مجلة كل الخواطر:: تشكيلات هلاليه :: " بقلم الشاعر المبدع أ / احمد محمد الشاعر

‫#‏تشكيلات_هلالية‬ 🌙

ترتسم عيناها علي جدران مرسمي ٬عشقا تائها .. زهور حب تنبت من حاجبيها ٬ وجهها يتألق بالأنوار الهلالية ٬ تناولت فرشاتي ٬ لامست بها سواد العيون .. 
- احبك ..
تميل الشمس للمغيب وسط لهيب الجانب الغربي ٬ تشدو بأغنية عشق علي صوت المجداف و هو يدافع المياه ٬ تنصت لها الأمواج و الرياح و الشمس و الكون و كل مشاعري ..
اضمها ٬ اقبلها ٬ نرسو علي الشاطئ ٬ احملها ٬ تهمس في عيني :
- لم يحملني احد قبلك .
يقترب الليل من رؤوسنا ٬ تعدو الي قارب ٬ تدفعه ٬ تستدير ٬ تحتويني ٬ احتويها ..
حط الليل ٬ ابتعد القارب ٬ ابحث .. تلاشت الظلام ..
ارفع وجهي من بين كفي ، أتلفت ،كل شئ عندي يحتاج الي شئ ..
آآآه .. ان عنقي يئن من ثقل رأس يحمل عالما داخله .. 
اتكئ بشدة ، تسقط .. تسقط .. 
تتساقط من رأسي ذكريات عمر آفل .. أسفاري .. قبلات العذاري .. صورة رجل كريه ، ضخم الجسد ، ضخم الثروة ، أركله بقدمي .. أبي يوارنه التراب .. خليط من ألوان سلفادور دالي و روايات فرانز كافكا ،اعيده الي رأسي .. ثم .. ثم وجه حبيبتي الهلالي ، احمله بيدي ، انهض به ، اتعثر في تاريخ قبيح ، اسقط علي تاريخ اقبح ، اتناول وجه حبيبتي ، اضعه في الذاكرة ، احاول النهوض .. 
في المرآة ، تحسست شفتي و قد جفت ، أسناني الباقي منها أسود اللون ، كالذباب تطن .. و أشياء تدق .. تخبط ، زحام ، هراء ، احاول الابصار من خلال اهدابي الملتصقة ، صحراء رمالها بلون الفقر ،شمس كحرب الباسوس ، نسائم تخطف الأبصار ، تورث العمي .. من خلفي ليل حالك ، تتطاير فيه الجماجم ، يذيبني الخوف من الرأس حتي قدمك ، عن يساري غابات ، مستنقعات ، ازهار بلون الدماء ، اغنية شريدة تتردد علي انغام فريسة .. تعانقات الاشجار تلقي بظلالها علي انثي الافاعي ..
الحفيف و الفحيح يمتذجان ، يلقيان الرعب في قلب الليل الأجوف ..
عن يميني كانت الهلالية تفر بعينيها بعيدا ، تتساءل عن سر اضطرابي ...
اتحسس كتفي ، ما زال دافئا منذ ان اغفلت عليه بالأمس ، من داخل الامواج تخرج رأس الرجل الضخم، ينتزع وجه حبيبتي من علي جداري ، تهتز ، يسقط قلبها الهلالي ، احتضنه ،انزوي بعيدا ..
يبتسم الرجل، تنزلق دمعتي ،تسقط علي القلب الهلالي ،يرتعش ، احمله الي شفتي ، اقبله ، يرتمي علي ذراعي ، يهمس كلمة حب ، أوصد عليه أحضاني .. 
تراني ، تمد يدها لتسترد قلبها ، اهمس لها : 
- سأرعاه لك ..
امسح طفيليات عالقة علي وجهي ، اضع راسي تحت المياه ، تسيل المياه علي ارض خصبة ، تنبت زهرة بلون العشق ..
سأهديها زهرتي ..
راجعت ازماني ابحث عنها ، بين احجار قبور هرمية مقدسة رغم انوفنا ، بين رفات بالية و أوراق متهالكة و اصنام متعالية ..
تاريخ عفن ، نقدسه لكي نتكئ عليه ، طويته بعنف ، هرعت الي زمن الالوان الزاهية ، رسوم هندسية ، زاعقة الالوان ،خطوط مستقيمة متداخلة متصارعة ، لا تعني الا ما تراه ...
وضعت كفي علي وجهي مخافة ان يسقط مني ، نظرت تحت قدمي ، ابواب حديدية عملاقة ترفرف عليها رايات حمراء ما زالت تقطر منها الدماء ..
تراجعت مذعورا..
خرج الرجل الضخم من بين الابواب الحديدية ، جلس علي المقعد الوحيد بمرسمي .. جسده منتفخ ، يمد ساقين قصيرتين ، سيجارته يتصل دخانها بضوء المصباح ، نظارته السوداء تحتل نصف وجهه ، شاربه يغطي منه الفم و الذقن ، من خلاله تلمع اسنانه الذهبية ..
يستند برأسه علي الهواء ..
يرفع كأسا الي شاربه الضخم ، يتجرعه و لا يسعل ، يلعق شاربه بلسان اسود ... 
يقف امامي ، ارتعد ، يرفع سيجارته ، ارتعد ، ينفث دخانها في وجهي ، ارتعد ، يقترب مني ، ارتعد ...
ارتعد .. اسقط في غيبوبة الخوف ، يصفع وجهي بحذائه ، تتناثر لوحاتي علي وجهي ، يحمل الهلالية و يقهقه خارجا ..
افيق من غيبوبة الخوف ، اري زهرتي ملقاة ، هل سقطت منها ..؟ 
اهرع خلفهما ، اجلس وسط قوم ينتظرون ، تنشق الستائر المزركشة عن مكان فسيح ، تقف شامخة بوجهها الهلالي ، ترتدي فستان العرس ، ترفع وجهها الي السماء كانها تبتهل ، تنظر بوجه الي الرجل الضخم كأنها تناجيه ، تلتفت نحوي بوجه كأنها تستغيث ..
اصعد اليها ، ادفع عنها الرجل الضخم ، تتلقاني بوجه غاضب ، اجثو علي ركبتي ، تركلني بقدمها ، تسقط زهرتي ، اشير اليها ، تعلن لعنتها علي رأسي ، وعلي زهرتي ، و علي الحب ..
انسحب خارجا ببطئ ، يدنو منها الرجل الضخم ، يتحدان في جسد واحد اسفل وجه هلالي جديد ..
يدوي تصفيق و صفير القوم المشاهدون ، تنحني لتحيتهم ، احاول الانحناء مثلها ، تسقط الواني علي لوحتي ، تشكل الوجه الهلالي الاخير .. أسود اللون
احمد محمد الشاعرر