جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
سوف نشهد على الأرجح مصيرا دراميا لنهاية العقيد القذافى، لن يختلف عن المصير الذى لقيه صدام حسين.. وكأنه قدر مكتوب على زعماء الأمة العربية أن تنتهى حياتهم بطريقة مأساوية.. فقد اختفى القذافى كما اختفى صدام حسين قبل ذلك بثمانية أعوام (فى أبريل ٢٠٠٣، وهو يقسم أنه سيقضى على الجرذان والجراثيم التى ثارت ضده)!
وكما فرّ ولدا صدام حسين دون أن يطلقا طلقة واحدة، استسلم أولاد القذافى للثوار. ولم يصمد صدام طويلا بعد أن دخلت القوات الأمريكية واحتلت دباباتها قلب بغداد. وكان آخر خطاب ألقاه القذافى قبل أن يذهب فى الهباء، شن فيه هجوما عنيفا على الثوار مكررا وصفه لهم بالجرذان.
ظل صدام حسين مختفيا عن الأنظار 8 أشهر قبل أن يتم العثور عليه بواسطة الجنود الأمريكيين مختفيا فى حفرة تحت الأرض أشبه بالنفق. ولا أحد يعرف أين اختفى القذافى الذى بنى شبكة من الأنفاق تحت الأرض فى باب العزيزية حصنه الحصين، وزودها بأجهزة إنذار إلكترونية. وعلى الرغم من أن الثوار رصدوا مكافأة مليونية لمن يعثر أو يدل عليه، فقد يمضى وقت قبل العثور عليه. نظرا لأن قوات حلف الأطلنطى لا تشارك بطريقة مباشرة فى القتال كما كان الحال مع القوات الأمريكية فى العراق.
أخشى ما يخشاه الكثيرون، أن تجد ليبيا نفسها كما حدث فى العراق بعد سقوط صدام حسين، ضحية لانشقاقات ومنازعات قبلية دامية تفضى إلى حرب أهلية!! وفى هذه الحالة هل يعاود الغرب تدخله بضربات جوية لوقف تدهور الموقف بعد سقوط القذافى وانهيار الأمن والنظام فى البلاد؟ أم ينجح الليبيون فى إنقاذ بلادهم من احتمالات الفوضى والفساد؟
يبدو أن دول الغرب التى قامرت عن طريق حلف الأطلنطى بالتدخل عسكريا فى ليبيا لاقتلاع نظام القذافى، سوف تعمل بكل طاقتها ونفوذها لحماية الوضع الجديد فى ليبيا، وتمكين المجلس الانتقالى من تثبيت أقدامه وسلطاته وبناء المؤسسات السياسية والديمقراطية التى تملأ الفراغ السياسى فى الجماهيرية الليبية!!
وقد كانت فرنسا من أولى الدول التى وقفت ضد القذافى، وكذلك من أولى الدول التى سارعت إلى احتضان الثورة ومجلسها الانتقالى، وأبدت استعدادها لتقديم المساعدات الاقتصادية والتنموية لليبيا فى وضعها الجديد. وأغلب الظن أن كلا من إيطاليا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة سوف تنحو نحو فرنسا.. ولن تترك تركيا نصيبها فى الكعكة الليبية.. فالنفط الليبى أهم من أن يترك لليبيين أو للمجلس الانتقالى!!
يظل من المستحيل أن يلجأ القذافى الهارب إلى مصر أو تونس أو لدولة عربية مثل السعودية التى كانت ملاذا سياسيا لعدد من الزعماء الأفارقة.
فقد اتخذت مصر منذ البداية موقفا محايدا من القذافى والثورة دون أن تؤيد أيا من الطرفين.
وحافظت على مسافة تسمح لها بجهود سياسية ودبلوماسية لصالح مئات الألوف من المصريين الذين يعملون فى ليبيا، ولم يكن من مصلحة مصر أن تضطرهم السلطات الليبية إلى النزوح أو الوقوع ضحية الصراع بين الأطراف المتناحرة.
وأما تونس فقد كانت الثورة التونسية مصدر قلق وعداء للقذافى منذ البداية، حين أعرب عن أسفه لسقوط بن على وحكمه. وآوت تونس أعدادا من الليبيين اللاجئين والهاربين من حكم القذافى. وبالطبع لم تكن السعودية نقطة جذب للقذافى وأنصاره. فقد أمضى سنوات حكمه خصما لدودا للمملكة السعودية واتهمته السعودية بالتآمر على حياة العاهل السعودى.
بقيت الجزائر من دول الجوار، التى رغم علاقاتها الودية مع القذافى إلا أنها خافت على نفسها من عواقب الثورة الليبية، ورفضت تقديم أى عون للقذافى وأنصاره. ومن ثم فمن المستبعد أن يهرب القذافى إلى أى من دول الجوار العربية ويجد له ملجأ آمنا فيها.. المخرج الوحيد للرئيس الليبى الهارب قد يكون فى إحدى الدول الأفريقية المجاورة تشاد أو النيجر التى كان يغدق عليها الكثير والتى يحتمل أن يكون قد اكتنز جانبا من أمواله فيها.
المصدر: الشروق / بقلم: سلامة أحمد سلامة
ساحة النقاش