authentication required

سراب...........
************
.
يجتاح الصمت المطبق الأركان ، يسافر كل إلي عالمه ، تتعلق أنظارة بشاشته الأثيرة ، يهيم عبر القارات ، تختلط العواطف بالآمال ، والاحلام الهاربة في بوح شفيف ، لم يدركه غير الأثير، يبحثون عن ضالاتهم القابعة فوق النجوم والكواكب السيارة.
يعكف حلمي علي حاسوبه ، يسترجع ماضي سنوات عمره المسروق بحجرة مكتبه ، تباغته رجاء من آن لآخر بأطلالتها بكوب شاي ، تطمع بوصل حديث ، يشكرها ، ينكب علي لوحة المفاتيح بلا أكتراث ، يغوص بأعماق سحيقة مع عروس البحار ، يعبث بلؤلؤاتها وزمرداتها ، يشع وجهه ، وتزوغ عينيه المتفحصة.
.
تنتحي ركنًا بجوار أبنتها هيام ، السابحة علي شواطيء هاواي ، ترفعها ، تخفضها الامواج بأحضانه ، يردفها فارسها خلفه فوق صهوة جواده الأشهب ، يمرحان وسط أزهار البراري والغابات ، ينتهي بهما المقام فوق يخته الراسي علي الشاطي ، تمخر معه عباب البحار ، بلا بوصلة بين ماء ، سماء ، شفق ، نوارس تحوم ،تلتقط صورهم من كل الزوايا والاركان وهما بغيبوبة ، يعبان من كئوس مترعة.
.
تبرق ومضة حمراء لطلب صداقة ، يدفعها حب الاستطلاع ، تقبل، تتبعها رسالة شكر رقيقة علي الخاص ، تعيدها لسني مراهقتها ، مطاردات ابن الجيران ، ضحكاتها مع صديقاتها بتنوراتهن الرمادية ، ودفاترهن يخبئن فيها صدورهن النافرة ، يتسمعن لكلمات غزل الصبية خلفهن ، يبطئن خطواتهن ، يتحققن من الكلمات ، من ثم يسرعن بخجلهن....... ، تتردد في الإجابة....وتقرر ، تختار لأول مرة بحر إرادتها.
.
يرفع أدهم راسه ، يرمق أمه ، و هيام لحظات.... ، يعود لعالمه المفعم بالثراء ، والمغامرة بالعالم الجديد ، يحلم بجنسية سارة الغامضة ، بشعرها الاشقر ، قوامها الممشوق ، وثراء أبيها الفاحش، وسيارته الفيراري ، ومؤسساته التجارية العابرة للقارات.
.
ينكفيء أمير علي الارض فوق لوحه ، يتسابق بسيارته المنطلقة في جنون ، يعبر الفيافي ، يمر بمدن ، يعتلي تلال ، تلاحقة سيارات خصومه ، يتفاداها ، يصطدم ، يعيد تصحيح مسارة علي الطريق ، يمرق بعيدًا ، يلحق بمن سبقه ، يتقدم السباق ، لم يصل بعد للنهاية ، يعيد المحاولة من جديد.
.
تخيم أجواء الغربة ، برهبة أروقة متاحف الشمع الصماء ، بشخوصها ، تكاد تنطلق أرواحها ، تصرخ عيونها ، بلا صوت .
.
تتطلع التماثيل لبعضها البعض في أرتياب ، سخرية من بعضها ، تتطلع للهواء الطلق وسط دفء أنفاس رواد المقاهي ، المطاعم ، ضوضاء الشارع ، أصوات الباعة الجائلين ، ترحيب الساقي بالنزل ، مزاح المراهقين...مشاحنات الصغار ، تمردهم بأيدي آبائهم وسط الطريق ، صراخهم...
.
يأتلف حلمي باسرته حول مائدة نزل علي قارعة طريق الكورنيش ، يتأمل المارة ، يراهم روادًا من كوكب بعيد ، تملا رجاء رئتيها بالهواء المنعش المشبع باليود وتغمض عينيها تستدعي ذكريات قبلتها الاولي ...
.ترمق هيام بطرف خفي فتاة ، تتأبط ذراع خطيبها ، تتهادي ، لم تلبث ان ردتها بنظرة خاطفة معاتبة ، تشيح بوجهها ممتعضة.
.
يجول أدهم بنظراته حول المكان ، يتأمل الطاولات المجاورة ، يستحضر طيف سارة حبيس هاتفه...يلح عليه للتواصل.
.
تبدو الابتسامات تعلو الوجوه ، تنفك عقدة الألسنة ، يفرغ الجميع ما في جعبته من كلمات دفعة واحدة ، يبدو الأفلاس علي الألسنه ، تنضب القرائح...
يعود الصمت ، يبتعدون عن الطاوله ، يتحسس كل هاتفه الذكي ؛ يعود الي عالمه .
................................................( حسني الجنكوري ).
__________________
.
______________

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 5 أكتوبر 2015 بواسطة WWWkolElkhwater

مجلة كل الخواطر

WWWkolElkhwater
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

629,563