قصيدة : " نَشِيـــدُ الحَـيَــاةِ "
يَعْتَلِي الذّئْبُ في دِيارِنَا المِنْبَــرَ
يَجُوسُ بِأنْيَابِهِ خلال الأفْئِدَة
يَزِيدُهَـا كَمَــدًا و عُسُـــرَا..
تَفُوحُ مِنْ تُخُومِ المَدِينة رائحةُ المَوْتِ
تَنْعَقُ الغِرْبــانُ في كٌلّ مكــــان
تُنْذِرُ بالفَنـــاء..
مَدِينَتُنا النّائمة على شاطئ الصّمْتِ
تُلَمْلِمُ ما تَشَظَّى منْ أصْدافِهـا
الّتي بَعْثَرَتْها يَدُ الرّدَى
تَكْنُسُ ما خَلّفَتْهُ شَظَايَا الخِيانة
من حَمِيمِ الجَــــوَى
يَكْتَوِي بها الثّائِرُونَ
في الهَزيعِ الأخيرِ مِنْ لَيْلِ الأسَــى..
وَطَنِي ظَـامِئٌ
يَرُومُ ضِفَـافَ العِشْقِ
في المَوَاسِمِ العِجَــاف
يَؤُوبُ بلا ارْتِـــواء
حَمَامُ المُهَجِ قَدْ أنْهَكَهُ النَّـوَى
أضْنَــاهُ الشّجَــــا..
يَتَفَحّصُ وٌجُوهَ العُشّاقِ
في الفَجْرِ الزّنِيــم
لاَ يَرَى في عُيُونِها
سِوَى رَمَادِ الضِّيـــاء
تَسْقُطُ الأقنِعةُ
كالثّورِ على وَقْعِ الهزيمة النّكْراء
يَتَراقَصُ البَرِيقُ في العُيُون
يَبْحَثُ عن عُصْفُورٍ
يَطِيرُ بآمالِها إلى أبْعَدِ مَــدَى..
لكن هيْهــات هيْهات
فَقَدْ لَفَحَتْهَا رِياحُ الكِبْرِيـاء
لَوّثَتْ صَفاءَها الطّوائِفُ
شَتَّتَتْ أحْلامَهَا الأهْوَاء..
ما الجُرْحُ إلاّ وَرْدَةٌ
قَدْ تَفَتّحَتْ في دَمِ الشّهِيـد
يَشْتَمُّ شَمْسَ اليَقِيــن
يَخْضَلُّ في الغُصْنِ الرّطِيب
يَسْتَمِيلُ الشّوْقَ في وهيجِ الوَعيـد..
يَفِيضُ نَهْرُ الحُرُوفِ فِيَّ
يَنْسَكِبُ دَفْقًا بيْن أضْلُعِي
يَقْتَادُنِي القَصِيدُ منّي إلَيَّ
أغْتَسِلُ طُهْرًا بِهَمِيمِ قَوافِيَّ
أتَبَتَّلُ في مِحْرابِ أمانِيَّ
أرَتِّلُ لَحْنَهَـــا السَّرْمَــدِيَّ
أقِيمُ صَـــلاَةَ عِشْقِ
أوقِّعُ نَشِيدَ الحَيـــــاة..
بِمِــــدَادِ : مُحمّـــد الخـــذري
ساحة النقاش