جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
اراد ربك سبحانه ان يصل برسالة قوية للناس .. بأنه يبغض الظلم والظالمين .. ولكنه يعلم سبحانه ان بعض الناس قلوبها قاسية .. وعقولها عن الفهم قاصرة .. ترتاب من القصص القرأنى اما لعدم ايمانها به أنه الكتاب المنزل من عند الله وهذة الفئة ندعوها الى التأمل بالحكمة والموعظة الحسنة كما أمرنا ربنا لنبين لهم الاعجاز الذى جاء به هذا الكتاب فى كافة مناحى الحياة حتى انه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ..
وأنه محفوظ من لدن حكيم عليم الى يوم الدين .. ومعجزات القرأن بلغت الافاق وأعترف بصدقها القاصى والدانى .. الا ان الله سبحانة أراد ان يترك للمتشككين شئ مادى ملموس يتحدى بة من لا يؤمنون به ويرجعون اليه فى اى وقت ..غير الايات الفكرية او المعنوية أو أيات الذكر الحكيم وأن كان هو المرجعية اساسا فى هذا التحدى والذى يؤمن به المؤمنون لايمانهم بالغيب الذى يجب ان يؤمنوا به وبأيمانهم بأيات الله سبحانه ..
ولكن عجبا أننا كمؤمنين بهذا الكتاب نمر على هذة الايات ولا نقف لحظة للتأمل .. فأنظر الى أيات الله وطبقها على الواقع الحاضر الذى نعيش فيه تكتشف معجزة الله سبحانه فى جسد فرعون .. وكذلك عن غفلتنا عن هذة الاية :
..
( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )(٩٢) صدق الله العظيم ..
..
فغفلتنا هنا غفلتين : -
الاولى : غفلة عدم التأمل فى هذة الاية عن جسد فرعون الباقى من اللاف السنين بين أيدينا لحما وعظما مخالفا الطبيعة فى تحلل الجسد وتعفنة ( وهى المعجزة التى أراد الله بقائها حتى نأتى نحن ونراها ويراها من يأتى بعدنا معجزة حسية ملموسة باقية من عقود طويلة ) .. وأن نسبوا ذلك الى لعنة الفراعنة .
والثانية : وغفلة عدم التعمق فى هذة الاية وربطها بالواقع ونحن نتلوها من الف واربعمائة عام .. وقد نبهنا الله عز وجل ان كثير من الناس عنها وعن اياته سبحانه غافلين .
فتأمل :
..........
فاليوم ننجيك ببدنك .. فأنقاذ جسد فرعون بعد أن غرق كان بارادة اللاهية لها مدلول وأشارة لمن يريد ان يتدبر فى ايات الله سبحانه .. لتكون لمن خلفك أية .. والذى أفهمه من الاية بفهمى المتواضع أن ترك جسد فرعون لمن خلفة من الاجيال التى ستأتى من بعدة لكى يروه ويتعظوا بجسده الذى لم يفنى ويستمر الجسد قرونا واللاف السنين لصدق ايات الله وتصديقا لايات الذكر الحكيم ..
..
وسخر الله عز وجل جميع شعوب العالم والأمم المتحدة وجميع المؤسسات الدولية العالمية بتنفذ مراد الله فى جسد فرعون والمحافظة علية من التلف وهم لا يشعرون وينادوا بالحفاظ على الاثار وهذة الموميات التى ليس لها نظير فى التاريخ البشرى ..
..
وقد نبهنا الله عز وجل فى نفس الاية التى ستستمر الى يوم الدين .
..
( وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) صدق الله العظيم .
................................................................................
..
فأرى والله أعلم أن جسد فرعون الذى ترك محنطا فى الالواح الزجاجية فى المتاحف ليشاهدة كل من يأتى الى مصر هو جسد فرعون موسى الذى ينطبق على رمسيس الثانى.. والذى طاف العالم كلة حجة من الله سبحانه على عباده الذين لم يأتوا الى مصر ليروة أيضا .
فما فرعون الا عبد من عباد الله وهذا حكم الله فيه .. هل تشاهدونة بأعينكم ويمكنكم أن تلمسوة بيديكم ؟!! .
..
ولعنة الفراعنة التى يعتقد فيها المصريين ما هى الا أيجاد مخرج لهذة الواقعة الخارقة للعادات والنواميس الكونية ولكى يقبلها العقل الانسانى ولكى يتعايش مع ظاهرة لا يقبلها العقل بسهولة .. ونسى المسلمون أنها أية من عند الله من ضمن معجزات هذا الكتاب المنزل من لدن حكيم خبير ..و تبقى الاية الكريمة دليلا لمن يفهم ويتدبر .
..
ويقاس علية والله أعلم قصور فرعون وأمثاله الباقية تحاكى عصر هذة الفئة من الحكام الذين بغوا فى الارض وتجبروا على الناس ظلما .. وأدعاؤهم الالوهية والتكبر والتغطرس الذى يبغضة الله سبحانه من عباده .
وكذلك تماثيلهم وقبورهم وأهراماتهم العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع واوانى معيشتهم شاهدة على ان لكل زمن دولة ورجال .. لكى يأتى الناس من جميع أنحاء المعمورة ليروا عظمة الاعجاز فى كتاب الله وقصصه التى تحكى عن الظالمين ولكى يروا قدرة الله فى تهيأة الاسباب لتبقى هذة الاثار والاجساد اللحمية اللاف السنين .
وتركها سبحانه للناس شاهدة على التقدم الذى وصل اليه هؤلاء الحكام وغطرستهم بأدعاء الالوهيه غرورا بما وصلوا اليه من علم ونسيانهم فضل الله عليهم ورفضهم وكفرهم بما أخبرهم بهم رسلهم وانبيائهم .
ولتكن هذة القصص القرأنية معجزة باقية ودالة على هذا المعمار الباقى بحجمة الطبيعى ونقوشة وأبهارة حتى الوانة تحكى أيضا ما ورد بالكتاب الكريم .. وكأن القرأن يحكى لك عن أمر يحدث بين يديك الأن .
..
( وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَاد ( 11 ) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ( 12 فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ( 13 ) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ( 14 ) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) صدق الله العظيم ( سورة الفجر )
..
وأتعجب الان بأصوات تدعى فهمها للاسلام وتتشدق بتطبيق شرع الله بغير فهم ولا بصيرة وهم يرتكبون جرائم لا ينتبهون اليها يريدون أن تهدم هذة القصور والتماثيل والاهرامات التى تحاكى قصص هؤلاء الفراعين ودفن جثثهم لأن للموتى حرمة ولغلق قبورهم وهدم اهراماتهم ؟!!.
فبدلا من أن نجعلها عبرة لمن يؤمن بالامور الحسية فقط ونقول له ها هم أمامك وهذة قصورهم وأهراماتهم وقبورهم وهذة اوانيهم وهذة قصصهم أوردها القرأن الكريم .. وهذا هو ما انتهوا الية كما وعدهم ربهم ونربط هذة الاثار بأيات الذكر الحكيم ليرى الاعمى مراد الله فى هذة الاثار وهذة الاجسام المومياوات وبقاؤها اللاف السنين لحما وعظما لكى تكون عبرة وأيه وكوسيلة حسية ناطقة بقدرة الله عز وجل فى خرق نواميس الكون كأعجاز قرأنى .. أرجعنا ذلك الى لعنة الفراعنة أو لتقدمهم العلمى الذى لا يعرفة أحدا من العالمين خطأ وجريمة .. وأن أحسنا الظن فيمن ينشر هذا الاعتقاد.. !!
..
ولضيق الافق من البعض الذين لم يفتح الله لهم ببصيرة الفهم للقصص القرأنية والعبرة المقصودة أردوا تحطيم هذة الاثار الباقية أو تغطيتها بالشمع جهلا من عند أنفسهم وتنطع ليس لة مثيل لكى لا يراها الناس ولا يستفيد الخلق من مراد الله فى بقائها هذا العمر الطويل لتكون موعظة للناس وحجة عليه ان لم يؤمنوا .
..
( وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) صدق الله العظيم .
المصدر: الكاتب المصرى : أحمد المدنى
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد