بقلم أ.د. حنان عبد الفتاح السعداوي الاستاذ الباحث بالمركز القومي للبحوث
تعتبر المكافحة الحيوية بمثابة طوق النجاه لمحاولة اعادة التوازن البيولوجي للبيئة الذي تم افساده من قبل الانسان. اذن ما هو التوازن البيولوجي للبيئة ؟ ببساطة شديدة ان لكل كائن حي عدو يحد من تكاثره في بيئته الطبيعية و عندما يتم نقل اي كائن حي الي بيئة اخري خالية من أعدائه الطبيعية فان هذا الكائن (نبات او حشرات او حيوان) يتكاثر بصورة كبيرة جدا تؤثر سلباً علي تكاثر الكائنات الاصلية في هذه البيئة وهنا يعتبر هذا التكاثر غير مرغوب فيه ويطلق عليه اسم آفة ويجب مكافحته. و تتعدد طرق ووسائل المكافحة فمنها المكافحة الميكانيكية مثل اقتلاع النباتات الضارة و احراقها وهي طريقة امنة ولكن مع الاسف لاتصلح مع الافات الحشرية التي تصيب المحاصيل او الطفيليات الناقلة للامراض مثل القمل و الباعوض و البراغيث. وقد كان اكتشاف مركب الدي دي تي 1939 بواسطة العالم بول مولر في سويسراو الذي نال عليه جائزة نوبل للسلام عام 1948 بمثابة السلاح الفتاك ضد الافات و الطفيليات حيث استخدم في الحرب العالمية الثانية علي نطاق واسع للقضاء علي الباعوض المتسبب في مرض الملااريا في ايطاليا و الهند و البراغيث المتسببة في مرض الطاعون وايضا القمل المتسبب في مرض التيفوس و امتد استخدامه الي آفات المحاصيل الزراعية. ثم توالت بعد ذلك تخليق المركبات الكيماوية التي تم استخدامها بافراط شديد كمبيدات خاصة في دول العالم الثالث و الدول النامية مما ادي اليتاثيرات سلبية علي البيئة وصحة الانسان. حيث تتسم هذه المركبات خاصة الدي دي تي بالثبات لدرجة كبيرة فهي تتراكم داخل الانسجة الحية للنباتات و الحيوانات و الانسان.و تعتبر متبقيات المبيدات الحشرية من المركبات السامة الرئيسية في السلسلة الغذائية و التي تعد من احد الاسباب الرئيسية لحلات الاصابة بالسرطان و الفشل الكبدي و الكلوي في الدول الفقيرة و النامية مثل مصر. ونظرا لهذه المشكلات فقد اصبح من الضروري بمكان استخدام العوامل الصديقة و الطرق الامنة لصالح صحة الانسان و بقاء الارض. وعلى ضوء ذلك قام العلماء في العالم بايجاد حلول بديلة ونظم امنة لمكافحة الافات التي تصيب المحاصيل الزراعية والطفيليات التي تصيب حيوانات المزرعة مثل نظام المكافحة المتكاملة, بمعني ان تشترك معظم وسائل المكافحة الحيوية في تناغم مدروس للتقليل من الخسارة الاقتصادية بطريقة امنة.
وقد تم ادراج النيماتودا الممرضة للحشرات ضمن برنامج المكافحة المتكاملة في الدول الاوروبية و امريكاحيث تعتبر مبيد غير عادي واسع المجال للافات ساكنات التربة. فهو امن ورخيص التكاليف وسهل التربية سواء علي البيئات الصناعية او علي العائل الحشري.وتمت اجازته كمبيد حيوي امن من قبل الهيئة الامريكية لحماية البيئة. وهنا يسال القاريءسؤال ماهي النيماتودا الممرضة للحشرات؟ وهل تضر بالنبات او الحيوان او الانسان؟ ولكي اجيب علي هذه الاسئلة يجب ان اشرح معني كلمة نيماتودا حيث انها مصطلح لاتيني معناه الديدان الاسطوانية الشكل مثل الاسكارس التي تتطفل علي الانسان ولهذه الديدان اطوال مختلفة فمنها ما يري بالعين المجردة مثل الاسكارس و منها المجهري مثل الديدان التي تتطفل علي الحشرات وهي موضوع هذا المقال. هذه الديدان الاسطوانية شديدة التخصص فهي لا تصيب الا الحشرات الضارة مثل آفات القطن (دودة ورق القطن وديدان اللوز الشوكية و القرنفلية)ايضا الدودة القارضة التي تاكل جذور النباتات كذلك ثاقبات الذرة و القصب و يرقات الجعال و هذا علي ثبيل المثال لا الحصر حيث تتميز هذه الديدان باتساع المدي العوائلي لها. ايضا هي تصيب بعض الطفيليات الخارجية لحيوانات المزرعة مثل قراد البقر و قراد الكلب و قراد الدواجن ايضا يرقات الذباب الذي يتسبب في تدويد الجروح. ومن مميزاتها انها تقضي علي الافة او الطفيل في 48 ساعة ايضا سهلة الاستخدام حيث يمكن وضعها في مياه الري او رشها بالرشاشات اليدوية او الظهرية ولا تحتاج الي قفازات او كمامات اثناء الرش حيث انها امنة تماماً علي البيئة ولا تصيب الانسان او النبات ابدا. وقد كان للمركز القومي للبحوث الدور الريادي في تدعيم الابحاث المتعلقة باستخدام هذه النيماتودا في مصر حيث كانت الاستاذة الدكتورة تيسير احمد حسنين القفل رحمها الله رائدة هذا المجال في المركز فقد كانت اول من عزل هذه الديدان من التربة المصرية بعد ان كان يتم استيرادها من الخارج وقد اثرت المجال بعدة ابحاث تطبيقية هامة علي حفار ساق العنب وحفار ساق الزيتون وحفار البطاطس (كلب البحر) و افات القطن. وقد اكمل الفريق البحثي بعدها ابحاثه بدعم من المركز القومي للبحوث حتي وصل الي امكانية تخزين هذه الديدان لمدة تصل الي عشرة اشهر دون انخفاض في كفاءتهااوحيويتها. وهذه بعض صور تعرض اصابة بعض الافات بالنيماتودا الممرضة للحشرات.