جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
أكد عشرات الآلاف من المحتجين في العراق استمرارهم باعتصامهم حتى تنفيذ مطالبهم، ودعا خطباء الجمعة في مدن سنية رئيس الوزراء نوري المالكي إلى الاستقالة وترك السلطة بسبب فشله في إدارة الدولة.
طالب خطيب جمعة سامراء (125 كم شمال غرب بغداد) في الالاف من المعتصمين المالكي بترك السلطة وقال إنه اذا أراد أن يختار العراق فعليه ان يعتذر عن رئاسة الحكومة وعن ادارة البلاد بكل شجاعة وأمانة. وأضاف أنّ على المالكي ان يقدم استقالته مقتديا برؤساء حكومات مثله احترموا انفسهم وتركوا الحكم حين رأوا أنفسهم عاجزين عن إدارة شؤون شعوبهم أو حين تحصل اضطرابات في بلدهم.
وأكد الخطيب في جمعة "العراق خيارنا" أن الاحتجاجات والاعتصمات والصلوات الموحّدة ستستمر سلمية إلى أن تحصل على حقوق المواطنين وأشار إلى أنّه رغم شفافية وحضارية التظاهرات فإن السلطات تتعامل معها بتسويف ومماطلة وتخويف وتخوين وملاحقة واستخدام السلاح وقتل الناس العزل كما حصل في الفلوجة مؤخرا.
وأضاف أنّ السلطات تطلق على الاحتجاجات اتهامات لا دليل لها بانها طائفية ومرتبطة بأجندات خارجية في إساءة بالغة للمواطنين الذين يطالبون بالعيش الحرّ الكريم. ودعا إلى "الاضراب العام" في عموم مدن المحافظة احتجاجًا على "تسويف ومماطلة" الحكومة لمطالب المتظاهرين واتهاماتها ضدهم.
وقال خطيب الجمعة إن الحكومة الحالية اثبتت انها حكومة أزمات وانها غير قادرة على ان تكون حلا للازمة لأنها جزء منها. وحذر من ان سياسات المالكي أصبحت تشكل تهديدا لامن وسيادة العراق وآدمية العراقيين.
وقال إن المحتجين يخرجون في حراكهم الحالي ضد الفساد الذي اهدر عشرات مليارات الدولارات من ثروات الشعب وضد حكم الحزب الواحد الذي يرفض الشراكة الحقيقية ويفتعل الازمات مع السنة ومع الفرقاء السياسيين وضد حصر السلطات بيد رئيس الوزراء فهو يسيطر على وزارتي الداخلية والدفاع وجهاز المخابرات وقيادة الجيش والهيئات المستقلة في دكتاتورية جديدة ترفضها جميع طوائف الشعب العراقي وخرق واضح للدستور الذي يدعو الاخرين إلى الالتزام به.
وانتقد خطيب جمعة سامراء عودة وزير الكهرباء عبد الكريم عفتان المنتمي للقائمة العراقية إلى اجتماعات مجلس الوزراء رغم مقاطعة القائمة لها حتى تنفيذ مطالب المحتجين وقال إن هذه العودة شكلت خروجا على توجيهات مراجع الدين وعلى جمهوره الذي انتخبه ضاربا المصلحة العليا للمواطنين التي من أجلها انتخبوه. ودعا المحتجين إلى الصبر والاستمرار في حراكهم وتوسيعه حتى تحقيق المطالب.
ومن جهته، اتهم خطيب جمعة الرمادي (110 كم غرب بغداد) الحكومة بالطائفية وقال إن المالكي يتناسى ان له شركاء لهم الحق في هذا البلد. وأشار إلى أنّ الحقوق التي يدعو لها المحتجّون الان هي ليست لهم وحدهم وانما للمحافظات الجنوبية ايضا التي تعاني اوضاعا مزرية في نقص الخدمات والانتهاكات وانتشار المخدرات والفساد المالي.
وأشار إلى أنّ نتائج 7 اعوام من حكم المالكي كارثية: ظلم وفساد ومحاصصة واعتقال واجتثاث وتسييس للقضاء واعتقالات ودعاوى كيدية وتمييز طائفي وعرقي وزيادة عدد الجياع وارتفاع ثروات القلة المستفيدة ونهب لأموال الكهرباء.
