اليوم سأقص عليكم أحسن الذكريات التي حفرت في عقلي أجمل اللحظات عشتها شاباً صغيراً في مقتبل العمر مهموما بأحوال بلادي نسيت اللعب والمرح وجيش العدو محتلاً سيناء الجزء الغالي من اراضينا ، عشت مرارة الهزيمة نسيت الضحكة واللعب مع الصحاب وصديقي هو الراديو ناقلا لنا العذاب .. أخبار الهدم والقتل والصواريخ تتساقط علي مدن القناة تمنيت أخبارا طيبة ويئست من طول الإنتظار حتي جاء المُحــال يوم عبور القنال .. سمعت أخبارا عن معارك تدور رحاها بالزعفرانة والسخنة علي خليج السويس وجدت الكل شاردا وسرحانا وفي يده راديو يسمع بأهتمام ماذا يدور في الميدان .. جاءنا البيان سمعنا وتابعنا بدون كلام الكل ساكت ومنصت بأهتمام .
البيان الأول في الساعة الثانية والربع بعد الظهر بالتمام قام العدو بمهاجمة منطقتي الزعفرانة والسخنة علي خليج السويس .. وجدت نفسي مع الكبار قلقا وينتابني خوف وقلق علي جنودنا وأهالينا في الأمام .
وبمتابعة مع صديقنا الراديو وبأهتمام جاء البيان الثاني في الساعة الثانية و25 دقيقة رداً علي العدوان الغادر الذي قام به العدو ضد قواتنا تقوم حالياً بعضٌ من تشكيلاتنا الجوية بقصف قواعد العدو القوية وأهدافه العسكرية في الأراضي المحتلة بسيناء ، ودون أن أدري أجد نفسي أقوم وأهلل وإذا بالكبار وبصوت عالي أسكت فسكت إحتراما للكبار ولم يسكت قلبي فزادت دقاته حتي توالت البيانات .
وجاءت ساعة الحسم البيان الخامس والذي أذيع في تمام الرابعة و6 دقائق عصراً وقبل أن يتلوا البيان نظرت سريعاً حول الراديو وجدت أناسا أعرفهم وأخرين لم أرهم من قبل لا صوت ولا حركة ألا صوت الراديو ومع كلمات البيان وأنا استمع بأهتمام كدت أن أموت لسرعة نبضات قلبي والتي كانت تسرع كلما أسرع البيان بكلماته التي كانت فرحة العمر وخبر السماء ووسام علي صدر الأباء أبطال مصر نجحت قواتنا في إقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة وأستولت علي نقط العدو القوية وعندما هم بالقول ورفع علم مصر علي الضفة الشرقية للقناة لم أر الراديو ولم اسمع بقية البيان أصوات وأحضان وقبلات ولا أعرف جسمي علي الأرض أو جسمي في الهواء أجد من يرفعني ومن يقبلني ومن يبكي.. أيام عشتها يا لها من ايام عشت السعادة ووجدت النور قادما من الميدان ذهب النوم وأخذت أجري في الشوارع والميادين بحثا عن بطل من أبطال العبور لأقبل يده ورأسة وألتمس حبات الرمل علي حذاءه رأيت في الشارع الوجوه غير الوجوه والمكان غير المكان والناس غير الناس وفي يديهم راديو أو جرنان ووجه مبتسم وفرحان وتوالت الأخبار وعشت الفرحة زمان وعندما يأتي 6 أكتوبر أعيش الذكريات وأتمني عودة ما مضى من ذكريات .. تهنئة من قلب كاد أن يقف فرحاً بالنصرة القوية لأبطال ضحوا بأنفسهم ورويت الصحراء بدمائهم الذكية لتعود أرضنا الأبية سيناء رجعت تاني لينا .. ومصر اليوم .. مصر اليوم في عيد .