عندما بعث الله النبي الكريم الى العرب بدين التوحيد ورسالة الاسلام ,فكان هاديا ومبشرا ونذيرا وكان قائدا احبه الصحابة واحترمه حتى غير المسلمين,
رأي فيه الضعيف قارب النجاة والنصرة وراى فيه القوي المثل الاعلى والقدوة , فلم يكن عجيبا ان نجد الجميع يبكي ملتاعا عند موته , بل ان ردة فعل بعض الصحابة كانت من المبالغة في الالم ما يجعله اقرب للجزع . فهاهو الفاروق القوي الشديد يعلن على الناس ان من سيتكلم عن نبا النبي سيقطع يده وقدمه !
فما كان من حبيب رسول الله ورفيق دربه وصاحب مشواره الصديق الا ان اعلن في هذا الموقف عن اهم واكبر الدروس التي يجب على البشرية جمعاء ان تتعلمها حيث قال بثبات المؤمن " من كان يعبد الله فان الله لا يموت ومن كان يعبد محمد فان محمدا قدمات " ........... ومن كان يعبد محمد فان محمدا قدمات
نبراس ثابت ودرس قوي وقاعدة عريضة يجب ان يعيها كل صاحب مبدأ او رسالة او حتى كل صاحب ثورة !
من كانت تحركاته لاجل البشر فانهم فانون , من ثار لاجل شخص فان الاشخاص ميتون , من سعى وكافح لاجل رجل فالجميع زائل لا محالة !
وبالتأكيد فان هذا المبدأ ينطبق حتما على ثورتنا المصرية وعلى نظرتنا لكل من فيها من رموز شاركوا فيها او افراد ناضلوا من اجلها او حتى مرشحي الرئاسة والبرلمان
فالانتماء يجب الا يكون لشخص والنضال يجب الا يختزل في فرد او حتى حزب او جماعة , فمن الخطأ كل الخطأ ان نرى الثورة من خلال تصرفات شخص بعينه واما غيره فلا ! بل انها قد تعد جريمة ان ندور في فلك شخص واحد ومنه نبدأ واليه ننتهي في ثورتنا ضد الفساد والظلم !
اننا بهذه الطريقة نغتال الثورة بايدينا ونمحوا ملامحها ونضع اهدافها طي النسيان , اننا بهذه الطريقة نحول نضال شعب كامل الى مجرد مواقف يتخذها رمز ما وفي ذلك غبن بين لجميع المصريين !
بل اننا بهذه الطريقة نخلق طاغوتا جديدا ونوجد فرعونا يحكمنا من صنع ايدينا
ان الثورة لم تقم لتطيح بطاغوت وتأتي بطاغوت غيره , ولم تقم لاجل الاطاحة بشخص وتغييره بشخص غيره , بل انها قامت لاجل اسقاط نظام كامل وللقضاء على بؤرة كاملة من الفساد والعفونة والظلم التي طالت جميع الطبقات وكل التوجهات وعليه فانه من غير المنطقي ان نجلب لانفسنا شخصا بعينه لنفرضه على بعضنا فرضا
فان كنا بحاجة لبطل لثورتنا فلا يمكن ان نرى سوى المواطن المطحون بطلا ولا سوى ا لمصري المقهور المغلوب قائدا ولا سوى نصرة الفقير المعدم وجهة وهدفا اليها نتجه ومنها ننطلق ونتحرك
اننا عندما نضع اهداف الثورة وحدها امام اعيننا لتكون مقياسا يحكم الرجال ويفنط الافراد فاننا بهذه الطريقة نخلق مناخا خصبا مرنا يتسع لجميع المصريين من جميع الاتحاهات ليكونوا رموزا نحترمهم ونسير خلفهم , اننا بهذ الطريقة نوجد مجتمعا كاملا من المناضلين الثوار الذين يمثلون قوة لا يستهان بها في تحريك الثورةوالسير بها قدما الى الامام .
اما ان ننظر للثورة من منظار واحد ومن خلال تبنينا لمواقف شخص واحد فان هذه النظرة كفيلة بقتل الثورة والقضاء عليها بشكل ربما كان اسرع واكثر فتكا من مؤامرات المضادين للثورة انفسهم
ان هذه ليست دعوة ايضا للتخللي عن من نرى انهم قادة ولا ان نغير راينا تجاه شخص توارى عن الساحة لمجرد انه ابتعد عنها او ان نغير راينا في شخص لمجرد انه ثارت حوله الشائعات او ان نفقد ايماننا بافراد نالهم بطش الحاكم وظلمه وربما محاكماته !
بل ان هذا التخللي هو ضعف وتخاذل ونحن ابعد ما نكون في حاجة لمثل هذا الوهن في مواقفنا ولكننا بحاجة لان نحكم على الافراد من خلال اهداف الثورة فان ثبت صدق فرد فليس من المنطقي ابدا ان نتخللى عنه وان ننفض من حوله وليس من المنطقي ايضا ان نقسم انفسنا تبعا للرموز وان نحكم على انتمائنا لمصر بناء على اختياراتنا لرموز الثورة
ان شخصنة الثورة والحكم على الجميع من خلال دعمهم لفرد نحبه وندعمه او عدمه بحيث نرى ان من يشاركنا الراي فهو مواطن شريف ثائر ومن كان له راي مخالف فهو عميل خائن فان ذلك هو قمة التفرق والتنابذ وهو كفيل بان يجعلنا نقف جميعا لنقبل العزاء في الثورة !