جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قصة قصيرة
................العدالة المتأخرة
-------------------------------- بقلم مهند طال هاشم
اراد الاب ان يخفي امواله التي خصصها لولديه من زوجته الاولى المتوفاة كي لا تقع بيد زوجته الثانية الشرهة الطماعة التي تريد ان تحرم هذين الولدين بأي طريقة من أجل بنتها الوحيدة المدللة فأوصى لأحد الثقاة من أصدقائه بمكان سري في البيت مدفون فيه مال كثير مخصص لولديه وأوصى ان يسلم المال عندما يكبرا ويصيرا يافعين , كان صديقه رجل اربعيني العمر وهو ثقة وانسان يخاف الله , ان هذا الأب مريضا على وشك مغادرة الحياة , لم يكن يثق بالمصارف والبنوك على ما سمعه من احتيالات على اموال الاخرين وخصوصا زوجته التي كانت خبيرة في مسائل البنوك لكونها موظفة قديمة في المصرف وتعرف كل انواع الحيل لذلك لم يودع المال في المصرف حرصا منه على حقوق ولديه الصغيرين , ولم يسعفه الحظ كثيرا حتى رحل الى ربه تاركا ارثه بيد زوجته وأرثٌ آخرٌ مخبأ في مكان سري في البيت تحت الأرض لا يعرفه سوى صديق الأب وكان أسمه نديم العطار , لم تكن زوجة الميت تحب صديق زوجها نديم العطار ولما توفي زوجها قطعت كل علاقتها معه وابعدته عن بيتها لانها تراه مهتم كثيرا بالولدين فازعجها كثيرا فتخلصت منه بتجاهله كلما يطرق البيت لا احد يفتح له الباب , وقد ازعج نديم ذلك كثيرا وعرف ان هنالك لعبة سوف تلعبها هذه الزوجة الحقيرة , بعد ان توفى الزوج قامت الزوجة بعد ثروتها وقررت الأنتقال من المنزل الى منزل آخر أكبر وأوسع فهي امرأة تحب التظاهر والتعالي والتفاخر وكانت هي وبنتها مهووستان بالحفلات ودعوة الاصدقاء للتباهي امامهم بالمال والحرية في التمتع بالحياة , حاول نديم العطار ان يشتري البيت من زوجة صديقه لكنها رفضت وعرضت عليه مبلغ كبير كي يعجز عن شراءه ورغم الضغوط والالحاح وتدخل المقربون اصرت على عدم بيع البيت لنديم , فعرض نديم بيته للبيع كي يستطيع شراء المنزل فاتفق مع شخص يثق به ان يشتري البيت منها ثم يسلمه له بعد الشراء ونجحت الخطة وباع نديم بيته واعطى المال لصديقه ليشتري البيت من زوجة صديقه المتوفي كي يحافظ على المال المخبوء فيه , بعد ان تم البيع لعب الشيطان برأس المشتري لينقلب ضد صديقه ويستحوذ على البيت , وهنا انصدم نديم العطار صدمة عظيمة فقد خسر بيته ومال اليتيمين معاً, وباءت بالفشل كل محاولات الاقناع من اجل استرجاع البيت ولم ينجح رغم تدخل الناس والمقربون فقد ادعى المشتري انه يطلب نديم العطار مالا وقد اخذ البيت مقابل الدين الذي برقبة نديم ؟ كان نديم يوصي اولاده بعدم ترك اليتيمين وان يصحباهما ويهتمان بهما في المدرسة , لكن عندما باعت الزوجة البيت وانتقلت لمكان اخر بعيد صعب على نديم رعاية اليتيمين من خلال اولاده , ثم الطامة الكبرى التي صدمه بها صديقه الذي انقلب عليه واستحوذ على البيت , فبقي نديم بدون بيت واستأجر منزلا في نفس المنطقة التي سكنتها زوجة صديقه المتوفي وسكن فيه مع عائلته وقد تعرض الى وعكة صحية بسبب خيانة صديقه له جعلته طريح الفراش وقام ابنه الكبير بتكفل معاش العائلة من محل ابيه من خلال ادارته وادارة شؤون العائلة وكان اسم هذا الابن البكر علي , كان علي على غرار ابيه انسانا صالحا طيبا ومؤمنا وصادقا , وقد كان يتابع امر اليتيمين من بعد ليطلع على احوالهما , كان لصديق ابيه المحتال الذي استولى على بيتهم بنت شابة فقرر ان يلعب لعبته بطريقته الخاصة وكان عنده احد اصدقائه شابا جميلا جدا أسمه محمد لكنه فقيراً وهو توأم روحه وصديق طفولته فشرح له الواقعة من الالف الى الياء وكيف ان هذا الرجل خدع اباه واستولى على بيتهم وطلب منه ان يتقرب من بنت صديق ابيه المحتال ويتودد لها فهي كانت البنت الوحيدة لذاك الرجل واتفقا على خطة لأسترجاع البيت , قام محمد بالتقرب منن تلك البنت والتودد لها حتى حظي بكسب قلبها خصوصا ان محمد كان جميلا فنجح في خطف قلبها وقد اتفق علي ومحمد ان يكون لقائهما سراً كي لا ينتبه صديق ابيه لعلاقتهما ويشك فيهما , وهكذا استطاع محمد ان يحتوي البنت ويجعلها تهيم به وبعد فترة طلبها محمد من ابيها فرفض في بداية الأمر لكون محمدٍ فقيرٍ لكنه فكر في شباب محمد وجماله وبنته التي تعشقه كثيرا , ثم وافق على ان يسكن محمد معهم في نفس البيت الذي ليس فيه احد سوى هو وزوجته وابنته , ووافق محمد بعد ان ادعى ان ذلك كبير عليه لكنه كان سعيدا بهذا المقترح من اجل اخيه وصديقه علي وهكذا تم الزواج لمحمد مع البنت , اما علي فقد اخبر اباه بما فعل وكيف انه وصل لهذا الخائن صديق ابيه فقال نديم العطار لولده ان البيت مجرد شيء والشيء الاخر هو سر لن يبوح به الا في الوقت المناسب انه سر اكبر من البيت وما يعنيه , وقد وعد ابنه علي ان سوف يخبره في وقت مناسب , بينما اليتيمين كانا مع زوجة ابيهم في قمة الألم والمعاناة والمرار , لقد اهملتهم زوجة ابيهم وجعلتهم كالخدم عندها وهي تقسوا عليهما اشد القسوة , الملفت للنظر ان جد اليتيمين وجدتهما يعيشان خارج البلاد ولا علم لهما بما يجري على حفيديهما من ألم وعذاب وذلة , من جانب اخر كان محمد يعيش مع زوجته في نفس بيت علي المغتصب وهو ينتظر من علي ان يخبره بما هو آت كي ينفذه , كان محمد يعرف ان زوجته لا ذنب لها فيما فعل ابوها , وهنا تأتِ الأيام ليكتشف محمد ان زوجته هي فتاة متبناة وليست ابنة هذا الرجل لكونه مريضاً بمرضا يمنعه من الاخصاب وقد اكتشف ذلك محمد من خلال خلاف صار في العائلة وتكتم على الموضوع بينهم واخبر علي بطبيعة القصة التي عرف تفاصيلها من خلال خلاف عائلي حدث بينهم , بعد سنوات صار اليتيمين يافعين بعمر الخامسة عشر والاخر اقل منه بسنة واحدة فقط , وقد كان علي يأمر اخوانه الاخرين بمتابعة هذين اليتيمين ومصاحبتهما كي يعرف اخبارهم عن قريب , اما زوجة ابا اليتيمين فقد زوجت ابنتها لرجل سكير يلعب القمار وقد كان يستنزف اموالها من خلال ابنتها التي اسكنت زوجها معها في نفس البيت مما استنزفهم وجعلهم في حالة يرثى لها ثم قررت البنت التخلص منه بطلاقها منه رغم انها لديها طفلة من