جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة

فى العصور القديمة كان الحكام سواء كانوا فراعنة أو أباطرة أو خلفاء أو سلاطين أو باباوات أو ملوكا أو أى مسمى آخر للحاكم مطلقى السلطة يحكمون كآلهة أو كنواب وخلفاء لله على الارض حتى ظهرت الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى حكمت عن طريق اختيار الشعوب لحكامها على اساس من رؤى أيديولوجية وبرامج سياسية وتم تحجيم سلطة الحاكم بشبكة متناسقة من الدساتير والقوانين والمؤسسات التشريعية والقضائية وقد قطعت أوربا شوطا طويلا فى هذا المجال ووصلت إلى نظمها المعاصرة بعد ثورات كبرى وكفاح دفعت خلاله دماء الملايين من المناضلين فى سبيل الحرية حتى تكاملت نظمهم فى ديمقراطيات تقدس حرية الإنسان وتحترم حقوقه ولكن النزعة التسلطية ظلت داخل الطبيعة البشرية – لدى البعض – عالية النشاط تبرز بوجهها القبيح أحيانا فتشعل الحروب وتسبب الكوارث وقد استخدم أصحاب هذه النزعة طريقين لا ثالث لهما للوصول إلى الحكم المطلق وصناعة الدكتاتور :-
الطريق الأول : وهو الأكثر شيوعا فى العصر الحديث هو الانقلاب العسكرى حيث يستغل العسكريون امتلاكهم للقوة المسلحة لقلب نظام حكم ما والحلول محله بسلطة دكتاتورية مطلقة , معتمدين على رفض الناس لفشل النظام فى تحقيق طموحاتهم ومستخدمين ما يسمى بالشرعية الثورية لإقناع الشعوب بقبول دكتاتوريتهم .
الطريق الثانى : هو استخدام الآلية الديمقراطية نفسها للوصول إلى الحكم عبر صناديق الانتخاب باجتذاب أصوات الناخبين ببرامج براقة طموحة أو مخاطبة عواطفهم القومية والدينية والوطنية للوصول إلى الحكم ثم الإنقلاب على الديمقراطية بإسقاط القوانين والدساتير والمؤسسات الرقابية والتشريعية والقضائية أو السيطرة عليها والتحول إلى حكم دكتاتورى مطلق لفرد أو حزب أو جماعة تلغى غيرها وتقضى على معارضيها مثلما فعل موسولينى وحزبه الفاشى فى إيطاليا فى عشرينيات القرن الماضى
وهتلر وحزبه النازى فى ألمانيا فى ثلاثينيات نفس القرن , ونحن نعلم جميعا المصير الذى انتهى إليه البلدان ( إيطاليا و المانيا ) نتيجة لسيطرة الفاشية والنازية عليهما فكانت الهزيمة المدمرة القاسية فى الحرب العالمية الثانية والخراب الكامل الذى جلبته الدكتاتورية على قطرين من أكثر بلاد العالم تقدما .
وهذه الدكتاتوريات استطاعت فى بداياتها تحقيق بعض أهداف شعوبها ولكنها انتهت إلى تدمير وخراب أوطانها ورغم هذه الدروس القاسية فمازالت دول فيما يسمى بالعالم الثالث تحاول أن تسير فى نفس الطرق المدمر سواء بالانقلاب العسكرى أو الانقلاب على الديمقراطية .
إن الأمم التى لا تتعلم من دروس التاريخ سوف تقضى على أى فرصة لها للنهوض والتقدم وستبقى دائما أسيرة للتخلف والخذلان .
فهل نتعلم من دروس التاريخ ؟؟ !! أرجو...........
المصدر: الأديبة ميمى قدرى -
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد