من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر
من ترى يرسل للناس المطر
من ترى يجلدهم تسعين جلدة
من ترى يصلبهم فوق الشجر
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر
ويموتوا كالبقر
طبعا نزار قباني عندما صاغ هذه القصيدة السياسية وهو يهجو الحكام إنما هجا من منطلق الغزل والواقع أن هذه السيرة الذاتية لا تمثل حقيقة الحاكم العربي الذي تحول إلى إله يجرم كل من يتناوله بالنقد السياسي بالنقد الاقتصادي بالنقد الاجتماعي، هو أحاط نفسه بهالة مقدسة واستتبع ذلك بإيجاد أجهزة أمنية تلاحق الأنفاس حتى بات المواطن العربي لا يفتح فاه إلا عند طبيب الأسنان، لا يتمكن أي مواطن عربي وأنا هنا لا أتحدث عن الصحفيين والكتاب والنخب الذين يناقشون عادة السياسات العامة والمسلكيات السياسية لهذا الحاكم أم ذاك إنما أتحدث عن عموم الناس الذين يحاولون أن يشكلوا على الأداء السياسي لهذا الحاكم أو ذاك، بات الإشكال على الحاكم يودي بصاحبه إلى السجون يودي بصاحبه إلى الصحارى يودي بصاحبه إلى القتل والاغتيال، تذكر اليوم على سبيل المثال مجموعة من الشباب تظاهروا في القاهرة، مجموعة ستة أبريل يطالبون بإلغاء حالة الطوارئ ماذا كان مصيرهم؟ الضرب بالعصي الضرب بالهراوات وكأننا في زمن الاستعمار البغيض الذي كان يلاحق الذين يطالبون بالاستقلال، في اليمن ماذا جرى؟ اقتحام لمكتب الجزيرة والاستحواذ على مركز البث التابع لقناة الجزيرة، توفيق بن بريك الصحفي التونسي المعروف توجه إليه وفد سلطوي وطلبوا منه أن يوقع على وثيقة بموجبها لا يتناول الرئيس الحاكم ولا يتناول زوجته ولا يتناول الأخطاء السياسية لهذا الحاكم، هناك عشرات الآلاف من الذين اعتقلوا حتى من الأطفال الصغار الذين لجؤوا إلى الحاسوب إلى المدونات للتعبير عن رأيهم في هذا الحاكم واعتقلوا عن بكرة أبيهم ولم يعتقلوا فحسب بل عذبوا عذابا نكرا ووجهت إنذارات لآبائهم الذين فصلوا عن العالم.
هذا الأمر هو منهج الدكتاتورية في العالم كلة وخاصة الدول العربية وعلي رأسهم نظام مبارك البائد والذي وجهه كل اجهزة الأمن الي الداخل المصري وحتي بعد ثورة25 يناير ما زالت فلول وزيول وحوش امن الدولة وضباط الأقسام واعضاء الحزب الوطني يديرون الثورة المضادة مستغلين بساطة الشعب المصري ويوجهون تحركاتهم في شكل مظاهرات ودفع مزيد من البلطجية ليكون حاجز خوف لرجال الأستثمار والحركة الأقتصادية ومزيدا من الأضرابات لأنهاك الأقتصاد
ومازالت مساعدين لهؤلاء في السلطة يتقاعسون لفرض الأمن ومطاردتهم بشكل جدي ومازالوا يتراخوا بشكل واضح امام الأمن الأقتصادي بترك العبث الأضرابي ومظاهرات العبث
ان ما يحدث في مصر يشير بأن عصابات الحزب الوطني ورجال الأعمال والذين نهبوا المال العام والذي ايضا سلبتهم الثورة السلطة والمال يدفعون عن مكاسبهم وجدوا كثيرا من يساعدهم من داخل النظام القائم ولعل ابرزها التقاعس لتفعيل الأمن لأعطائم اكبر مدة ممكنة من الأنفلات الأمني لتحيق مكاسب سياسية بقدر الامكان.