"الأستثمار الأجنبى فى مصر
خلال عهد حكومة د/نظيف"
{إيجابيات وسلبيات }
إعداد و تجميــع
حمادة السمادونى
لم تكن التقارير الاقتصادية الدولية تحظي الاهتمام الكبير من قبل حكومة د.أحمد نظيف. ربما لأن اجتذاب الاستثمار الأجنبي كان من ضمن أولويات هذه الحكومة، إلا أن البعض يعتبر أن الاهتمام بهذه التقارير يجعل السياسة الاقتصادية المصرية منقادة وراء نصائح ومشورات الشركات والمؤسسات الدولية دون النظر لأولوياتنا الاجتماعية.. وما يؤكد هذا الاعتقاد هو أنه علي مدار السنوات الخمس لحكومة د.نظيف شهدنا استجابة سريعة لملاحظات التقارير الاقتصادية الدولية وتراخيا في الاستجابة للتقارير الدولية ذات الطابع الاجتماعي الحرية الاقتصادية كانت واحدة من أولويات حكومة د.نظيف التي تؤمن بالإصلاح علي طريقة اقتصاد السوق وفتح الباب للمنافسة، وهذا الاتجاه لاقي تقديرا في العدد من التقارير الدولية التي تؤمن بأهمية هذه السياسة التحررية، ومن أبرز هذه التقارير تقرير مؤشر الحرية الاقتصادية الذي يصدر عن مؤسسة التراث الأمريكية "هيرتدج" والذي يرتب دول العالم بحسب تحررها في مجالات عدة كالسياسات المالية والنقدية والتجارية، والمتابع لترتيب مصر في هذا التقرير السنوي خلال الفترة الماضية يلاحظ انعكاس سياسات الحكومة التحررية بشكل واضح علي ترتيب مصر في تقرير عام 2008 حيث حققت مصر أعلي معدل تقدم في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2008 حيث نالت 4 نقاط زيادة في معدلات الحرية الاقتصادية لتصبح بذلك قد حققت معدل تقدم كبيرا في مجال الحرية الاقتصادية خلال العام الماضي، مسجلة 59.2 نقطة لتتقدم في الترتيب من 13 وفق مؤشر العام 2008 إلي 11 علي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتصل إلي الترتيب 85 علي مستوي العالم بعد أن كانت في ترتيب 127 في تقرير عام 2007. ويولي موقع التقرير علي الإنترنت اهتماما بذكر حكومة د.نظيف في مقدمته عن مصر حيث يشير إلي تشكيلها في عام 2004 وقيامها بتطبيق.العديد من الإصلاحات الليبرالية المؤثرة مشيرا إلي قيامها بتخفيض الضريبة علي الدخل في عام 2005 وكذلك قيامها بتخفيض دعم الطاقة وخصخصة العديد من الشركات حيث لعبت عملية خصخصة بنك الإسكندرية دورا مهما في تقدير التقرير لمستوي التحرر الاقتصادي في ظل هذه الحكومة التي اعتبر أن الإصلاح صار أولوية كبيرة في عهدها وعلي الرغم من عدم توقف عجلة الإصلاحات التحررية في الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة إلا أن مؤشر الحرية الاقتصادية الصادر عن مؤسسة التراث الأمريكية "هيرتدج" رصد في تقريره السنوي مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2009 تراجعا في مستوي الحرية الاقتصادية في مصر بنحو 5 نقاط، لتحتل المركز 97 من بين 179 دولة وتظل الانتقادات الرئيسية للتقرير علي مدار إصداراته السابقة شبه ثابتة وهي تتركز في مجالات كالعوائق غير الجمركية واستمرارتقديم الدعم في مجال الأغذية الأساسية والأدوية والنقل والذي يسهم في رأي التقرير في تشويه الأسعار وانتشار الفساد والرشوة وطول إجراءات التقاضي في مجال القضايا الاقتصادية وعدم مرونة تشريعات العملومما لاشك فيه أن استمرار تفعيل السياسات التحررية في الاقتصاد المصري خلال السنوات الخمس الماضية وحرص حكومة د.نظيف علي إيجاد الثقة بين الدولة وقطاع الاستثمار ساهم في نضوج قطاع الأعمال المصري إلا أن تقرير "المنافسون الدوليون" الذي تصدره مجموعة بوسطن يعكس تقوقع قطاع الاستثمار المصري داخل حدوده، ففي هذا التقرير الذي يرصد 100 شركة دولية متسارعة النمو نشأت في أسواق العالم النامي ونجحت في إثبات نفسها علي المستوي الدولي، لم تظهر في قوائم تقرير عام 2007 و 2008 شركة مصرية سوي شركة أوراسكوم تليكوم، وفي عام 2009 لم تظهر أي شركة في القائمة علي الإطلاق. والحديث عن نضوج قطاع الاستثمار المصري وقيامه بدوره في تنمية الاقتصاد المصري كان أكثر الموضوعات المثيرة للجدل في عهد حكومة د.