جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
اعتاد المسلمون على عدم صلاة سنة العصر البعدية وذلك لعدم ثبوتها عندهم حسب علمهم وهم محقون في ذلك لأنهم يجهلونها ويجهلون النصوص ودلالاتها ناهيك عن إنكار كثير من العلماء وطلاب العلم لها , وإذا كان هذا حال طلاب العلم الذين قضوا سنوات طويلة في البحث والتحقيق والتمييز بين الصحيح والسقيم فما بالك بالعوام الذين لا يعرفون للعلم طريقا ولا للحق سبلا , ومع الأسف الشديد مات الملايين من المسلمين علماء وعوام وهم لم يصلوها ولو لمرة واحدة في حياتهم وعملا بحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (بلغوا عني ولو آية) صحيح البخاري
أحببت أن أبلغ هذه السنة وأحييها وأبين للناس ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم حقا يقينا كما جاء في الحديث :(كان لا يدع ركعتين قبل الفجر وركعتين بعد العصر) السلسلة الصحيحة , وأشير هنا انه لا يوجد أي تعارض بين هذا الحديث وحديث (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس) صحيح الجامع , لأن هذا الحديث يُخصُّ بحديث علي رضي الله عنه وأرضاه الذي صححه الحافظ وهو (نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة ) فقول إلا والشمس مرتفعة يدل على أن النهي مقيدا باصفرار الشمس وهذا يوافق حديث النهي عن الصلاة عند غروب الشمس أما إذا كانت الشمس مرتفعة فالتنفل يجوز لعموم الأدلة , والإجماع على جواز التنفل في أي وقت من ليلا أو نهار إلا في الأوقات المنهي عنها شرعا , كما ثبت في هذا الحديث الشريف ( لا تصلوا عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها فإنها تطلع وتغرب على قرن شيطان وصلوا بين ذلك ما شئتم) السلسلة الصحيحة , أما نهي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لرجل قام يصلي بعد أن صلى العصر جماعة فهو واضح من قول عمركما جاء في الحديث: (اجْلِسْ فَإِنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صلواتهم فَصْلٌ. فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَره فَقَالَ: «أصَاب الله بك يَا ابْن الْخطاب» ) مشكاة المصابيح , فالخليفة الراشد أمره أن يجعل وقتا بين الفرض والنافلة ولا يوصلهما ببعض لأن ذلك من فعل غير المسلمين وقد أيد رسول الله قول عمركما جاء في الحديث السابق وحديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها واضح ويدل دلالة قطعية على ثبوت سنة العصر البعدية :(صَلَاتَانِ مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي قَطُّ، سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً، رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ) صحيح مسلم , وقد فصل وبين العلامة الألباني هذه المسألة تفصيلا جليا دقيقا في دروسه وكتبه ومن رام المزيد فليراجع دروس وكتب الألباني ومن الجدير بالذكر هنا أن أنبه الناس وخاصة الشباب منهم على عدم التسرع في بيان هذه السنة والعمل بها كي لا تحدث المشاحنات والخصومات في المساجد وبين العوام لأن القاعدة تقول من جهل شيئا عاداه وكما قلنا أن كثيرا من الخواص يجهلونها فكيف بالعوام فعلى المحبين للسنة الراغبين في بيانها ونشرها أن يهيئوا الأرضية المناسبة لبيانها قبل الكلام عنها ثم يهيئوا الأجواء الملائمة لتطبيقها في بيوتهم أولا ثم في المساجد والأماكن العامة ثانيا وأن لا يعتبروا ذلك من باب تهوين السنة والتقليل من شئنها بل هو من باب الرفق والتدرج في بيان الحقائق عملا بقول الرسول الكريم (بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا ) صحيح مسلم , وليعلموا أن هناك فرق شاسع وكبير بين تهوين السنة والتقليل من شئنها كما يفعل أهل البدع والأهواء وبين تأجيل تطبيق السنة لمصلحة شرعية فالأولى منهي عنها وهي محرمة شرعا والثانية مأمور بها وهي واجبة شرعا وليتذكروا قول الله تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل 125, وقوله تعالى (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) آل عمران 159,واختم بحثي بقول الرسول الكريم (إنكم اليوم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه من ترك عشر ما يعرف فقد هوى ويأتي من بعد زمان كثير خطباؤه قليل علماؤه من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا) السلسلة الصحيحة , فهذا حال الصحابة وهذا حالنا فيا أخوة الدنيا ماضية فانية والحق خالد قائم فهنيئا لمن وفقه الله للهداية وفوق الهداية تكفله بالحفظ والرعاية والله أعلم .
المصدر: الكاتب العراقى : عقيل حامد
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد