُ للْمُرُوءَةِ وَالتَّفَانِي
يَهُونُ الصَّعْبُ فِي شَتَّى المَنَاحِي
وَيَأْتِي الخَيرُ مِنْ غَيرِ امْتَهَانِ
لنَهْزِمَ كُلَّ جَبَّارٍ عَتِيٍّ
وَنُظْهِرَ بَأْسَنَا وَقْتَ الطِّعَانِ
#الشاعر_أحمد_نصر