نظيف بعد أن قدمت هذه الحكومة العديد من التيسيرات اعتبرها البعض كانت علي حساب الأبعاد الاجتماعية، وربما لهذا السبب سعي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر إلي صياغة "عقد اجتماعي جديد" في بداية عهد حكومة د.نظيف عام 2005. فالتقرير تحدث آنذاك عن أن العلاقة بين المواطن والدولة لم تعد قادرة علي الاستمرار بسيناريو "الوضع القائم"، والذي وصل بنا إلي المرتبة 119 في ترتيب التنمية البشرية العالمي وركز التقرير علي تحقيق جودة 5 خدمات أساسية وهي التعليم، التأمين الصحي، الضمان الاجتماعي، الائتمان للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والصرف الصحي وعلي الرغم من أن تطوير التعليم كان من ضمن أبرز الإصلاحات الاجتماعية التي ركز عليها هذا التقرير حيث اعتبر أول شروط إصلاحه اللامركزية الديموقراطية وتعزيز ثقافة الجودة وتحصيل الحقوق بالإضافة إلي تدريب "المعلمين"، مؤكدا ضرورة رفع أجور المعلمين وتوجيه أموال "الدروس الخصوصية" إلي التعليم الرسمي، وأن الأبعاد الاجتماعية للفقر وتأثيراته تدعو إلي مقاومته ليس فقط من خلال الإصلاح واستهداف الفقراء بالخدمات، ولكن بتعليمهم كيف يطالبون بحقوقهم في خدمات ذات جودة لائقة. إلا أن الكثير من المحللين يصفون حكومة د.نظيف بأنها تجاهلت إصلاح التعليم خلال السنوات الخمس الماضية، وبشكل عام جاء آخر تقرير للتنمية البشرية لعام 2008 ليكشف أن معدل التنمية البشرية في مصر وفق مؤشر التنمية البشرية بلغ 0.723 لعام 2007 في مقابل 0،708 في عام ،2005 لتحتل المرتبة الـ112 من بين 177 دولة علي مستوي العالم ولتصل نسبة السكان الفقراء إلي 19.6%
كماكشفت دراسة حديثة للخبير المصرفي أحمد أدم بعنوان "دعم العمالة المصرية" عن قيام حكومة نظيف ولجنة السياسات بالحزب الوطني بأخطاء قاتلة من اجــل جذب الاستثمارات الاجنبية
ورصدت الدراسة الاخطاء منذ عام 2004 وحتي عام 2010 وتتمثل في بيع الشركات الناجحة قبل الشركات التي تحقق خسائر مزمنة من القطاع العام مع إلغاء الخطوط الحمراء التي كانت تمنع بيع الصناعات الاستراتيجية كالاسمنت والألومنيوم وهو ما كان له تأثيرات سلبية كحدوث تكتلات احتكارية في بعض الصناعات أدت لارتفاعات رهيبة بالأسعار أضرت بالمواطن المصري، الي جانب تعديل قوانين العمل بما سمح لرب العمل بالاستغناء وبمنتهى السهولة عن العمالة الدائمة في مقابل شهرين من الراتب الأساسي عن كل سنة عمل قبل قرار الاستغناء وهو ما أدى لكل صخب المظاهرات العمالية التي تمت قبل الثورة وبعدها
واضافت الدراسة أن تعديل قانون الضرائب أثر سلباً على الإيرادات الضريبية الحقيقية وهي العمود الفقري لإيرادات الموازنة وقد كان التعديل في صالح أصحاب الثروات واستعاضته وزارة المالية بفرض جبايات متعددة أعادتنا لعصور المماليك وشكلت عبئاً بالغاً على المواطن المصري. بالاضافة الي التدليل الكامل للقطاع الخاص متضمناً الاستثمارات الأجنبية وتوجيه الدعم لهذا القطاع على حساب دعم المواطن المصري وهو ما أدى لتزايد عجز الموازنة وتزايد الديون الحكومية في عهد هذه الحكومة فرغم اجتذابها لصافي استثمارات بلغت 49.6 مليار خلال الفترة من العام المالي 2004 وحتى 2010 إلا أنها في ذات الوقت قد استدانت محلياً ما قدره 518.2 مليار جنيه بما يشير الي ان كل مليار دولار اجتذبته حكومة نظيف استدانت محلياً مقابلة 10.5 مليار جنيه وستتزايد هذه الديون لو أعلن البنك المركزي قيمة الدين المحلي في 31/12/2010 والذي سيتجاوز التريليون جنيه وهو وضع كارثي
