افتتح المهرجان الدولي للفيلم المستقل في بروكسل مساء الثلاثاء دورته التاسعة والثلاثين بعدما اختار أن يكون لبنان "نجم" هذه السنة عبر تسليط الضوء على تجربته السينمائية، وأيضا من خلال مشاركة أفلام مخرجين لبنانيين ضمن المنافسة على جوائز المسابقة الرسمية التي تضم أيضا أفلاما من مصر والمغرب.
وتضم المسابقة الرسمية للمهرجان، المستمر حتى العاشر من الشهر الجاري، 12 فيلما بينها "قصة ثواني" للبنانية لارا سابا إلى جانب فيلم لبناني آخر هو "رجل شريف" لجان كلود قدسي، و"الشتا اللي فات" للمصري ابراهيم البطوط، و"الاندلس يالحبيبة" للمغربي محمد نظيف، إضافة إلى أفلام أخرى من حول العالم.
وجاء افتتاح المهرجان في مركز "فلاجيه" الفني في بروكسل لبنانيا بامتياز، إذ عرض فيلم "قصة ثواني" بعدما كان اعتلى المنصة متحدثون لبنانيون. وكان الابرز حضور المغنية اللبنانية جاهدة وهبة التي أدت منفردة مقاطع غنائية أظهرت حضورا لبنانيا وعربيا معتبرا بين الحضور الذي شكلوا ما يشبه الجوقة الغنائية خلف المطربة.
وشهد المهرجان لأول مرة تغييرا في طاقم ادارته، بعد حوالى أربعة عقود من انطلاقته، وقال المدير الجديد للمهرجان البلجيكي سيلفاتوري ليوكاتا لوكالة فرانس برس إن اختيار لبنان ضيف شرف جاء "لأن لبنان في الماضي لم يكن مرئيا كما يجب، وعرض الافلام هو أفضل طريقة للتعريف به لأنه يمتلك انتاجا سينمائيا حقيقيا".
وأضاف "قلنا أيضا إن الوقت الحالي هو الوقت المناسب، في ظل التطورات الجيوسياسية الحالية التي سلطت الاضواء على الشرق الاوسط والعالم العربي عموما".
لكن التعريف بسينما لبنان لم يأت عبر عرض واقع وردي لا تعيشه صناعة الفن السابع هناك، إذ قالت مايا دو فريج، مديرة "مؤسسة سينما لبنان"، أمام جمهور الافتتاح إن "لبنان هو بلد واعد للسينما"، لكنها استدركت قائلة "أنشأنا مؤسستنا عام 2003 لتعويض عدم وجود مؤسسة وطنية لدعم السينما في لبنان ولتطوير صناعة السينما اللبنانية والترويج لأفلامها".
وأكدت هذا الواقع أيضا نبال عرقجي، منتجة وكاتبة سيناريو فيلم "قصة ثواني"، والتي قالت عن ظروف انتاج فيلمها "عملنا خلال سنتين بشكل قاسي، مع القليل من الامكانيات المادية لأنه ليس هناك دعم وطني للسينما في لبنان بل استثمارات ومساهمات خاصة".
ولم تستطع مخرجة الفيلم لارا سابا اخفاء تأثرها بعد غناء مواطنتها جاهدة وهبي، وقالت بصوت متهدج من على منصة الافتتاح "صوت جاهدة أثر في جدا وذكرني أنني في صغري كنت أحلم بان تتحول الموسيقى والكلمات إلى نهر ينظف العالم من كل الاشياء البشعة والسيئة".
وأضافت "العالم ليس مثاليا ولذلك نحتاج إلى السينما لنحلم ولننسى الهموم. لبنان ليس في حال جيدة. (الكاتب الفرنسي اللبناني) أمين معلوف قال مرة أن لبنان مثل نبتة ورد، وهذا صحيح لكن هذه النبتة جريحة الان".
خارج سرب هذه التعليقات جاء كلام القائمة باعمال السفارة اللبنانية في بروكسل جوانا القزي، التي قالت بنبرة خطابية رسمية معلقة على استضافة لبنان كضيف شرف إن "الانتاج السينمائي يفيض في لبنان حاليا".
وأضافت "عبر عرض الافلام اللبنانية في المهرجانات العالمية، صار هناك تشابك في العلاقات بين لبنان والبلدان الاخرى في العالم".
وبين التفاؤل والسلبية في تلك التعلقيات، جاء كلام مدير المهرجان معبرا عندما قال إن تكريم لبنان يأتي لأنه "بلد نعرفه لكن لا نفهمه"، وأضاف "نحاول أن نأخذكم إلى سفر في لبنان عبر انتاجه السينمائي".
ويقام المهرجان هذا العام في خمس صالات سينما بلجيكية، ويرأس لجنة تحكيم المسابقة الدولية المخرج الفيلبيني بريانتي مندوزا، الحاصل على جائزة أفضل اخراج في مهرجان "كان" السينمائي عام 2009، ويحضر إلى جانبه نخبة من الممثلين ونقاد الفن السابع في بلجيكا وفرنسا إضافة للمثل اللبناني شادي حداد.
ويحاول المهرجان تسليط الضوء على التجارب السينمائية الآتية من خارج دائرة الانتاجات الكبيرة أوالتجارية، وخصوصا أعمال الجيل الجديد، فمن بين أفلام المسابقة الرسمية هناك ثمانية أفلام هي الاولى لمخرجيها.
وقال هنري روزنبلات، رئيس المهرجان، خلال الافتتاح إن "المهرجان يحاول دائما أن يكتشف السينما غير المعروفة جدا في بلجيكا لمخرجين مستقلين، ويحاول أن يناضل في وجه العالم المبرمج والسينما التجارية التي تقف خلفها مكنات اعلامية وترويج هائل".