موعد مع الحياة.....................بقلم نادية صبح
ماعادت حليلة لى .......ظل يردد لنفسه هذه العبارة حتى يصدق أنه تحرر من اسرالوحدة والأحزان .........
وبرغم سنوات قضاها يعض اصابع الندم على زواجه بهذ ا الكيان الأنانى ، إلا انه كعادته وطبع الفارس النبيل المتأصل فيه ، عقد العزم على الا يُجرِّحِ سيرتها والا يشوه صورتها أمام الناس ليبرر إنفصاله عنها ، إكراماً لرباط مقدس جمع بينهما يوماً ........
لقد تغير نمط حياته وبرنامجه اليومى لكنه تغير للأفضل برغم عدم إجادته لكثير من أمور الخدمة المنزلية الا انه بمرور الوقت أجاد ونظم يومه بين عمله كمعلم للغة العربية واعمال المنزل وممارسة الهوايات التى طال هجره لها ، وأهمها الكتابة الأدبية ........
كم سخرت زوجته السابقة من موهبته وسفهَّت من إعجاب قرائه به ، برغم ملامح الموهبة الحقيقية التى تجلت فى كلماته وافكاره وطرحه ، الا أن القحط العاطفى والإنسانى الذى فرضته على حياتهما قد أجدب لديه الرغبة فى الإبداع ، مما جعله يهجر قلمه فى كثير من الأوقات ، لكنه يستعيد رغبته وقدرته على نثر اللآلئ على السطور لتزين صفحات الجريدة التى ترحب دوماً بكتاباته لتكون نافذته إلى عقول وقلوب الكثيرين ومنهم تلك القارئة التى دأبت على تتبع كل ماينشره حتى فوجئ بها ذات يوم تهاتفه وتطلب لقاءه فى الجريدة لأمر هام .....
بات ليلته يفكر فى هذا الامر الهام الذى يمكن ان يكون محور حديثه معها خاصة وان كلماتها معه حملت الكثير من الثناء والتقدير لموهبته ، ولقد تعجل الذهاب للجريدة بعد انتهاء عمله كمعلم للغة العربية فى أحد المدارس لينتظرها فى الموعد المحدد ليفاجأ بامرأة غاية فى الحسن والأناقة والرقى تطلب مقابلته ......
بادر باستقبالها بترحاب يليق بهذه الحسناء التى تثير الفضول لمعرفة من هى ؟......
بدا الحديث بينهما ببعض الإطراء على كتاباته ليعرف منها انها ابنة أحد اصحاب دور النشر التى تديرها مع والدها وانها من المتابعات لأعماله وانها تعرض عليه طبع ونشر اول مجموعة قصصية له إيماناً منها بصدق موهبته وأصالة إبداعه.....
رحب بهذا العرض الذى ماحلم بمثله بهذا اليسر ، لتتعدد لقاءاتهما لإختيار مجموعة القصص التى ستكون باكورة كتبه ، وقد شاركته إختيارها باعتبارها قارئة ومتابعة لأعماله فى الجريدة التى اعتاد النشر الأسبوعى بها ، كما أنها قارئة دؤوبة ومحبة للأعمال الأدبية حتى ولو لم تكن لديها موهبة الكتابة......
صدر له اول كتاب بشكل يرضيه وقد حظى بدعاية جيدة قدمته بصورة مشرفة للحقل الأدبى ،لكن المكسب الحقيقى لهذا الأمر كان تعرفه بها وتعامله القريب منها ، ليعلم ويوقن أن للملائكة ظلال على الأرض فى صورة بشر ......
ان النموذج النسائى فى حياته كان بائساً وكفيلاً بان ينفره من أى تاء تأنيث فى الكون !!!!!!!!
لكنه يجد ضالته فى هذه الفتاة التى تمثل مزيجاً دسماً من المزايا التى قد لا تجد بسهولة كفؤها الذى يقدر كمالها قبل جمالها .......
لكن خبرته بالحياة وتجربته السابقة علمته ان جمال الملامح الذى قد يخفى قبح الجوهر لا يلبث ان يزول ليظل القبح هو السمة الغالبة على حياة أشبه ماتكون بحياة أهل القبور .....
كل يوم وكل لقاء يجمعه بها يوثق لديه ولديها الإحساس بان كل منهما هو ضالة الآخر الذى عاش ماسبق من حياته ليلقاها ....
كان اسمها حياة ، وكانت بالنسبة له إسماً ومعنىً يعيشه ويشعره...،،،..
وكان اليوم الذى صارحها باحساسه وحبه لها ورغبته فى ان يستكمل حياته معها ، ليأتيه الرد بالترحاب والمصارحه بانها احبته على الورق حتى قبل أن تلقاه !!!!!!
وبدأت الحياة الجديدة بسعادة لا تنقضى وشوق بينهما يتجدد ليعلم ان الحياة قد تذهلنا بعطائها ، وان ما فات من عمره ماهو الا فترة إنتظار حتى يحين موعده معها ومع الحياة التى طالما حلم بها ......
علم اخيراً لماذا لم يحتمل آدم الجنة دون حواء ؟ 
لكن أية حواء ؟؟
حواء الحنونة ........حواءالأنثى كما اراد لها خالقها........ حواء الإحتواء والعطاء ...... حواء الطفلة حين يتطلب الأمر الطفولة ......حواء الحكمة والراى والرؤية وقتما يتطلب الأمر عونها .....حواء الحياة ....وهل حياة بدونها ؟؟؟؟
عندما كانت تفتقده وتبثه أشواقها فى الهاتف إذا تأخر عنها كان يتذكر كم أهملته ونأت عنه زوجته السابقة .....
عندما كانت تتحرى رضاه فى كل امورها حتى فى الوان ملابسها كان تقفز الى مخيلته تلك الحدة التى كانت تتلقى بها زوجته السابقة اي راى او توجيه حول مظهرها المتكلف تكلفاً مبالغاً فيه حد التجاوز ، كم كانت قاسية أنانية تعيش داخل نفسها لنفسها ، كم كانت بخيلة حتى بالكلمة الطيبة او حتى بالإبتسامة ، لكنها كانت كالريح المرسلة فى تعنيفه وتكديره والحط من قدره ، كيف استطاعت ان تصبح جمرة يتعذب بقربها حتى اصبح من الصعب عليه أن يتخيلها بين يديه مما زاد من الهوة بينهما حتى وصلت الأمور للا عودة ......
أصبح يومه الآن يبدأ بصوت ملائكى يداعب أذنيه قبل عينيه لتمطره بقبلات الصباح حتى يندم ان قد فارقها حين استرسل فى نومه !!!!؛؛
ماهذا .........ايمكن ان تجتمع فى أمراة واحدة كل النساء ؟؟؟؟؟؟
تلك الحسناء ، التى لا تملها عيناى ولا تسأم صوتها اذناى ، وكأنها احدى الحور التى اشرقت على دنياى لتملأها بهجة ونوراً...
فهى زوجة وحبيبة وراعية بما يفوق امنيات العاشق فى محبوبته.... 
وهى سيدة اعمال من الطراز الأول لتصبح الذراع الأيمن لأبيها فى إدارة وتشغيل دار النشر التى يملكها.......
وهى مكتبة ثقافية متنقلة بحكم عملها وميولها الشخصية ، ولقد أضافت كثيراً لمساره الأدبى حتى حقق فى فترة وجيزة ماكان يحتاج منه لأعوام ليصبح أديباً ذا شهرة وأسلوب يميزه ....
وهى الأنثى التى تستطيع تفجير براكين شوق دائم لها لا يهدأ ولا يُمَلّ........
أصبح ينهل من نهر عذبٍ فرات ، بعد ان تجرع لسنواتٍ ملحاً أُجاجاً مزق قلبه الماً وحسرة ......
كان يكفيه من الدنيا ان يرى بعينيها بريقاً يزيدها القاً عندما يقرا عليها ماسطرته يداه وكأنه اهداها اثمن الهدايا ......
كان يشتعل شوقاً إليها إذا تأخر احدهما فى عمله ، وكان لا يعرف له النوم طريقاً إذا ألمَّ بها حزناً او المأً حتى لو حرصت على إخفاء كل مايمكن ان يزعجه او يشتت أفكاره وتركيزه .....
علم اخيراً ان للحياة وجه آخر .........
وجهٌ قد يكون الجنة على الأرض ، بعدما عاش جحيمه على الأرض أيضاً ، ولكنه كان ممن منحته الأقدار فرصة اخرى ، لكنها فرصة ترخص امامها كل مامضى من عذابات وجراح......

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 7 أكتوبر 2016 بواسطة WWWkolElkhwater

مجلة كل الخواطر

WWWkolElkhwater
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

497,448