تعهد أحد ممثلي الجماعات التي تشن هجمات عبر الإنترنت رداً على محاولات عرقلة الوصول إلى موقع “ويكيليكس” أمس، بأنهم سيشنون المزيد من الهجمات على الأرجح في إطار “حرب معلومات” لحماية حرية الانترنت، فيما رجحت مصادر مطلعة أن تسلط التسريبات التالية الضوء على تقارير الحكومة الأميركية بشأن المتشددين المشتبه بهم المحتجزين في معتقل جوانتانامو. وبينما تمكن قراصنة من تعطيل موقعي شركتي بطاقات الائتمان العملاقتين “ماستركارد” و”فيزا” بالفعل جراء هجمات إلكترونية، كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية القريبة من “حزب الله” والتي نشرت وثائق دبلوماسية أميركية حصلت عليها من ويكيليكس، أمس أنها تعرضت لـ”اعتداء معلوماتي” منذ أيام. وخطط مؤيدو ويكيليكس أمس لمهاجمة خدمة “باي بال” للسداد عبر الإنترنت وأعداء آخرين متصورين للموقع الذي أغضب السلطات الأميركية ببدء نشره تفاصيل 250 ألف برقية دبلوماسية سرية.
وأكد متحدث يطلق على نفسه اسم “كولدبلاد” أي (دم بارد) ويتحدث بلكنة إنجليزية لراديو “4” التابع للإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن الحملة على المؤسسات المعادية لويكيليكس وحرية الإنترنت لم تنته، بل إنها لا تزال مستمرة بقوة والمزيد من الناس ينضمون إليها. وأوضح المتحدث باسم مجموعة قراصنة تطلق على نفسها “انونيموس”، أنه مهندس برمجيات يبلغ من العمر 22 عاماً. وذكر “دم بارد” أن أعداداً متزايدة تقوم بتحميل البرنامج “بوتنت” الذي يسمح بشن هجمات معلوماتية مكثفة على موقع انطلاقا من آلاف أجهزة الكمبيوتر في وقت واحد. وأكد “دم بارد” أن انونيموس ليست مجموعة منظمة “ولا تخضع لأطر تقليدية. إنها مجرد مجموعة من الأشخاص. وعندما يتناقلون فكرة يطبقونها إذا وجدوا أنها جيدة”. وتابع “استهدف مجهولون بشكل رئيسي شركات قررت لأي سبب عدم التعامل مع ويكيليكس. وبعض من الأهداف الرئيسية تشمل أمازون وماستركارد وفيزا وباي بال”. كما استهدف القراصنة موقع سارة بالين أهم شخصيات الجمهوريين المحافظين المتشددين في الولايات المتحدة. وكان بالين قالت إن “يدي أسانج ملوثة بالدم”.
وذكرت صحيفة “افتونبلاديت” السويدية إن موقع الحكومة السويدية تعطل لوقت قصير الليلة قبل الماضية في أحدث هجوم واضح، بعد إصدار السويد مذكرة اعتقال بحق جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس تتعلق بست جرائم وهو محتجز في بريطانيا حالياً في انتظار جلسة للنظر في مسألة ترحيله.
وكان أسانج ذكر الأسبوع الحالي أن بحوزته مجموعة كبيرة من تقارير الحكومة الأميركية عن السجناء المحتجزين في معتقل جوانتانامو. وأكدر شخص كان على اتصال بأسانج “لديه الملفات الشخصية لكل سجين في جوانتانامو”. وقالت عدة مصادر حكومية أميركية إن هناك مخاوف من أن تتضمن البرقيات التي حصل عليها أسانج “تقييمات عن التهديدات” بالغة الحساسية أعدتها وكالات مخابرات لمعرفة احتمالات عودة سجناء بعينهم إلى أنشطة التشدد إذا تم الإفراج عنهم.
من جهتها، تعرضت “الأخبار” اللبنانية التي نشرت وثائق دبلوماسية أميركية مسربة لاعتداء معلوماتي منذ أيام. وتسلط تسريبات ويكيليكس المتعلقة بلبنان الضوء خصوصاً على جوانب غير معلنة من عمل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. وشهدت الصحيفة وهي العربية الوحيدة التي تلقت البرقيات مباشرة من ويكيليكس قيام مجموعة من القراصنة باختطاف موقعها وتوجيه الزائرين إلى منتدى سعودي للدردشة على الإنترنت. وذكرت صحيفة “الجارديان” نقلاً عن برقيات دبلوماسية أميركية حصل عليها ويكيليكس إن شركة “رويال داتش شل” النفطية اخترقت الوزارات الرئيسية في نيجيريا وهو ما مكنها من معرفة كل تحركات السياسيين في البلد الأفريقي الغني بالنفط. وكشفت مذكرة أخرى أن السلطات في نيجيريا كانت في حالة فوضى عارمة خلال مرض الرئيس الراحل عمر يار ادوا مطلع العام الحالي، إذ لم يكن من الواضح من هو المسؤول حينها ومن سيتولى الحكم. واعتبرت واشنطن الصين “منافسة اقتصادية خبيثة ولا أخلاقية”، تدعم الاستثمارات التي تقوم بها في أفريقيا أنظمة لا تلقى تأييداً بحسب برقية بتاريخ 23 فبراير الماضي، من القنصلية الأميركية العامة في لاجوس.
وأظهرت وثائق أخرى أن واشنطن مارست ضغوطا كبيرة على برلين لعدم إصدار مذكرات توقيف بحق عاملين في وكالة الاستخبارات المركزية شاركوا في 2003 في خطف المواطن الألماني خالد المصري اشتبه به خطأ بأنه إرهابي. واعتقل المصري وهو تاجر سيارات عاطل عن العمل من أصل لبناني، أواخر ديسمبر 2003 عند وصوله إلى مقدونيا لقضاء عطلة.
وذكرت “نيويورك تايمز” الليلة قبل الماضية، استناداً إلى وثائق ويكيليكس، أن جون كوينج الدبلوماسي الأميركي في السفارة ببرلين حذر الحكومة الألمانية من التصرف وفقاً لمذكرات اعتقال بحق 13 عميلاً لـ”سي آي إيه” مشتبه بهم. كما كشفت برقية أن السفير الأميركي في كينيا مايكل رانيبرجر حذر من أن ثقافة “الإفلات” من العقاب وارتفاع معدلات الفساد قد يؤديان إلى تجدد العنف خلال انتخابات 2012 . وأوردت برقيات أخرى أن واشنطن أعربت لروسيا عن قلقها من بيع فنزويلا 100 صاروخ مضادة للطيران خشية منها من أن تقع بأيدي القوات المسلحة الثورية في كولومبيا “فارك”.
إلى ذلك، احتج الرئيس البرازيلي المنتهية ولايته لويز انياسيو لولا دا سيلفا على اعتقال مؤسس ويكيليكس وأعرب خلال حفل في برازيليا عن “تضامنه في كشف الوثائق والاحتجاج على انتهاك حرية التعبير”.
وبدورها، أعلنت شركة “فلاتر” السويدية لأنظمة سداد المبالغ المالية الصغيرة أمس، أنها ستواصل تحويل التبرعات إلى ويكيليكس، “طالما لم يصدر حكم قضائي يمنع ذلك”، أفادت شركة “دايتاسل” الايسلندية التي تسهل إرسال هبات مالية إلى الموقع، أنها رفعت شكوى على مجموعة “فيزا” لبطاقات الاعتماد، لأنها أوقفت إرسال هذه الهبات إلى ويكيليكس.