حرية ... 12

عندما استعاد شيئاً من ذاكرته و استرجع بعض الذكريات الجميلة قبل اعتقاله ثم الذكريات المؤلمة بعد ذلك راح يروي لصديقه قصته و كيف تم نقله بعد ذلك من غرفة التعذيب إلى الزنزانة الانفرادية ... الزنزانة التي لا تتجاوز مساحتها مساحة أي حمام ... لم يكن يعلم كم من الوقت قضى فيها بعد أن غابت عنه الأيام و أسماؤها و التواريخ و غابت معها أحلام كان يتمنى ان يحقق من خلالها مستقبلاً مشرقاً ... لم يعد يرى وجوه سجانيه المقنعة فقد اختفوا وراء ابواب محكمة الاغلاق ... كان لزنزانته مجرد فتحة صغيرة في اسفل الباب لتمرير وجبات الطعام ... الطعام الذي لا يشبه اي طعام ...
في اوائل أيامه ... في سجنه الانفرادي ... أضرب عن الطعام ... خارت قواه و فقد وعيه ... ما من أحد علم بحاله أو تأثر له ... لم ينفعه ذلك بشيء ...
عندما لم يسمعوا صوته عند تمرير الطعام له و لم تنم عنه اية حركة طرقوا الباب عليه ... طرقاتهم كانت كزلزلة الساعة ... استفاق و كأنه بعث من جديد لم يدرك ما حدث له ... أحدهم ناداه من وراء الباب : هل مت ؟؟؟ ... يا ليتك تكون كذلك ... لم يستطع الرد و كل ما فعله هو سحب صحنه و أكل بضع لقيمات مما كان فيه و من ثم صار يتناول ما يقدم له ...
مرت الأيام و السنين و هو على هذه الحال ... في احدى المرات و اثناء وصول الأكل علقت نصف ورقة من جريدة في أسفل صحنه ...
عندما لمحها شعر أنه في حلم أو أنه ولد من جديد ... راح ينظر إليها ... لا يعلم من أين و لا كيف يمسكها ... بقيت مرافقة له طول فترة وجوده في هذه الزنزانة ... كان يجهل أنه سوف ينقل إلى مكان آخر مجهول بالنسبة له فكل ما تذكره هو مشيه في ذاك الممر الطويل الذي اعتبره أطول من ألف سنة ضوئية ... الوقت عنده توقف عندما فقد ذاكرته و عندما فقد أحلامه وتبعثرت آماله ... زمن ماتت فيه عقارب الحياة و الساعات .
بقلم الرائعه / لموش محمد

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 25 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2015 بواسطة WWWkolElkhwater

مجلة كل الخواطر

WWWkolElkhwater
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

504,675