واوضحت الدراسة أن اجتذاب هذه الاستثمارات لم يحل مشكلة البطالة بل زادت من معدلات البطالة الحقيقية خلال فترة السبع سنوات الأخيرة ومن الملاحظ أن الشركات والبنوك التي تم بيعها كلها قد نفذت أجندة متشابه تماماً تمثلت أهم بنودها في الاستغناء عن الخبرات والكفاءات وتعيين أصحاب الحظوة من أقارب وخريجي لجنة السياسات بالحزب الوطني وفي أماكن قيادية وبرواتب خيالية لا تسمح خبراتهم العلمية والعملية في الأحوال الطبيعية على الحصول عليها مطلقاً إلا أن تولى هؤلاء لهذه الأماكن قد ظنه مخططو لجنة السياسات هو أهم دعائم التوريث للسلطة في مصر بينما ما حدث كان تفريغ مصر من خبراتها وكفاءاتها ومن عقولها في كافة المجالات. بحجة السن تارة واستخدام التكنولوجيا المتقدمة تارة أخرى وفي النهاية تم تحييد أصحاب الفكر والخبرة لصالح أصحاب السطحية والمداهنة والخواء العقلي وهو ما أثر على دور مصر القيادي في المنطقة أيما تأثير حتى إن البعض في الخارج أطلقوا عليها رجل المنطقة المريض
واشارت الي أنه تم السماح للاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل والتي يطلق عليها (الأموال الساخنة) بالدخول السهل لمصر رغم سابق ما سببته هذه الاستثمارات للمواطنين المصريين المتعاملين مع البورصة من خسائر فادحة في منتصف تسعينيات القرن الماضي
كماكشف تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات حول الحساب الختامى للعام المالى 2009/2010 العديد من المخالفات والتجاوزات التى ارتكبتها حكومة نظيف، وكشف التقرير أن حصيلة الخصخصة منذ أن بدأت عام 92 حتى عام 2009 بلغت نحو 87 ملياراً، و453 مليون جنيهوحصلت وزارة المالية على 32 مليار جنيه من تلك الحصيلة، واقتصر تصرف صندوق إعادة الهيكلة من حصيلة الخصخصة على تمويل بندين أساسين هما الاختناقات المالية والمعاش المبكر، بينما لم يتم الصرف على الإصلاح الفنى والإدارى للشركات، إلا بنسبة تقل عن 2%من إجمالى تصرفات الصندوق وأكد التقرير أن الحكومات المتعاقبة لم تستطع أن تمنع أو تتحكم فى الآثار السلبية لبرنامج الخصخصة، فزادت البطالة وارتفع التضخم وكثرت الأشكال الاحتكارية، وكشف التقرير أن المبادئ الأساسية لتنفيذ برنامج توسيع قاعدة الملكية تنص على أن يتم البيع نقداً إلا أن هذا المبدأ لم يتم الالتزام به، وتم بيع بعض الشركات بالتقسيط
وأشار إلى استمرار تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبى فى مصر للداخل إلى 11مليار دولار، واستحواذ قطاع البترول على 7.6 مليار دولار، فيما لم تتعدَ فى النشاط الصناعى 456 مليون دولار، وفى الزراعة 261 مليون دولار، كما استمر تدفق استثمارات المصريين إلى خارج البلاد للعام الخامس على التوالى، حيث بلغت 1751مليون دولار فى عام 2009/ 2010
وكشف التقرير سبع سلبيات شابت المشروعات الاستثمارية التى نفذتها الحكومة، أدت إلى إهدار المال العام مما يستوجب المساءلة والعقاب منها عدم كفاية ودقة وسلامة الدراسات الأولية والدراسات الخاصة بأبحاث التربة ومواصفات الأساسات، وتوقف العمل ببعض المشروعات، وسوء التخطيط بين الوزارات والهيئات، وتأخير نمو المشروعات لمدد تتراوح بين ثلاث سنوات وعشرين عاماً، وارتفاع نسبة الأعمال المنفذة عن القيم التعاقدية بنسب تصل إلى ثمانية أضعاف، وعدم جدية بعض المستثمرين وأتباع أسلوب الأمر المباشر فى التعاقد فى خروج سافر على أحكام قانون المناقصات والمزايدات
نشرت فى 9 يونيو 2011
بواسطة V4sB
كل ما يخص المحاسبين
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
19,897
ساحة النقاش