جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة

فى خضم ما تموج به الأحداث السياسية الساخنة فى مصر، والتجاهل المتعمد لهذه الأحداث من قبل الرئيس. ذلك التجاهل الذى تجلت مظاهره فى اختيار الرئيس لمستشاريه، الذين لم يكونوا سوى تبلوه رئاسي، لاستكمال وجاهته السيادية،فلم يساهموا فى حل أزمة كائنة أو تجنب أزمة محدقة بالبلاد، بل كانوا فاعلا صارخا فى كل الأزمات التى عاشها الرئيس ودفع فاتورتها الشعب. كما تجلت تلك المظاهر فى تشكيل حكومته من التكنوقراط الذين افتقدوا الحس الثوري، كما افتقدوا الرؤية الصائبة فى إدارة مؤسساتهم، واختبئوا خلف كراسيهم يحصدون رواتبهم، ولم نشعر بهم إلا فى أزمة كانوا هم طرفا أساسياً فيها. وصولا إلى تجاهله المتعمد لكل ما يحدث فى سيناء؛ فها أنت تذهب لصلاة الجمعة فى أسيوط بحراسة قوامها 12 ألف جندي و 30مدرعة وغطاء جوى كامل. أسيوط التى تُعرَف للجميع بأنها معقل الجماعة الإسلامية والإخوان منذ زمن بعيد، وأنها المحافظة التى وقفت حائلا دون ترشح عمر سليمان وأخرجته من مارثون الرئاسة. فمن من تخشى أيها الرئيس؟ من الشعب الذى انتخبك أم من الجماعة التى تنتمي إليها؟ تصلى الجمعة فى أسيوط بغطاء أمنى كثيف تاركا خلفك سيناء عارية ومرتع للذئاب الذين أخرجتهم من السجون ليلتهموا ما تبقى من أمن مصر،فاليوم أعلن أبنائها الاستقلال والإمساك بسلطة المحافظة لحين انتخاب محافظاً جديدا؛حتى لا تصبح سيناء المعزولة عن جسد الأمة والخاوية من الأمن صيدا يسيراً لليهود، ويصبح أبنائها ورجال الأمن فيها عرضة لرصاصات التكفيريين واليهود هناك. أيها الرئيس إن لم تكن قادر على تحمل المسئولية فارحل، فجسد الأمة عليل. يحتاج لجراح ماهر وليس طبيب مسكنات. فأنت المسئول الأول عن سيناء التى غُسلَت صحراءها بدماء الشهداء. وأنت المسئول جنائيا وأمام الله عن الأرواح التى تزهق كل يوم دون رادع. وأذكرك يا سيدي بأنك الراعي وأنك المسئول عن الأرض التى انتهكت قداستها بفعل التكفيريين الذين أخرجتهم من السجون فأصبحوا شبحا مخيفا يعبث بمقدرات الوطن ومستقبله. سيدي الرئيس عنايتك بسيناء عبادة ، فصلاتك عبادة فرد لا تخص سواك.. وعنايتك بسيناء عبادة أمة تحملت مسئوليتها فلا تفرط فيما وليت.وإذا فرطت فلن يرحمك الله ولن تغيثك الجماعة. فلم يعد لدى الشعب مقدس بعد، فقبل أن يُسقط الشعب مبارك كرمز أسقط معه هيبة الرئيس، ولا شيء الآن يستحق الثورة إلا الكرامة والأرض والعرض.
وماذا تقصد من صلاتك الجمعة بالمحافظات؟ فإذا كنت تستهدف منها ملاقاة المغبونين ودراسة مشاكلهم عن قرب، فهل تعتقد أن منبر الجمعة مكاناً ملائما لذلك؟ وأن كنت كذلك فأين تتلقى مطالب المسيحيين؟ أم أنهم مجبرون لصلاة الجمعة حتى يتمكنوا من عرض مطالبهم؟ وهل زيارتك هذه تعادل ما ينفق عليها من الملايين وحالات الارتباك المروري والاستعدادات التى تتخذها المحافظة لاستقبالك؟ وأين نائبك ياسيادة الرئيس وماذا خولت له من سلطات وأسندت له من مهام ؟ فلم نسمع عنه ولم نره منذ أن أصدرت قرارك بتعيينه؟
وأخراً وليس أخيراً ماذا فعلت لتضع لنا دستورا يعبر عن إرادة الشعب وأحلامه وطموحاته؟ وماذا تنتظر مسودة وضعتها لجنة باطل تشكيلها؟ فأكثر من 21 عضوا فيها تم تعينهم بين مستشار لك أو وزير؛ وهو ما يخالف الإعلان الدستوري، ويضرب بالحيادية المنشودة فى وضع الدستور عرض الحائط؟ ماذا تصنع مصر بدستور يُستَفتَى عليه شعب بلغت نسبة الأمية الهجائية فيه 40 % والأمية الثقافية 90% ؟ هل شكلت لجان لتوعية الشعب بمواد الدستور قبل الاستفتاء عليه أم أنك رضيت بأن يقرر دستور مصر الثورة الأميون وأنصاف المثقفين؟ فالدستور يا سيادة الرئيس ليس قراراً يعبر عن حالة بل وثيقة تحدد مستقبل وطن.. فكيف يقررها الأميون بأصواتهم الغالبة؟ إن ما طرحناه ليس سوى ملاحظات لتوجيه الرأي.. ولكن هل يستجيب الرئيس؟
المصدر: الكاتب المصرى دكتور : صلاح هاشم
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد