جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
سائقة التاكسى
قصة قصيرة
للشاعر والأديب رمضان عزوز
كانت المرة الاولى فى حياتى .. تلك التى أركب فيها تاكسى .. تقوده سيدة .. نعم كانت المرة الأولى.. عندما مددت يدى مشيرا إلى التاكسى القادم حتى يقف .. كى أستقله إلى موعدعمل .
عندما اقترب التاكسى منى وانحنيت قليلا كى اخبر سائقه بمكان ذهابى .. إذا بسيدة تجلس مكان السائق .. مرت لحظات قليلة .. كنت مندهشا
من الموقف فإذا بها تبادرنى كأنها فهمت ما يدور بخاطرى .. تفضل يا استاذ .. على فين ان شاء الله أنت ذاهب .. تفضل .
فتحت باب السيارة وأنا اقول لها مصر الجديدة ان شاء الله .. ميدان المحكمة .
كانت سيدة فى الأربعين من عمرها .. قسمات وجهها يبدوا عليها الجد
حضرتك مستغرب إن سيدة تعمل سائقة تاكسى .. قلت لها أبدا .. يمكن لأنها المرة الأولى التى اركب فيها مع سيدة تقود تاكسى .. قالت لى
أن هناك فى اسكندرية سيدات كثيرات تعملن بقيادة السيارات الاجرة واحيانا النصف نقل .
قالت تعرف يا استاذ انا اضطريت .. اعمل ايه .. زوجى توفى وترك لى طفلان وهذه السيارة هى كل ما نملكه والتاكسى كان مصدر رزقه الوحيد .. وعليه أقساط للبنك .
طيب ليه لم تبحثى عن سائق للتاكسى .. يووووه يا استاذ دا انا غلبت معاهم .. اللى بيسرق الايراد .. واللى عايز يتجوزنى .. واللى واللى
.. تعبت ولم اجد من يقدم يد المعونة لى ... الكل طمعان فى وفى التاكسى ..
اتعلمت السواقة وقلت اسوق بنفسى .. من اجل ان احافظ على الاولاد والسيارة .. واهو كله يهون من اجل تربية اولادى والمحافظة على مالهم .. ويتعلموا ويطلعوا دكاتره او مهندسين ..
إن شاء الله يا مدام ربنا يحقق لك كل امالك ..
تعرف ان كل اللى بيركبوا معايا سيدات وانسات .. الرجالة لسه مش مصدقين ان سيدة تعمل على تاكسى .. اكل العيش يا استاذ والحياة اصبحت صعبة ولازم نواجهها ..
ادينا وصلنا .. ايه رأى حضرتك باعرف اسوق ولا..
لا والله سائقة ماهرة ..
دا من ذوق حضرتك يا استاذ .. ياريت الناس تفهم كدا ..
هى الساعة كام معاك يا استاذ .. عشان ميعاد خروج الاولاد من المدرسة .. واعدى عليهم .
الساعة واحدة ..
يادوب الحق ..
فى رعاية الله ..
ونزلت من السيارة وانا افكر فى أمر هذه السيدة المكافحة بينما جارنا مراد ابن الخامسة والعشرين عاما والذى يقضى ليله يتسكع فى الشوارع والنواصى وينام طيلة نهاره بلا عمل ولا مسئولية ..
حقا دنيا غريبة ..
بقلمى .. رمضان عزوز
