في ظل انتشار التفجيرات ومئات القتلى.. تجارة الأعضاء البشرية تزدهر بالعراق
تزايدت خلال السنوات الأخيرة تجارة الأعضاء البشرية في العراق، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل الاحتلال.
ويتحدث العراقيون عن وجود عصابات متخصصة في سرقة أعضاء الجثث المجهولة الهوية، التي تصل إلى المستشفيات الحكومية ودوائر الطب العدلي، والتي انتشرت خلال عام 2006 وما بعده.
ودخلت على خط بيع الكلى فئة جديدة من العراقيين، وهم الراغبون في الهجرة بسبب الأوضاع المتردية، الذين لا يملكون الأموال التي تساعدهم على الهجرة.
وتقول مصادر طبية إن سعر الكلى وصل إلى ثلاثين ألف دولار خلال السنوات الماضية، وإن غالبية البيع والشراء تتم في الخفاء بعيدا عن أنظار السلطات المختصة.
ويتردد أن الكثير من العراقيين أقدموا على بيع أعضاء من أجسادهم، إلا أن أحدا لا يتحدث بهذا الموضوع إلى وسائل الإعلام.
وأكد المفتش العام في وزارة الصحة العراقية الدكتور عادل محسن عبد الله، أن هناك عمليات بيع وشراء للأعضاء البشرية و"ينحصر ذلك في الكلى، حيث يحتاج إليها البعض وغالبا ما يكون هؤلاء من الأثرياء فيجدون مبتغاهم عند الفقراء والمحتاجين".
ولم يقتصر الاتجار بالأعضاء البشرية في العراق على البيع والشراء فقط، حيث كشف المفتش العام في وزارة الصحة عن وجود عصابات متخصصة في سرقة الأعضاء البشرية والاتجار بها.
الجرم المشهود
وقال عبد الله إن وزارة الصحة تمكنت من رصد ومراقبة بعض المشتبه فيهم، واضطرت السلطات المختصة إلى وضع كاميرات داخل صالات أجراء العمليات الجراحية بعد استصدار الموافقات وإذن القضاء لمراقبة مراحل إجراء العمليات الجراحية.
وأوضح أنه تم الإمساك بهم بالجرم المشهود وهم يسرقون أعضاء بشرية من المرضى التي تجرى لهم عمليات جراحية في بعض المستشفيات الأهلية وليست الحكومية.
ونفى المسؤول العراقي أن يكون هناك أطباء كبار مشاركون في جرائم سرقة الأعضاء البشرية، مؤكدًا أن من يقوم بذلك "قلة من ضعاف النفوس، الذين يبيعون الأعضاء البشرية مقابل مبالغ كبيرة".
وعن الإحصائيات المتوفرة عن أعداد الذين يتاجرون بالأعضاء البشرية، قال "ليست هناك إحصائيات محددة، ويعترف بأن الوزارة لم تتمكن من رصد جميع عمليات البيع والشراء ولا حتى السرقات التي تحصل أثناء تخدير المرضى.
عصابات
أما مدير التحقيقات الجنائية في وزارة الداخلية اللواء ضياء الكناني فأكد وجود عصابات تتاجر بالأعضاء البشرية.
وقال للجزيرة نت "منذ ثلاث سنوات بدأت تتواتر المعلومات عن وجود مجاميع يتاجرون بالأعضاء البشرية، وتمكنت أجهزة الداخلية من اعتقال غالبية هؤلاء".
ونبه الكناني إلى أنه "طالما كانت هناك حاجة لدى البعض واستعداد لدى الآخر لدفع مبالغ طائلة، فإن هذه التجارة ستتواصل".
وذكر أن وزارة الداخلية لم تتوصل إلى وجود عصابات كبيرة متخصصة في الاتجار بالأعضاء البشرية، إلا أن ذلك لا ينفي وجودها، مشيرًا إلى أنها تتركز في العاصمة بغداد، وأن الزبائن قد يكونون من مناطق عديدة في العراق.
وذكرت بعض وسائل الإعلام المحلية أن شبابًا عراقيين يعرضون أعضاءهم البشرية على بعض المستشفيات المتخصصة وأن عدد هؤلاء يصل شهريا ما بين 30 و35 شخصًا.
مرحلتان
وكان الحديث عن ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية، قد ازداد منتصف التسعينيات القرن الماضي، بعد أن ظهرت تأثيرات الحصار الاقتصادي على العراق بوضوح.
ولم يكن الحديث قد برز على شكل بيع و شراء، وتم تغليف ذلك بما يطلق عليه التبرع، حيث وجد من يطرق استعلامات أحد أبرز المستشفيات المتخصصة بعمليات زراعة الكلى في جانب الرصافة ببغداد، ويعرض تبرعه بإحدى كليتيه لمن يحتاج إليها.
وفي الوقت نفسه، يكون هناك من أبلغ إدارة المستشفى عن حاجته إلى الكلى، وبعيدًا عن أنظار إدارة المستشفى تجري عملية الاتفاق، ووصل سعر الكلى خلال التسعينيات وقبل الغزو عام 2003 إلى ما بين 15 و20 ألف دولار.