هذا السكير المقامر , اما نديم العطار فقد أسر الى ابنه علي سر البيت ودله على مكان المال فيه , بينما كان صديق نديم العطار الخائن الذي استولى على البيت يعاني من مرض اصابه في دماغه وقعده مشلولاً طوال خمس سنوات وقرر السفر مع زوجته الى احدى الدول من اجل علاجه فتعرضا لحادثٍ أدى بحياتهما معاً فبقي البيت لمحمد وزوجته , وبعد فترة جسَّ محمد نبض زوجته ليعرف هل سوف تعيد البيت لنديم العطار لو عرفت ان البيت مغتصب وان اباها كان غاصبا ومحتالا لكنه اكتشف انها لا تهتم بالحلال او الحرام وان هكذا امرأة يصعب اقناعها باعادة الحق المغصوب , فلعب لعبته بان يهجرها ويبتعد عنها ويدعي انه يعشق اخرى , ولما عرفت زوجته به جن جنونها فقد كانت تحبه حبا جماً وهددته بحرق نفسها لو تزوج عليها فطلب منها ان تسجل البيت بأسمه ووعدها انه لن يتزوج عليها عندما تسجل البيت باسمه ولما حاولت معرفة السبب انكر عليها اي سبب فقد اخبرها انه يريد البيت باسمه لحاجة في نفسه وبعد مماطلة طويلة اقنعها وتنازلت عن ملكية البيت لمحمد وهنا ذهب محمد واخبر علي ان البيت باسمه الان وانه يريد اعادة بيت نديم العطار له فشكره علي على هذا العمل الطيب وبالفعل قاد محمد بتسجيل البيت باسم نديم العطار وتنازل عنه , وهنا فرح نديم العطار فرحا كبيرا فطلب منهم ان يدخلوه للبيت وكان معه محمد وزوجته وعلي ابنه فطلب منهم حفر مكان في البيت ليجدوا اموالا كبيرة مدفونة في صندوق وقال لهم هذه الاموال ليست لنا انها امانة من صديق عندي لاسلمها لوليه اليتيمين عندما يكبرا وقد بعت بيتي لاشتري هذا البيت من زوجة صديقي المتوفي لكنها رفضت كرها بي لاني اهتممت باليتيمين ولما اتفقت مع صديقي والد زوجة محمد فانه غدر بي واخذ البيت رغما عني واستولى عليه وهذا البيت الان بيتنا حلالا وشرعا اما والد زوجة محمد فقد اغتصبه منا وسوف يحاسبه الله على ما فعل بنا طوال هذه السنين وهو الان عند ربٍ عادلٍ لا يظلم مثقال ذرة , فشعرت زوجة محمد بالعار من ابيها رغم انها لو عرفت لما سلمت البيت حتى بمعرفتها انه مغصوب , ومن جهة اخرى فان اليتيمين بلغا سنة القانوني وكانا في حالة فقر سيئة فطلبهما نديم العطار واخبرهما بكل شيء عن المال وعن ابيهما وعن قصته معهم , فقام اليتيمين بشراء منزل لمحمد وزوجته .. منزلاً صغير وبسيط واعطيا مالا لنديم وابنه علي لكنهما رفضا بشدة , فاشتريا منزلا لهما وعاشا وتزوجا من ابنتي نديم العطار واكملا حياتهما بعد عناء وعذاب طوال حياتهما مع زوجة ابيهما الظالمة , بينما اختهما تزوجت من رجل يكبرها بعشرين سنة لتكون زوجة ثانية له واما امها فقد باعت البيت الذي تسكنه وذهب تسكن عن شقيقتها تحت طائلة العطف والشفقة , اما نديم العطار فقد انتقل الى ربه وهو مرتاح الضمير وراضٍ عن اولاده , بينما محمد اكمل حياته مع زوجته التي احبها حقيقة من خلال العشرة التي قضاها معها , اما نهاية القصة فهي تنتهي حيث ينتهي الظلم دائما ... حيث يأتي العدل متأخراً وتعاد الحقوق المضيعة , لكنه عدلٌ في كل الاحوال .