القنبلة

قصة من تأليف / محمد السيد المنسي

.. في صمت وسكون مضي بمحاذاة شاطيء البحر الذي يشبه كثيرا شاطيء بلدته في وطنه البعيد .. يفكر في أمره وحياته ..
.. كان قد اعتاد علي صوت الطلقات النارية في البلدة التي سافر إليها وصوت دانات المدافع والدبابات التي تنطلق من حين لآخر من اماكن تفصلها عنه مسافات ليست ببعيدة ..
.. تغير الوضع كثيرا بالنسبة له ..
.. تغيرت ملامحه وتبدلت طباعه ، فكانت ردود افعاله وتصرفاته مع من حوله تصدر من اعماقه كالقذائف النارية تقضي علي كل سلام بداخله ، ليصبح سريع الغضب ، حاد الطباع ، ضيق الأفق ، قليل الخيال ، كثير الفكر ، دائم الشرود ، تائه ، يميل إلي العزلة والإنفراد ..

.. ربما هو السؤال الحائر الذي لا يبرح خاطره أبدا هو من تسبب في كل هذا التغيير في سلوكه وطباعه ..
(سؤاله الحائر عن طريق العودة إلي الوطن الذي لم تظهر له أية ملامح بعد ؟!).

بالأمس القريب
سقطت قنبلة إلي جواره ، وكان ان استقبل الأمر برحابة صدر وبإبتسامة عريضة تكشف عن إيمان عميق بداخله .

.. المفارقة العجيبة ليست في سقوط القنبلة كحدث مرعب مر به في حياته ..
المفارقة تكمن في قنابل أكثر فتكا وأثرا وتفجيرا من مجرد قنبلة مادية من صنع البشر _انها قنابل من نوع اخر ليست من صنع أيد البشر فحسب ولكنها من صنع نفوسهم أيضا _ تسقط كل فترة عليه كالصاعقة ..

.. بات مقتنعا من وقتها أن قنابل النفوس أكثر خطرا عليه من مجرد قنابل تقذف بها طائرات في عشوائية وجنون .!

.. بات مقتنعا أيضا أن البشر يمتلكون أسلحة أكثر فتكا ودمارا من اسلحتهم المادية .. وكم احزنه ذلك ..

.. تنفس الصعداء ، وقد حطم حاجز الصمت من حوله دوي إنفجار قنبلة علي مقربة من الشاطيء ، لم يتوقف لم يلتفت إلي الوراء ليعرف حجم ما سببته القنبلة من أضرار .. فقط تابع سيره وقد ارتسمت كعادتها إبتسامته العريضة علي ملامحه ، وهي بعد لم تفقد إيمانا عميقا يبدو عليها واضحا ..!!!

.. تمت ..

محمدالمنسي

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 28 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2015 بواسطة WWWkolElkhwater

مجلة كل الخواطر

WWWkolElkhwater
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

504,672