الدراما التليفزيونية بين الجرأة والفن
مسلسل باب الخلق
(محمود عبد العزيز انتوني كوين المصري)
بقلم الكاتب المصرى
صالح الغازى
يحكي عن أبو عبد الله (محفوظ زلطه) مدرس اللغة العربية الذي سافر للخارج فيما يبدو لأفغانستان بحثاً عن عمل فيتورط مع جماعة من المحاربين باسم الدين . ويقرر بعد سنين طويله العودة لمصر في محاولة للاحتفاظ بسلامة ابنه من باب انه لا يسعي الا للسلام لأنه أدرك معني الفقد ليقبض عليه أمن الدولة لوجود اخبار لديهم انه الأمير الذي تنتظره الجماعات الإسلامية.
وتتصادف أحداث عديده تضعه في الصدارة سواء بشك أمن الدولة فيه لتزامن وجوده في أماكن يحدث فيها تفجيرات أو مشاجرات كبيره ،أو في جماهيريته حيث تسرب أفلام فيديو تصور خلسة يقوم فيها بدور الناصح الوطني عن موضوع التسامح الديني أو بإنقاذه الطفل عند انفجار قنبلة. وتدور الاحداث في مسقط رأس زلطه(باب الخلق) الموسوم بها المسلسل. ويطلب منه من الانضمام للحزب الحاكم والظهور بالأعلام ويستجيب لذلك ويحاول استثمار هذه العروض في تأمين أوضاعه.
ويؤدي دور زلطه الفنان الكبير محمود عبد العزيز باقتدار وحرفية وخفة و خبرة وكاريزما خاصه علي الشاشة ،وتنوع أداءه بين الكوميديا والتراجيدية لا تخلو من بعض المبالغة خاصة في الفيديوهات التي سربت له ،وكان أداؤه يتماس مع أداء أنتوني كوين في فيلم زوربا.
أما الفنان الكبير محمود الجندي يقوم بدور (حامد) زوج أخت محفوظ ،وأدي دور الرجل الطيب الذي يمشي جنب الحيط ويؤذن و يؤم المصلين لكنه يتورط بحكم قرابته لزلطه في العديد من المشاكل. والدور رغم انه عادي لكن أداه الجندي باقتدار .
أما الفنان الكبير عزت أبو عوف محامي الشيطان(نصر أبو الحسن) الذي يعمل مع الجماعات وأمن الدولة . حتي مع الحزب الحاكم الذي يريد ان يستغل شهرة محفوظ وضمه للحزب. وهو نفسه الذي كان السبب في خداع زلطه وتسفيره للخارج في الماضي . وقد أدى دوره بنفس الحيادية والذكاء الذي يتسم بهما ابو عوف في تمثيله.
والقصة كتبها محمد سليمان يتناول فيها عدة قضايا منها الاسلام السياسي والفتنة الطائفية وحياة البسطاء ومافيا الاعلام .ولعل استضافة عمرو أديب بدوره كأعلامي كان مناسبا لتعرض المؤلف للقضية الأخيرة ، لكنه كان يجب التقليل من ظهوره ، وعموما نجح المؤلف في اضفاء بعض الغموض علي حكاية زلطه فجعلنا نتشوق لمعرفة حقيقة قصته في الخارج طوال الوقت والذي قسمها بذكاء علي حلقات المسلسل . المسلسل به عدد كبير من الممثلين (منه فضالي ،تامر هجرس ،عبير صبري)، (رمزي ،ولاء ،سامح وغيرهم الكثيرين)لكن لم يستغل حشد الممثلين جيدا بالمقارنة بالقدرة الانتاجية الهائلة للمسلسل ولعل في تلك الجزئية فكر يتشابه مع فيلم البيبي دول لكن الفارق أن الثاني سينمائي. مما أثر علي المسلسل ،لكن المخرج عادل أديب استطاع ان يقدم لنا مسلسل بتقنية عالية وباب الخلق فيه صورة راقية مختلفة من حركة ممثلين محسوبة لديكور مناسب وتصوير واضاءه ومونتاج . كذلك أغنية التتر لفريق( واما) جاءت مناسبه ومعبره عن الاحداث و يجدر الاشارة بالفنان أحمد فلوكس الذي قام بدور ضابط أمن الدولة(شاكر) بشكل ذكي ومختلف .
هناك لازمه تقريبا اعتاد بعض الممثلين استعمالها وكلها موفقة ومنها ضحكة عزت ابو عوف والداله علي الهروب من الموضوع ولازمة محمود الجندي (والله بعقد الهاء) والدالة علي جدية القسم ولازمة محمود عبد العزيز (سيدي يا سيدي) والدالة علي تفخيم الأمر ولازمة المصور سامح (في الجنينة) والدالة علي استحالة الحدوث .
وأخيرا يستحق الاشادة والتأكيد علي دور عم مينا هذا الدور الهام والملهم الذي ينتمي لعبقرية التقاط الحالة وأعتقد انه يمثل نمط وأداء في عالم التمثيل وعم مينا هو صديق قديم لمحفوظ ،يحكي له ما حدث وأحيانا يلجأ له ويشكو وأحيانا ينم معه عما بالحي ،وهو مصري قبطي لا وجود للعنصرية في قلبه وجسد هذا الدور الخالد المخرج الكبير سمير العصفوري .