وشبّه خطيب ساحة الاعتصام في الرمادي المالكي بصدام حسين الرئيس السابق وقال إن رئيس الوزراء الحالي يجمع بيده كل السلطات والمناصب المهمة ودعاه إلى ترك منصبه ومنح فرصة لاخرين قادرين على اخراج العراق من أزماته الخطيرة الحالية التي سببها للمواطنين.
إجراءات أمنية مشددة
وجرت الاحتجاجات التي تضمنتها تظاهرات وصلوات موحدة فيما وضعت القوات الامنية المشتركة في حالة تأهب قصوى تحسبا لأي طارئ وشهد محيط ومداخل العاصمة بغداد إجراءات أمنية مشددة وخصوصا على دخول السيارات وتدقيق الهويات التعريفية للاشخاص الداخلين إلى العاصمة.
وفي محافظة صلاح الدين، دهمت قوات أمنية كبيرة ساحة اعتصام عاصمتها تكريت (170كم شمال بغداد) وقامت بحملة تفتيش واسعة مطالبة المعتصمين بإنزال العلم العراقي السابق وفرضت إجراءات تفتيش مشددة حول الساحة بشكل أعاق وصول العديد من المصلين اليها. كما أقيمت صلوات جمعة موحدة في مدينة كركوك وبلدة الحويجة شمال شرق بغداد حيث تم رفع شعارات تدعو إلى المساواة في الحقوق وإنهاء عمليات الاقصاء والتهميش.
وأعلن معتصمو ميدان الحق في مدينة سامراء (125 كم شمال غرب بغداد) إكمالهم شهرين على الاعتصامات دون أن يلمسوا شيئا يذكر من الجهات التنفيذية والتشريعية بشأن المطالب المشروعة التي عرضوها في بداية التظاهرات. وأكد المعتصمون أنهم باقون في الميدان لحين تلبية المطالب التي عرضوها ومن أهمها تجميدُ قانون المساءلة والعدالة والغاءُ المادة اربعة ارهاب وقانونُ المخبر السري واطلاقُ سراح الابرياء من السجون.
وفي مدينة الموصل ( 375 كم شمال غرب بغداد) واصل المعتصمون في ساحة الاحرار اعتصامهم الذي دخل شهره الثالث مع انضمام وفود عشائرية من أقضية تابعة لمحافظة نينوى والتي أعلنت تأييدها لمطالب المتظاهرين الذين أكدوا ان الحكومة العراقية لم تستجب لمطالبهم على الرغم من سلمية التظاهرات وانهم مستمرون ِبتلك السلمية إلى حين تحقيق هذه المطالب.
ومن جهتها، نظمت لجنة علماء الدين في محافظة ديإلى (65 كم شمال شرق بغداد) صلوات جمعة موحدة في تسع وحدات إدارية مؤكدة أن الصلاة ستبقى مستمرة لحين الاستجابة إلى مطالب الأهالي المشروعة. وأقيمت صلوات اليوم في عشرة مساجد موزعة بين تسع وحدات إدارية في بلدات بعقوبة والمقدادية وبلدروز وجلولاء والمنصورية وقره تبه والعظيم وكنعان وبهرز.
وكانت اللجان التنسيقية للحراك الشعبي في محافظات غربية وشمالية عراقية قد أعلنت الاربعاء الماضي ان تظاهرات المحتجين وصلاتهم الموحدة في ساحات الاعتصام الجمعة ستجري تحت شعار "زيفكم لن يدوم".
ووجهت اللجان دعوة إلى المتظاهرين قالت فيها"نخاطبكم اليوم بعد ان دخل حراككم شهره الثالث وانتم تحافظون على سلميته وتواجهون القمع والمماطلة والكذب بسلميتكم الحضارية وثباتكم في ساحات الاعتصام متحدّين ظروف الطبيعة وبردها القارس وعيون المالكي وقواته والمتسلقين ومن لفّ لفّهم".
وقالت "نمرّ بمرحلة حساسة ومفصلية في حراكنا الثوري نتيجة استمرار الحكومة في محاولات التسويف الدنيئة لمطالبكم المشروعة واللعب على عنصر الوقت ظنا منها ان حراككم سيتلاشى ويصيبكم الملل لتتركوا الساحات لبعض من دسّته من شخوص وحركات لتحول الثورة وتضحياتها إلى مهرجانات انتخابية مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات وتسلمهم بعض المناصب ليساهموا في إطفاء روح الثورة في نفوسكم او ليكونوا شركاء مع الحكومة لتقسيم العراق واعلان الاقاليم ذلك المطلب الذي تريده الحكومة بأحزابها ونصه دستور العملية السياسية الذي نسعى لاسقاطه كما نسعى لاسقاط هذه العملية العرجاء".
