مطلوب عروسة فوراً .. قصة قصيرة .. بقلم الكاتب / أحمد بيومي ..
موسيقى بلدي .. وأدخنة الشواء تملأ الأجواء .. وعشرات الأشخاص يتناولون طعام الغذاء الطقس معتدل والجو خريفي دافىء .. الجميع تبدو عليهم السعادة الحاج إبراهيم بستقبل ضيوفه ويوجه عمال الفراشة لتعليق مزيداً من الأنوار والزينات من المنزل إلى أول الطريق الزراعي .. أصوات طلقات نارية من بندقية خرطوش يحملها عم العريس يطلق منها بعض الطلقات إحتفالاً بحضور المزين أو حلاق القرية ليقوم بعملية إعداد العريسين الأخوين أشرف وعمرو فقد أراد الحاج إبراهيم أن يفرح بهما معاً في المنزل الجديد الذي بناه على قطعة أرض زراعية في مدخل القرية أثناء أحداث الثورة ونجح في إدخال المياه والكهرباء إليه بدفعه بعض الرشاوي في المركز .. فجاءة يدق الهاتف المحمول في جيب الحاج إبراهيم عبد العال يمد يده بسرعة ويخرج الهاتف الوووووووو مين معايا ..؟ على الطرف الآخر يسمع صوت نسيبه المعلم مسعد تاجر الفاكهة في منطقة باكوس بالأسكندرية ووالد عروسة إبنه الأصغر أشرف .. يتعلثم في الحديث ثم يلقي بقنبلة من العيار الثقيل .. آسفين يا حاج موش عارف أقولك إيه ..؟ يرد الحاج إبراهيم بعصبية فهو ايضاً مرهق من الوقوف طوال اليوم والليلة السابقة ترحيباً بالمعازيم والأقارب .. أتكلم يا معلم مسعد قلقتني خير في حاجة ..؟ يرد الحاج مسعد بعد فترة صمت .. البنت أختفت من البيت يصرخ الحاج إبراهيم عليه بتقول بنت مين إللي أختفت من البيت يا مسعد ..؟ يرد المعلم مسعد العروسة زينب يا حاج .. بمنتهى العنف يرد الحاج إبراهيم ويصرخ عليه أنت بتقول إيه يا خويا ..؟ إنت إتجننت يا جدع إنت عروسة إيه إلي أختفت ..؟ بنتك هربت يوم دخلتها .. يادي الفضيحة يادي العار يادي النسب الزفت أنا كنت حاسس من الأول إن في مصيبة راح تحصل .. أغلق الهاتف وجلس بسرعة على أقرب كرسي أنفاسه تتصارع يكاد يختنق ماذا سيفعل ..؟ هل يستكمل الفرح بعمرو فقط وماذا سيكون ردة فعل إبنه أشرف ..؟ ماذا سيقول للناس ..؟ هل يلغي الفرح ..؟ كاد يصاب بذبحة صدرية .. لاحظ حالته صديقه وجاره الحاج محمد .. أقترب منه وسأله خير يا حاج مالك الفون ده زعلك .. في إيه أتكلم يا راجل إنت وشك أزرق كده ليه .. ومع دمعات متحجرة في عنيه وبصوت أجش متحشرج الراجل ال…… جاي دلوقتي بيتصل بيا وبيقول بنته هربت من البيت علشان موش عاوزه تتجوز في الفلاحين ينت ال…… أعمل إيه دبرني بعفوية يرد الحاج محمد ولا حاجة ندور على عروسة إن شاء الله سلف نخلص بيها اليلة بأي ثمن منعاً للفضيحة والحمد لله محدش يعرف شكل البنت التانية الناس عارفه بس أنها من اسكندريه ينظر الحاج إبراهيم إليه بإندهاش إنت بتتكلم جد ندور على عروسة من فين والفرح فاضل عليه شوية ساعات ومين ده إلى راح يسلفك بنته والا حتى يرضى يناسبنا دلوقتي .. ووضع وجهه بين يديه يخفي دموعه من الألم طاب والعمل يا حاج إبراهيم يعني أنت ناوي تعمل إيه مفيش وقت .. بسرعة يخرج التلفون من جيبه مرة أخرى ويبحث عن رقم متعهد الأفراح ويتصل الووووو .. الريس سماحة معايا ؟ يرد الطرف الأخر نعم يا حاج إبراهيم أطمن كل شىء تمام والعوالم والفرقة كلهم على وصول أنا لسه قافل معاهم أهو .. مبروك يا حاج راح تكون ليلة تحكي بيها البلد .. يرد الحاج إبراهيم أسمع أنت الكلمتين دول أنا لا عاوز عوالم ولا فرقة ولا زفت الغي كل حاجة إحنا راح نأجل الفرح .. حصلت ظروف يرد سماحة متعهد الأفراح ظروف إيه وجوابات إيه يا حاج الناس ركبت وفي الطريق وأخدوا عربون وموش راح يسيبونا من غير باقي فلوسهم دول 20 ألف يا حاج .. فيه إيه ..؟ يرد الحاج إبراهيم بعصبية بقولك العروسة طفشت .. تعرف تتصرف في عروسة تانيه ..؟ أتصرف .. طبعا أقدر .. إيه رأيك إبنك يتجوز بنتي ميادة .. ترضى تناسيني يا حاج .. وسط ذهول الحاج محمد والحاج إبراهيم .. يطلب منه أن يتركه ربع ساعه ويتصل مرة اخرى يتبادل الرجلان الأمر وفي أقل من 5 دقائق يسرع الحاج إبراهيم إلى زوجته وإبنه ويخبرهم بالأمر والعجيب أن أشرف لا يمانع بل يقتنع فوراً بالفكرة خصوصاً إنه يعرف إبنه سماحة وأنها فائقة الجمال .. يعاود الحاج إبراهيم الإتصال بسماحة ويخبره بإحضار إبنته إلى المركز وتأجير فستان فرح لها وإنتظارهم عند المأذون .. يسرع الحاج إبراهيم وإبنه وصديقهم الحاج محمد إلى المركز ويتم عقد القرآن والإتفاق على أن تتزوج ميادة على جهاز زينب وأيضاً ملابسها الخاصة .. يتم عقد القرآن وتذهب ميادة إلى الكوافير لتستعد للزواج الذي لم تتوقعه أبداً والحاج محمد يردد في سره سبحان الله ارزاق .. قسمة ونصيب ومر الإسبوع الأول بسرعة أشرف غارق في بحر من العسل الذي صنعته ميادة لزوجها الذي لم تتوقعه أبداً ولكن كان هناك حلم غريب يلاحق أشرف كلما غفا أو نام إنه يرى زينب ممزقة الثياب تستنجد به وحولها مجموعة من الكلاب الشرسة وكلما حاول إنقاذها منهم عقروه فيتألم بشدة ويستيقظ من النوم مفزوعاً .. وبعد إنتهاء اليوم السابع ورحيل أسرة مياده وأقاربها وأقاربه طلب أشرف من ميادة كوباً من الشاي ليشربه في البلكونة وأشعل سيجارة وأخذ ينظر إلى القمر المكتمل في السماء ويسأل نفسه ما سر هذا الحلم العجيب وفجاءة يرن جرس الهاتف المحمول وعندما أخرجه ليرد على المتصل شاهد رقم زوجته المختفية زينب فأسرع بالرد وجاءه صوتها باكياً مستنجداً من الطرف الآخر أشرف الحقني أنا مخطوفة .. وبصعوبة قدرت أهرب أرجوك أنا واقفة عند محطة القطار في مدخل بلدكم أرجوك تعال بسرعة .. وأغلقت الخط كاد أشرف يسقط مغشياً عليه من الصدمة ها هو الحلم يتحقق وعليه الأن أن يسرع لينقذ زوجته المخطوفة التي تستنجد به نسي أشرف إنه تزوج بميادة بل نسي أنه قد طلب منها كوباً من الشاي أسرع اشرف خارجاً ولم يسمع مياده وهى تنادي مذعورة عليه مالك أشرف إيه إللي حصل أرجوك طمني حد حصله حاجة .. أغلق الباب وفي لمح البصر كان هناك .. وجدها كما رآها في الحلم ممزقة الثياب شاحبة الوجه تعاني نزفاً من أنفها ومن فمها .. ضمها بسرعة إلى صدره وحاول أن يهدىء من روعها أحتضنها وهو يبكي لبكائها سقطت على الأرض فاقدة الوعي حملها بسرعة وأسرع عائداً إلى منزله .. وعندما فتحت ميادة الباب صرخت .. من تلك المرأة يا أشرف ولماذا جئت بها إلى هنا ..؟ لم يرد أشرف بل أسرع بها إلى غرفة النوم وضعها على الفراش وأتصل بطبيب يعرفه ليأتي فوراً إلى المنزل مع إستعداده لأي مصاريف .. عندما كشف عليها الطبيب أخبره إنها تعرضت إلى إعتداء جنسي وحشي ولكنها ما زالت بكراً لأن غشاء البكارة مطاطي .. عدة أيام أشرف لا يغادر المنزل تعاطف الجميع مع زينب إلا شخص واحد كان لا يصدقها ويرفض وجودها في بيته إنه والد أشرف الذي أتصل بالمعلم مسعد وحكى له الأمر وطالبه يأن يأتي ليأخذ إبنته بعد أن تسترد عافيتها على أن يطلقها إبنه .. رفض أشرف طلب والده وأصر أن تبقى زينب في عصمته فأمره أن ياًخدها ليقيم معها في شقة بالإيجار أو قانون جديد ففعل .. مرت الشهور سريعاً وكأنما كانت زينب تريد أن تربط أشرف بها فبذلت جهداً خارقاً لتحمل منه ونجحت على عكس ميادة التي شعرت بأنها كانت مجرد عروسة مؤقتة فلم تحمل .. رغم أنه عاشرها معاشرة الأزواج ولم ينقطع عنها .. ورغم أن الطبيب أخبرها أنها طبيعية تماماً وقد يكون العيب من زوجها .. تمر الأشهر سريعاً وتضع زينب حملها فإذا هو ولد جميل الصورة ولكنه لا يشبه اشرف أبداً أو أحداً من أسرته .. فرح أشرف به كثيراً لكن كانت شكوك والده تزداد يوماً بعد يوم .. وفعلاً أختفى مبلغاً كبير اً من المال من البيت اثناء سبوع المولود كان أشرف قد جاء به من الوكالة ثمناً لمحصول الفاكهة التي جمعوها من أرض والده .. وأحتار الجميع أين ذهب ومن سرقه ..؟ أقسمت زينب على المصحف أنها لم تراه وصدقها وأيدها فوراً زوجها بل أتهم فيه زوجته الأخرى ميادة لأنها في نفس اليوم كانت موجودة تبارك لزينب تحت إلحاح زوجها أشرف وقرر طردها حتى تظهر الحقيقة بل ذكرها بوضاعة أصلها .. ولكن كان لوالده رأي أخر .. بأن زينب تحمل سراً لابد من كشفه ولهذا قرر أن يراقبها .. إسبوع واحد وأنكشفت الخديعة الكبرى زينب لم تكن مخطوفة كما أدعت بل كانت على علاقة بشاب من جيرانها من باكوس مدمن مخدرات عشقته وأقنعها بالهروب معه وعاشرها فترة إختفائها ثم تركها وهرب وعندما وجدت نفسها عرضة للموت إذا عادت إلى أسرتها أخترعت تلك القصة وخدعت أشرف بها ولكن عشيقها عاد مرة أخرى إلى حياتها بل هو والد الطفل الحقيقي فأشرف غير قادر على الإنجاب بسبب إصابة قديمة في منطقة الحوض .. وهى التي سرقت النقود وأعطتها له وبسرعة تم القبض عليه وأعترف عليها وكان لابد من القبض على شريكته طلب اشرف من ضابط المباحث ومن والده أن ينفرد بزوجته عدة دقائق قبل القبض عليها .. أشرف كان له رأي أخر فقد أسرع إلى المطبخ وأحضر ساطوراً كبيراً كان يستخدم في ذبح الأضاحي ومزق بها جسدها .. وخرج ليخبر الجميع أنه قد غسل عاره ولكنه نسي الطفل الصغير الذي لم يعد أحداً يرغبه .. وكأنه بقي على قيد الحياة ليذكر الجميع أن الإنسان كائن ظالم لنفسه وإن عار الزنى لا ينتهي .. تمت .. قصة قصيرة .. بقلمي / أحمد بيومي ..