صحيفة "أرغومنتي إي فاكتي" الروسية تقول إن الصدامات العرقية، التي حدثت مؤخرا في موسكو، هيمنت على النقاشات، التي جرت خلال اجتماع مجلس الدولة يوم الإثنين الماضي. وفي هذا السياق، عبّر عمدة موسكو سيرغي سوبيانين عن مخاوفه من أنَّ تنامي أعداد المهاجرين، يمكن أن يخلَّ بالتركيبة السكانية في موسكو، موضحا أن هؤلاء، باتوا يشكلون نسبة تتراوح من 10 إلى 20% من سكان موسكو السلافيين. وأعرب سوبيانين عن قناعته بضرورة تشديد قوانين الهجرة، للقضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية. ويتضح من مداخلات رئيس الوزراء فلاديمير بوتين وتعقيباته، أنّه يؤيد مقترحات عمدة موسكو. أما الرئيس دميتري مدفيديف، فيرى أن الطريقة التي تتعامل بها الدولة مع المسألة القومية، أثبتت عدم نجاعتها وأن على المسؤولين الفيدراليين والمحليين، أن يعملوا على تكريس قيم التسامح، واحترام القوانين.
مجلة "إكسبيرت" ترى أن ما ميّز العام الماضي، هو كثرة المظاهرات الاحتجاجية. فقد بدأت الاحتجاجات في مدينة كاليننغراد، ثم انتشرت عدواها إلى أن وصلت في شهر ديسمبر/كانون الأول، إلى ساحة "مانيج"، المحاذية لأسوار الكرملين، متخذة صبغة قومية روسية. وتضيف المجلة أن الدولة دأبت على الإيحاء بأنها حاضنة لكافة أطياف الشعب، لكن أحداث ساحة "مانيج"، أظهرت عجز الدولة عن أداء واجباتها. وأظهرت الحاجة لحكومة قوية، تتفاعل مع تطلعات المواطنين، وأظهرت كذلك أن المواطنين، أدركوا ضرورة الكفِّ عن التعويل على الحكومة، والمبادرة إلى بناء دولة تحظى باحترام جميع مواطنيها. وما الاضطرابات التي جرت مؤخرا في موسكو، إلا ترجمة لتوجه جديد، يهدف إلى فرض إرادة المواطنين على الحكومة.
مجلة "بروفيل" تقول إن مصير التحالف القائم بين مدفيديف وبوتين، سوف يظل مثارا للتكهن خلال العام القادم. ومن المتوقع أن تظل هوية الرئيس، الذي سيقود البلاد بعد عام 2012، محطَّ تساؤل كذلك. وتشير الصحيفة إلى أن تصرفات مدفيديف وبوتين، خلال العام الفائت، بدت وكأنها تقصدت إضفاء الغموض على مسألة الرئاسة القادمة. فقد دأب كل منهما على التأكيد على أن الوقت لم يحن بعد للحديث عن ذلك. وأنهما سوف يتخذان، في الوقت المناسب، قرارا توافقيا، انطلاقا من ظروف تلك المرحلة. ويرى كاتب المقالة أن ثمة منطقا في تصرفات "الثنائي" الحاكم. ذلك أنه إذا أصبح معلوما أن مدفيديف هو الرئيس القادم، فإن أنظار النخبة سوف تتحول عن بوتين. وأما إذا اتضح أن بوتين سوف يعود للرئاسة، فإن ذلك سوف يضر بهيبة مدفيديف كرئيس.
صحيفة "مير نوفوستيه" تنشر تعليقا لرئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية ليونيد إيفاشوف أجمل فيه النتائج، التي حققتها روسيا على الصعيد الجيوسياسي خلال عام 2010. ويرى إيفاشوف أن ما حققته روسيا في هذا المجال، لا يبعث على الارتياح. ذلك أنها لم تكسب أيَّ حليف جديد. وعلى العكس، فقدت الكثير من مصداقيتها لدى دول العالم الإسلامي، عندما دعمت تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران ورفضت تزويدها بالاسلحة الدفاعية، ووقعت اتفاقية للتعاون العسكري مع إسرائيل، وزجَّت بنفسها في المستنقع الأفغاني. وبالإضافة إلى ذلك، وضعت روسيا نفسها في مواجهة مع الصين، عندما بدأت بمغازلة حلف الناتو. ولقد تجسدت هذه المغازلة، في الإعلان الذي أطلقه الرئيس مدفيديف في ليشبونة، والذي أكد فيه استعداد بلاده لحماية حدود حلف الناتو من الجهة الشرقية، أي الجهة، التي لا يمكن أن يتأتى منها تهديد حقيقي لحلف الناتو، إلا من الصين. كما أن موسكو بدأت تستبعد حليفها الموثوق بيلاروسيا من فضائها الأمني القومي. ويلفت إيفاشوف في الختام إلى أن العام المنصرم تميز بانخفاض مستوى الأمن القومي الروسي، حتى أن إستراتيجيتها العامة لم تتضمن أية عقيدة معقولة حتى الآن.
وتقول الصحيفة إن أهم حدث دولي تميز به العام المنصرم، يعتبر توقيع اتفاقية الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية التي صادق عليها الجانب الأمريكي، أما في مجلس الدوما الروسي فقد أقرت بالقراءة الأولى. وتنص الاتفاقية الجديدة على تقليص ثلث الرؤوس النووية لدى كلا الجانبين ليصل عددها إلى 1550 رأسا. كما أنه ينبغي عليهما تقليص وسائل الإيصال الإستراتيجية إلى 700 صاروخ. وجاء في المقالة أن سياسة "إعادة تشغيل العلاقات" التي أعلن عنها باراك أوباما والتي دعمها بحماس دميتري مدفيديف يمكن الاستمرار في تطبيقها في اتجاهات أخرى مثل مكافحة الإرهاب والراديكالية الإسلامية. لكن ذلك لا يعني أن جميع الخلافات بين روسيا والولايات المتحدة تم حلها. فقد أقر مجلس النواب الأمريكي قبل مصادقته على الاتفاقية آنفة الذكر قرارين. أحدهما يعتبر من الضروري تخصيص 85 مليار دولار خلال عشرة أعوام لتحديث الصناعات النووية. ويوحي القرار الثاني بأن واشنطن ستستمر في تطوير الدرع الصاروخية الأمريكية. ونشر الدرع الصاروخية في أوروبا بالذات قد يضطر روسيا إلى التخلي عن مسؤولياتها تجاه اتفاقية الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية، الأمر الذي سيفقدها فحواها.