فضائل ليلة النصف من شعبان
السؤال: نرجو ذكر الأحاديث الواردة في فضل ليلة النصف من شعبان ، وما هي العبادات التي يشرع للمسلمين فعلها في هذه الليلة ؟
أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على سؤال مشابه لسؤالك نعرضه عليك مع جوابه
السـؤال: يقول بعض العلماء إنه وردت أحاديث في فضيلة نصف شعبان وصيامه، وإحياء ليلة النصف منه، فهل هذه الأحاديث صحيحة أو لا ؟ إن كان هناك صحيح فبينوه لنا بياناً شافياً، وإن كان غير ذلك فأرجو منكم الإيضاح، أثابكم الله ؟
الجواب :
وردت أحاديث صحيحة في فضيلة صوم أيام كثيرة عن شعبان، إلا أنها لم تخص بعضاً من أيامه دون بعض، فمنها ما في الصحيحين أن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان، فكان يصوم شعبان كله إلا قليلاً )، وفي حديث أسامة بن زيد أنه قال للنبي - صلى الله عليه سلم -: لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: " ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه الإمام أحمد، والنسائي . 

ولم يصح حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتحرى صيام يوم بعينه من شعبان، أو كان يخص أياماً منه بالصوم، لكن وردت أحاديث ضعيفة في قيام ليلة النصف من شعبان وصيام نهارها، منها ما رواه ابن ماجة في سننه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول : ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا حتى يطلع الفجر " ، وقد صحح ابن حبان بعض ما ورد من الأحاديث في فضل إحياء ليلة النصف من شعبان، من ذلك ما رواه في صحيحه، عن عائشة أنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت فإذا هو في البقيع رافع رأسه، فقال: " أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله ؟" فقلت: يا رسول الله ، ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال " إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب" ، وقد ضعّف البخاري وغيره هذا الحديث، وأكثر العلماء يرون ضعف ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان وصوم يومها، وقد عرف عند علماء الحديث تساهل ابن حبان في تصحيح الأحاديث .
وبالجملة فإنه لم يصح شيء من الأحاديث التي وردت في فضيلة إحياء ليلة النصف من شعبان، وصوم يومها عند المحققين من علماء الحديث؛ ولذا أنكروا قيامها وتخصيص يومها بالصيام، وقالوا : إن ذلك بدعة، وعظّم جماعة من العّباد تلك الليلة اعتماداً على ما ورد من الأحاديث الضعيفة، واشتهر عنهم ذلك فتابعهم عليه الناس، تحسيناً للظن بهم، بل قال بعضهم لفرط تعظيمه لليلة النصف من شعبان: إنها الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن، وأنها يفرق فيها كل أمر حكيم، وجعل ذلك تفسيراً لقوله تعالى: ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمرٍ حكيمٍ )[الدخان : 3-4]. وهذا من الخطأ البيّن ، ومن تحريف القرآن عن مواضعه، فإن المراد بالليلة المباركة في الآية ليلة القدر ، لقوله تعالى : ( إنا أنزلنه في ليلة القدر ).[القدر : 1]. وليلة القدر في شهر رمضان للأحاديث الواردة في ذلك؛ لقوله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان ) [ البقرة : 185]
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم .
ولمزيد من الفائدة نعرض لك رسالة حول هذا الموضوع لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، هذا نصها:
"الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة ، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد نبي التوبة والرحمة .
أما بعد : فقد قال الله –تعالى– " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " الآية [المائدة : 3]. وقال تعالى " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " الآية . [الشورى : 21] وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في خطبة الجمعة " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" . والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل دلالة صريحة على أن الله - سبحانه وتعالى - قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ولم يتوفَّ نبيَّه - عليه الصلاة والسلام - إلا بعدما بلّغ البلاغ المبين، وبيّن للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال، وأوضح - صلى الله عليه وسلم - أن كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى دين الإسلام من أقوال أو أعمال فكله بدعة مردود على من أحدثه، ولو حسن قصده، وقد عرف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأمر، وهكذا علماء الإسلام بعدهم ، فأنكروا البدع وحذروا منها، كما ذكر ذلك كل من صنف في تعظيم السنة وإنكار البدعة، كابن وضّاح، والطرطوشي، وأبي شامة وغيرهم، ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان ، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها . فكلها موضوع، كما نبَّه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم - إن شاء الله - وورد فيها - أيضاً -آثار عن بعض السلف من أهل الشام وغيرهم، والذي أجمع عليه جمهور العلماء: أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممن نبَّه على ذلك الحافظ ابن رجب في كتابه: ( لطائف المعارف ) وغيره، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة .
وقد ذكر هذه القاعدة الجليلة الإمام : أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وأنا أنقل لك - أيها القارئ - ما قاله بعض أهل العلم في هذه المسألة حتى تكون على بينّة في ذلك، وقد أجمع العلماء - رحمهم الله - على أن الواجب: رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله - عز وجل - ، وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع، وما خلفهما وجب اطِّراحه، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله، فضلاً عن الدعوة إليه وتحبيذه، كما قال – سبحانه - في سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً " [النساء : 59] وقال تعالى :" وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله " [الشورى : 10] الآية من سورة الشورى، وقال تعالى :" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " [ آل عمران : 31]، وقال - عز وجل – " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " [النساء : 65] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي نصٌّ في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة، ووجوب الرضا بحكمهما، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان، وخير للعباد في العاجل والآجل، وأحسن تأويلاً: أي عاقبة ، قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله – في كتابه: ( لطائف المعارف ) في هذه المسألة – بعد كلام سبق – ما نصه :
" وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام، كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان، اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قبله منهم، ووافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، منهم : عطاء، وابن أبي مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن فقهاء أهل المدينة ، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كله بدعة. واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين :
أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد، كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم، ويتبخرون ويتكحلون، ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ذلك ببدعة، نقله حرب الكرماني في مسائله .
والثاني : أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء ، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم، وهذا هو الأقرب - إن شاء الله تعالى - على أن قال: ولا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان، ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان: من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه ( في رواية ) لم يستحب قيامها جماعة، لأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، واستحبها ( في رواية ) لفعل عبدالرحمن بن يزيد بن الأسود لذلك، وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف، لم يثبت فيها شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه، وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام.
انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن رجب - رحمه الله - وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم -شيء في ليلة النصف من شعبان وأما ما أختاره الأوزعي - رحمه الله - من استحباب قيامها للأفراد، واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول، فهو غريب وضعيف؛ لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعاً، لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفرداً أو في جماعة، وسواء أسره أو أعلنه؛ لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من علم عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها .
وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي - رحمه الله - في كتابه: ( الحوادث والبدع ) ما نصه :
( وروى ابن وضَّاح عن زيد بن أسلم، قال: ما أدركنا أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلاً على ما سواها )، وقيل لابن أبي مليكة : إن زياداً النميري يقول: ( إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر ) فقال :
( لو سمعته وبيدي عصا لضربته ) ، وكان زياد قاصاً، انتهى المقصود. وقال العلامة : الشوكاني رحمه الله في : ( الفوائد المجموعة ) ما نصه:
( حديث " يا علي من صلى مئة ركعة ليلة النصف من شعبان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، عشر مرات قضى الله له كل حاجة" ... إلخ هو موضوع، وفي ألفاظه المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب ما لا يمتري إنسان له تمييز في وضعه، ورجاله مجهولون، وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة وروايتها مجاهيل، وقال في ( المختصر ) : حديث صلاة نصف شعبان باطل، ولابن حبان من حديث علي: ( إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها ) ضعيف وقال في ( اللآلىء ): ( مئة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات ) مع طول فضله، للديلمي وغيره موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاث مجاهيل ضعفاء، قال: ( واثنتا عشرة ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة، موضوع، وأربع عشرة ركعة موضوع ) وقد اغتَّر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب ( الإحياء ) وغيره، وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة هذه الليلة – أعني : ليلة النصف من شعبان – على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة، ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة لذهابه - صلى الله عليه وسلم - إلى البقيع، ونزول الرب ليلة النصف إلى سماء الدنيا، وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم كلب، فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة، على أن حديث عائشة هذا فيه ضعف وانقطاع، كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها، لا ينافي كون هذه الصلاة موضوعة، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه ) انتهى المقصود .
وقال الحافظ العراقي : ( حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذب عليه، وقال الإمام النووي في كتاب : ( المجموع ): ( الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مئة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغترّ بذكرهما في كتاب ( قوت القلوب ) و( إحياء علوم الدين ) ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك ).
وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتاباً نفيساً في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جداً، ولو ذهبنا ننقل كل ما اطلعنا عليه من كلام في هذه المسألة لطال بنا الكلام، ولعل فيما ذكرنا كفاية ومقنعا لطالب الحق. ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم ، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة - رضي الله عنهم - ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله - عز وجل – " اليوم أكملت لكم دينكم " [المائدة : 3].
وما جاء في معناها من الآيات، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وما جاء في معناه من الأحاديث، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يومها بالصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" فلو كان تخصيص شيء من الليالي، بشيء من العبادة جائزاً لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها؛ لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس، بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من تخصيصها بقيام من بين الليالي، دلَّ ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى، لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح يدل على التخصص، ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة ، لأرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمة إليه، أو فعله بنفسه، ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة - رضي الله عنهم - إلى الأمة، ولم يكتموه عنهم، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ورضي الله عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرضاهم ، وقد عرفت آنفا من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم - شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة، بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب، التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة، كما لا يجوز الاحتفال بها، للأدلة السابقة، هذا لو عُلِمت، فكيف - والصحيح من أقوال العلماء - أنها لا تعرف ، وقول من قال: إنها ليلة سبع وعشرين من رجب قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيح، ولقد أحسن من قال :

وخير الأمور السالفات على الهدى

وشر الأمور المحدثات البدائع

والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها، والحذر مما خالفها، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ."

 

 

المصدر: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

التحميلات المرفقة

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 1554 مشاهدة
نشرت فى 13 يوليو 2011 بواسطة TAHAGIBBA

ساحة النقاش

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

721,540

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته