تمر مصر هذه الأيام بالعديد من الأحداث التي تثير الخوف من البلطجية واللصوص وغيرهم, ولقد حثنا الإسلام علي ضرورة توفير الأمن في المجتمع فلقد ورد ذكر لفظ الأمن في القرآن الكريم في مواضع كثيرة وباشتقاقات متعددة,
والأمن مشتق من مادة آمن ـ يأمن ـ إيمانا فمثلا لفظ الإيمان ورد فيما يقرب من خمسمئة موضع كما في قوله تعالي ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل (البقرة آية 108) كما جاء مصدرا في ثلاثة عشر موضعا كما في قوله تعالي الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (آل عمران آية 173) ،
وجاء لفظ الأمن صفة في حوالي مئتي موضع منها قوله تعالي ولعبد مؤمن خير من مشرك (البقرة)..كما جاء لفظ الأمن في حوالي مئتي وسبعة مواضع مثل قوله تعالي وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا (البقرة آية 135)..وقوله تعالي وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به (النساء آية 83)
ورد الأمن في القرآن الكريم بعدة معان منها: أولا: الأمن هو الاستيثاق في التعامل مع الآخرين حيث إن انعدام الأمن يضيع الناس ويضيع حقوقهم وينشر الظلم والسلب والنهب قال الله تعالي فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته (البقرة)
ثانيا: الأمن مضاد للخيانة أي الأمانة فقد يتعرض أحد المؤتمنين للغياب أو الموت فإذا فقد الوازع الداخلي ضاع الأمن والأمان لقوله تعالي فليؤد الذي اؤتمن أمانته ثالثا: الأمن بمعني الشهادة وقول الحقيقة وإرساء مبدأ الثواب والعقاب ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه (البقرة 283) والشهادة هنا أساس للأمن والأمان والمحافظة علي أموال العباد وأعراضهم.
رابعا: الأمن بمعني سلامة القلب والصدر من الإثم حيث إن إثم القلوب إهدار للأمن والطمأنينة والسكينة قال تعالي الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون. خامسا: الأمن مقابل الخوف كقوله تعالي ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا (آل عمران 154) سادسا: الأمن بمعني المكان الآمن ومنه قوله تعالي وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا (البقرة آية 125)
سابعا: جاء الإيمان بمعني التوحيد كقوله تعالي ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله (المائدة) وقوله تعالي إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان (النحل)
ثامنا:جاء الإيمان بمعني التصديق كقوله تعالي وما نحن لكما بمؤمنين (يونس 78) ما أنت بمؤمن لنا (يوسف آية 17)
تاسعا: جاء الإيمان بمعني الصلاة أيضا كقوله تعالي وما كان الله ليضيع إيمانكم (البقرة 143) ويري الدكتور سالم عبدالجليل الداعية الإسلامي أن كل إنسان في المجتمع من حقه أن يعيش آمنا علي حياته فقد كرم الله تعالي الإنسان وفضله علي كثير من مخلوقاته كما جاء في قوله تعالي
ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا (الإسراء: آية 70). وتأكيدا لهذا التكريم جعله الله خليفة في الأرض وحمله مسئولية عمارتها ولن يستطيع الإنسان أن يؤدي واجبه ويتحمل مسئولياته ويقوم بحق الخلافة لله في الأرض إاذ كانت حياته مهددة بأي شكل من الأشكال ونظرا لأن الناس جميعا قد خلقوا من نفس واحدة فإن العدوان علي فرد واحد يعد في نظر الإسلام عدوانا علي البشرية كلها لأنه جزء من هذا الكل وفي ذلك يقول القرآن الكريم من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا.
ومن الواضح أن العدوان هنا يعد عدوانا علي حق الإنسان ولكنه في الوقت نفسه عدوان علي حق الله ويندرج تحت هذا التكريم الإلهي للإنسان وحقه في الأمن علي حياته المساواة التامة بين البشر لا فرق بين غني وفقير أو حاكم ومحكوم كما لا يفرق الإسلام بين الرجال والنساء فالمرأة لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات ولا يجوز التقليل من شأنها أو هضم حقوقها بأي حال من الأحوال فالنساء شقائق الرجال ،
ولهذا فصيانة حرمة النفس البشرية ضرورة شرعية كما أن قتل هذه النفس من الجرائم التي يهتز لها عرش الرحمن وحرمة النفس المؤمنة أعظم عند الله من حرمة الكعبة كما قال صلي الله عليه وسلم (والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك).. صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.
|
ساحة النقاش