يذكر أن محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك تشهد تظاهرات دخلت شهرها الثالث يشارك فيها عشرات الآلاف، جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات وإطلاق سراحهم وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وتشريع قانون العفو العام وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.
العيساوي يستقيل
وفي كلمة له بمحتجي الرمادي أعلن وزير المالية رافع العيساوي استقالته من الحكومة قائلا إنه لا يشرفه أن يكون عضوًا فيها وانتقد العيساوي وزراء القائمة العراقية العائدين للحكومة قال إنهم يسودون وجوههم امام الشعب. وأضاف انه لايشرفه ان يكون وزيرا في حكومة لاتحترم الشعب العراقي ولانها حكومة زائفة.
وجاءت استقالة العيساوي بعد ساعات من الاعلان في بغداد عن اصدار السلطات العراقية مذكرتي إلقاء قبض ضد العيساوي والنائب سلمان الجميلي القياديين في القائمة العراقية بتهمة التحريض على العنف وفق المادة 4 من قانون مكافحة الارهاب.
وأوضح مصدر عراقي أن "محكمة عراقية أصدرت مذكرتي القاء قبض بحق وزير المالية رافع العيساوي القيادي في القائمة العراقية ورئيس كتلته النيابية سلمان الجميلي بتهمة التحريض على العنف وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب".. موضحًا أن قوة عسكرية خاصة تطوق الان منزل النائب سلمان الجميلي" كما نقل عنه موقع "المسلة" المقرب من الحكومة.
وكان وزير المالية والقيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي أعلن قبل ذلك في مؤتمر صحافي أن جميع افراد حمايته اعتقلوا من قبل قوة وصفها بالمليشياوية بشكل قال إنه غير رسمي محملا رئيس الوزراء نوري المالكي مسؤولية ذلك ومطالبا مجلس النواب بتفعيل طلب سحب الثقة منه.
أما بالنسبة إلى الجميلي فقد جاء إصدار مذكرة القبض بحقه بعد ساعات من إعلانه تولي مهمة استجواب المالكي أمام مجلس النواب. وقال الجميلي في تصريح صحافي "استكملنا كافة الإجراءات المتعلقة بالأسئلة لغرض ضمان موافقة المحكمة الاتحادية على أن تحدِّد رئاسة البرلمان موعداً للاستجواب الذي سيتناول نقاطاً محدَّدة تتعلق بخرق الدستور وخصوصاً في المواد التي تنص على اعتماد التوازن بين المكونات الاجتماعية في شغل المناصب داخل الأجهزة الأمنية وبقية الوظائف الحكومية".
وكان اعضاء في القائمة العراقية اعتبروا في وقت سابق اعتقال حماية العيساوي استهدافا للسنة في العراق وخرجت تظاهرات احتجاج في المناطق السنية منذ اكثر من شهرين. ثم أخذت مطالب المتظاهرين تبتعد عن الدعوة إلى إطلاق سراح حماية العيساوي لتركز على اطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات وإصدار قانون العفو العام، وإلغاء قانون المساءلة والعدالة، وإلغاء المادة أربعة من قانون مكافحة الإرهاب إضافة إلى العمل بمبدأ التوازن في مؤسسات الدولة.
وأعلن في بغداد الثلاثاء الماضي أن المالكي يعدّ لرفع دعاوى قضائية ضد قادة المحتجين في محافظات غربية وشمالية خلال اليومين المقبلين بتهمة تأجيجهم الطائفية وتعريض السلم المجتمعي للخطر. قال النائب عبد السلام المالكي القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي إن هذا الاخير سيرفع دعوى قضائية خلال اليومين المقبلين ضد مثيري الفتنة الطائفية.
وأضاف أن رئيس الوزراء سيرفع دعوى قضائية خلال اليومين المقبلين ضد الشخصيات السياسية والعشائرية التي دعت في خطاباتها الى تأجيج النفس الطائفي مستغلة ركوب التظاهرات لتحقيق منافع حزبية وفئوية من خلال إطلاق الشعارات التي تنادي بإلغاء الدستور وتقسيم العراق.
المصدر: د أسامة مهدي - ايلاف
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد