سقط الكلام
قصة قصيرة
في الفترة الوجيزة من الهدوء الذي تخلل القصف وفيما كنا نتكور على ذواتنا كالمستهلكات تنتظر قرار 
إتلافها انتابني إحباط مطلق وأنا أسترجع تفاصيل الإعصار الفذ في إنجازاته،المبهم في تفاصيل نشوءه،وأصل إلى نتائج لا تتماهى مع مقدمات روجنا لها بإخلاص وتفاني منقطع النظير!! 
نتراكض من حين لآخر باحثين عن أقبية تحتوينا،أو نتزاحم تحت سفرة درج آملين أن تذود عنا الهلاك،ولا نجد وقتا"نلتقط فيه أنفاسنا!!
لطالما تذمرنا من الأقبية التي نجتهد الآن في التودد إليها!
يلعلع الرصاص مجددا" وتنهال القذائف من كل صوب ،مزيدا"من الوافدين إلى المكان..
نساء ملامحن الوحيدة الهلع! أطفال يتراكضون داخلين 
بلا حذر.. قطة ضالة!! حتى الرجال توقفوا الآن عن التحليلات الاستراتيجية وانشغلوا بالمخاوف التي تتراكم 
في المكان!! 
كل التعريفات الفذة لحقوق الإنسان والقوانين والأعراف الدولية تتساقط في هذه اللحظات لتحل محلها الأدعية 
الجبارة وصرخات التوسل وعبارات الرجاء!! 
شظية ماكرة تتسلل إلى المكان وتستقر في جبين طفلة 
تناجز عامها الخامس.. تهادت الطفلة بصمت في حضن والدتها ،أسندتها إلى صدرها ،هزتها من كتفيها بقوة ،لكنها 
لا تستجيب...
تعالى الصراخ واندلع البكاء وحل الرعب في الكان. بدأت 
الأجساد تكتظ من حولي كالمقذوفات الفارغة ،تتقي بذواتها شبح الموت الذي بات يتنقل بحرية أكثر!! 
أعتقد أن أحدا"لن يرغب الآن بالإصغاء حتى للمبشرين!! 
انخرطت بين الأجساد التي تحاول اتقاء الهلاك.. الوقت يمر ببطءٍ شديد... فجأة دوى صوت انفجار هائل ،تعالت 
أصوات الهلع وارتفعت سحابة كثيفة من الغبار والدخان 
والأشلاء.. تحسست أطرافي فلم أعثر عليها ،بحثت عن صوت يؤازرني ففشلت... لقد سقط الصراخ ، سقط الكلام ،سقط كل شيء..!!
خالد طلال #