جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
نظرة عن قرب (الحكمة الألهية )
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, بحث مختصر بقلم مهند طالب هاشم
يتسائل الكثيرون عن سبب وجود الظلم وصمت الله ؟ ويقال ايضا أن الله لا يتخلى عن عباده المؤمنين , ثم نلاحظ ان هؤلاء المؤمنون يتعرضون لأبشع الجرائم من قتل وحرق وغصب وأسر وهدر دماء بأبشع الصور من قبل متلبسين بالأسلام , الأسلام الذي أندس فيه العدو ليحارب الأسلام بأسم الأسلام , وما زال السؤال يراود هذا وذاك عن هذا الصمت الألهي الكبير الطويل , ما حدث في بورما لا نظير له ؟ ابادة بمنتهى القبح والظلم والعدوان , لا وصف لبشاعة الجرائم البورمية ؟ ثم نأتي للداعش وجرائمها في المسلمين , وما زال السؤال قائما ؟ أين الله ! ولماذا لا يفعل شيء , قبل أن نجيب على هذا السؤال لنقترب قليلا من العواطف والمشاعر التي هي من تحركنا نحو السؤال ؟ نجد في كتاب الفلسفة لأرسطو " الأخلاق الى نيقوماخوس " الذي تناول فيه الفضيلة الشخصية والحياة الطيبة , حيث تناول فيه ادارة الحياة العاطفية لدى الانسان وكيف تقودها بذكاء , اننا اذا مارسنا عواطفنا ممارسة صحيحة ستحوز الحكمة , فعواطفنا هي التي تقودنا وتقود تفكيرنا وقيمنا وبقاءنا , غير انها يمكن أن تخفق بكل سهولة , فمشكلتها في رأي أرسطو ليست في الحالة العاطفية ذاتها , لكن المشكلة في سلامة هذه العاطفة وكيفية التعبير عنها , ومن ثم فالسؤال هو : كيف يتحكم الذكاء بعواطفنا والاهتمام والتعاطف على حياتنا المجتمعية , علينا فهم هذا العالم وادراكه ومعرفة كيفية ربط الذكاء بالعاطفة , لان دخول الادراك الى مملكة المشاعر له تأثير مشابه للأثر الذي يتركه الملاحظ على مستوى الكمّ في الفيزياء الذي يؤدي الى تغيير فيما تم ملاحظته .
سؤال الى كل انسان . هل يملك الله هذه المشاعر والعواطف مثلنا ؟؟؟
ان هذه العواطف والمشاعر التي تُعلمنا الرفض والقبول والرضا والحنق والفرح والغضب والعجب والاندهاش وكل هذه الحواس وانفعالاتها ما هي الا مصنوعات جعلها الله فينا لاحظ رجاءاً " نسبةً " الى وضعنا الأنساني , أي ان فلسفة هذه الملاحظة مهمة جدا في حكمة الله ليدركها الأنسان , ليعلم ان مشاعره وعواطفه هي في المستوى الأول " انسانية " ذات حاجة انسانية تطلّبتها المرحلة التي يعيشها هذا الأنسان , لذلك غير ممكن ان يكون لله مشاعر وعواطف ليولد عنده منها الخوف والحرص والاهتمام , لكنه رحيم الدنيا ورحمن الآخرة , ومن هنا ندرك ان ما يجري من ظلم وقهر على الناس هو " مرحلي " عند الله , يعلم الله عزوجل اننا عجولين لا نحتمل وقع الأذى , وهو يعلم ان وقوع الأذى وراءه أجر عظيم وكبير , خير من كل العبادات والاعمال التي تقربنا اليه , وليس هنا يعني ان نرضخ للأذى ؟؟؟ لا اطلاقا علينا ان نحمي انفسنا ونحصنها ونجنبها وقوع الأذى , لكن لا أن نعاتب الله على تجلده وصمته لانه يرى ويسمع كل ما يجري من ظلم على الناس , فهو يخبرنا , ان ما يحدث على الأنسان من صنع الأنسان , وأنه لا يتدخل , لأنه منح الأنسان كل القوة الكافية لردع الظلم ودفعه وكل ما مطلوب منا هو التكاتف معا لان التكاتف يسقط اكبر قوى الشر ؟ لذلك هو لا يتدخل ويترك الأمر كما هو , اضافة الى ما أشرت سابقا ان هذه العواطف والمشاعر هي مصنوعات للأنسان حصرا بكل ما تحتويه من ادبيات واخلاقيات وانسانيات , يريد من عندنا ربنا ان نصنع الحياة الطيبة بأنفسنا , من خلال اجتماعنا وتكاتفنا لطرد وردّ الظلم ودفع الضيم والقهر عنا بأنفسنا , لاننا عرفنا وتعلمنا اننا نملك اقوى سلاح على هذا الكوكب وحتى اقوى من القنابل الذرية والنووية , الا وهو اتحاد وتكاتف الشعب لأسقاط اعتى ديكتاتور أو متجبر متكبر سفاح , فلما اننا تركنا هذه القوة , فكيف يتدخل الله ؟ وهو يريد ان يرى عالمه الذي صنعه وخلقه كيف يتدبر أمره , ثم ان الله عزوجل ذكر في القرآن الكريم آيات عديدة مثل هذه الأية ((ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿٥٥ آل عمران﴾).
من هذا الآية نعرف ان الله لا يتدخل الا لضرورات هو يراها موجبة لتدخله , والدليل انه لا يتدخل هذا المعنى ((ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ)) عبارة واضحة وصريحة تظهر رغبة الله بالحكم بعد (( ثُمَّ )) مهمة جدا هذه ال((ثُمَّ)) فهي تأتي بمعنى مستقبلي اي ان الامور ستجري ثم اتدخل ! ونلاحظ أيضا ((فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)) فاخبركم لماذا صمتَّ ولم اتدخل ولماذا حدث كذا وكذا , نفهم من ذلك ان الله سيخبرنا بكل شيء حدث من آدم الى يوم القيامة . الآية صريحة جدا وواضحة ولا تحتاج الى تأويل باطني .