الأيدي الناعمة – السُم الأمريكي للبلدان الإسلامية.

بقلم د. أشرف السعيد أحمد محمد

أستاذ مشارك بجامعة الملك عبد العزيز

 من أبرز المنظرين والمفكرين الذين أثّروا في تشكيل العقيدة الأمريكية، يأتي اليهودي المتعصب لصهيونيته "برنارد لويس" والذي تظهر معاداته للمجتمع الإسلامي من خلال مجموعة مؤلفاته والتي من أبرزها الصدام بين الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط الحديث The clash between Islam and Modernity in the Modern Middle East ،  وفرنسيس فوكوياما فى كتابه نهاية التاريخ والإنسان الأخيرThe end of history and the last man ، وصامويل هنتنغتون فى كتابه الشهير صدام الحضارات Clash of civilizations. حيث شكلت رؤية برنارد لويس وهنتنغتون للصدام الحضاري القادم، ورؤية فوكوياما للنموذج الإيديولوجي التاريخي المنتصر (الليبرالية الأمريكية)، معالم الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الدول والحضارات الأخرى.

ولقد كان "برنارد لويس" بحكم موقعه كمستشار لشئون الشرق الأوسط في إدارة بوش الأب والابن مؤثرا إلى درجة كبيرة في قرارات الحرب الأمريكية الأخيرة في العراق وأفغانستان، وفى تشكيل استراتيجية الأمن القومي الأمريكية. ولقد أعلن "لويس" في 20 أيار 2005 في مقابلة أجرتها معه أحد القنوات الإعلامية بالنص: "إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية.

وبتحديد فوكوياما للعوائق التى تقف فى مواجهة نشر القيم الغربية والدمقرطة تتضح أماكن وأهداف الحروب الديمقراطية القادمة، حيث يرى فوكوياما عوامل ثلاثة رئيسية تشكل عوائق تعوق نشر الديمقراطية والقيم الغربية، وهى: الثقافة، والقومية، والدين. إذ يرى أن أى دين لم يُقِْم بذاته مجتمعات حرة، ولقد ركز على العالم الإسلامي باعتبار أنّ الثقافة والدين الإسلامي يشكلان عائقا وتحديا أساسيا للديمقراطية والقيم الغربية، ورأى أن التخلص من تلك العوائق بمثابة شروط لتطبيق الديمقراطية.

وتقوم رؤية هنتنغتون على اعتقاد بأنّ النزاعات والانقسامات الكبرى فى العالم الجديد لن يكون مصدرها إيديولوجيا أو اقتصاديا وإنما حضاريا، والمصدر المسيطر للنزاع سيكون ثقافيا وستصبح الخطوط الفاصلة بين الحضارات هى خطوط المعارك فى المستقبل، أو بمعنى أن الحروب القادمة هى حروب الهويات الثقافية، ويرى أن الثقافة الإسلامية شكلت عائقا رئيسيا أمام تحول الدول الإسلامية إلى دول ديمقراطية.

ويبدو من كلام هؤلاء المُنظرون أن الحرب القادمة هى حروب تنشأ بين الحضارات، إذ أشار فوكوياما إلى الثقافة والقومية والدين على أنها مناطق الحرب القادمة، وهذه الثلاثية تشكل الأعمدة الأساسية للحضارة، بينما وضع هنتنغتون الحضارة الإسلامية صراحة فى مواجهة الحضارة الغربية، باعتبار الأولى نقيضا ثقافيا وقيميا للثانية بصورة تاريخية، وأشار إلى أنّ الحضارة الغربية ستتصادم مع الحضارة الإسلامية.

وربما كان هنتنغتون أكثر وضوحا عندما أكد أنّ الصراعات الثقافية تتزايد، وهى الآن أخطر مما كانت عليه فى أى وقت سابق فى التاريخ، وكذلك فإن الصراعات المستقبلية سوف تشعلها عوامل ثقافية أكثر منها اقتصادية. كما أن أخطر الصراعات الثقافية هى تلك التى على طول خطوط التقسيم الحضاري. ويفسر ذلك بأنّ ما يهم الناس ليس هو الأيديولوجية أو المصالح الاقتصادية، بل الإيمان، والأسرة، والدم، والعقيدة، فذلك هو ما يجمع الناس، وما يحاربون من أجله، ويموتون فى سبيله.

ويرى "هنتنغتون" أننا لن نعرف من نكون إلا عندما نعرف من ليس نحن، وذلك يتم غالبا عندما نعرف "نحن ضد من؟"، وبعبارة صاحب كتاب أوهام الهوية: إننا لا نكون نحن إلا إذا رفضنا الآخر، بل يؤكد "هنتنغتون" أن أخطر العداوات المحتملة تحدث بين الهويات لأن الثقافة والهويات الثقافية هى على المستوى العام هويات حضارية تلك الهويات الحضارية هى التى تشكل أنماط التماسك والتفسخ والصراع فى عالم ما بعد الحرب الباردة. ويؤكد على أن تقسيم العالم القائم على الحرب الباردة قد انتهى، وانقسامات البشرية على أساس العرق والدين والحضارة تظل كما هى وتفرخ صراعات جديدة.

ويؤكد هنتنغتون أن الدول ذات الثقافات والمؤسسات المماثلة سوف ترى مصلحة مشتركة بينها. فالدول الديمقراطية مثلا بينها أشياء مشتركة مع الدول الديمقراطية الأخرى ومن ثم لا يحارب بعضهم بعضا. ففى عالم ما بعد الحرب الباردة أصبحت الدول تحدد مصالحها على أسس حضارية، تتعاون وتتحالف مع دول ذات ثقافة مشتركة...لأن الشعوب ورجال الدولة لا يتوقعون تهديدا محتملا من شعوب يشعرون أنهم يفهمونها ويثقون بها بسبب اللغة أو الدين أو القيم أو المؤسسات أو الثقافة المشتركة. إنهم يتوقعون التهديد بدرجة أكبر من دول مختلفة عنهم ثقافيا. وربما فى ضوء هذا الزعم شرعت أمريكا فى بث الفرقة والشقاق بين الدول العربية والإسلامية حتى لا تكون يد واحدة فى الحرب الحضارية القادمة أو الحالية.

ولعل صهيونية برنارد لويس ومعاداته الشديد للمسلمين جعلته يعلن صراحة إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية- دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها".

ومن أبرز ما تستند إليه الأيديولوجية الأمريكية والغربية نبرة الاستعلاء والتفوق على الآخر، إذ يؤكد هنتنغتون أن المعتقدات الغربية العالمية تفترض أن شعوب العالم بأسره لابد لها أن تعتنق القيم والمؤسسات والثقافة الغربية، لأنها تجسد أرقى فكر، ولأنها أكثرها استنارة وليبرالية وعقلانية وحداثة وتحضرا.  ويرى أن بقاء الغرب يتوقف على الأمريكيين بتأكيدهم على الهوية الغربية عندما يقبلون حضارتهم كحضارة فريدة وليست عامة، ويتحدون من أجل تجديدها والحفاظ عليها ضد التحديات القادمة من المجتمعات غير الغربية.

إنّ المركزية الغربية عامة والأمريكية بخاصة تقوم على اعتقاد بأن مرجعية القيم الغربية هى المرجعية الأساسية التى تصلح لأن تكون المرجعية العالمية للقيم، ولذلك فإن محاولة الآخر- وبخاصة أبناء الثقافة العربية والإسلامية- الدفاع عن هويته وخصوصياته الثقافية أمراً مغالى فيه، إنها تُغلب الاهتمامات الغربية عموما فى مجالات الثقافة والقيم على حساب باقى الثقافات.

يرى "جوماجيه، 2002": أن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تنتقد كثيرا سلوكيات الدول غير الغربية فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بنوع من التكبر والغطرسة، لأنهم يعتقدون أن التفويض الإلهي لهم هو نشر ما يسمى بالحرية والعدالة الاجتماعية إلى كل البشر عن طريق إظهار الديمقراطية كنموذج، فيعتقدون أن نمط الحياة الغربية هو الضوء الهادي الذي يجب أن تتبعه باقى الدول وأن النظام الاجتماعي الغربى هو النموذج الذي يجب أن تحاكيه المجتمعات الأخرى، ولهذا فإن القيم الغربية هى مقياس النظام الدولي والسلوك الدولي، وأن أى شئ ضد القيم الغربية لا يعتبر سليما وينتقد بصفته "تحكميا استبداديا" "إمبراطورية الشر" ويجب احتواءه وعقابه.

والجدير بالذكر أن الغرب هنا يضم أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ، لأنه كما يقول "هنتنغتون" أن الأمريكيين جزء من الأسرة الأوروبية،  فعندما ينظر الأمريكيون إلى جذورهم الثقافية يجدونها فى أوروبا، وكأنه يؤكد على أن الغرب مهما تباينت سياساتهم فهم ملة واحدة وهوية واحدة تقف على الجملة فى حرب الهويات فى مواجهة الهويات الأخرى وبخاصة الإسلامية.

يتضح مما سبق أن عقيدة الساسة والمنظرين الأمريكان تقوم على أن القيم والثقافة الغربية هى الديمقراطية وأن ما دونها وبخاصة القيم والثقافة الإسلامية مناوئة للديمقراطية، تحمل بين جنباتها التطرف والإرهاب، مما جعل التركيز فى الجهود الأمريكية على الدول الإسلامية وبخاصة ذات الكثافة السكانية الكبيرة، من خلال محاولات لكسب العقول والقلوب لتغيير المفاهيم والقيم الإسلامية واستبدالها بالقيم الغربية.

يقول" Pipes, 2006 " إن أكثر صور مكافحة الإرهاب فعالية وكفاءة لا تقاتل الإرهابيين وإنما تقاتل الأفكار التي تحرضهم, ويؤكد على ضرورة أن يواجه الغرب الإسلام كإسلام حتى إضعاف قوته إلى النقطة التى لا يجد فيها المسلمون أى فرصة أو قدرة على شن حملات الجهاد ضدنا، فى ظل هذه الظروف قد ينشأ نوع من الإسلام أكثر وداعة ولطفا.

ومن الملاحظ كما يقول رئيس تحرير مجلة شئون الشرق الأوسط فى عددها الصادر عام 2004 أن أخطر ما تتميز به الهجمة الأمريكية الحالية هو أنها تستهدف ضمن الأهداف الأخرى، الهوية الإسلامية بمكوناتها الفكرية والثقافية والاجتماعية، أى أنها تلامس للمرة الأولى " روح الإسلام وجوهره" الذى ميّزه وحفظه منذ بداية الدعوة حتى اليوم .

وتنطلق العقيدة الأمريكية الجديدة من رؤية مغايرة للآليات تناسب التوجه الجديد لأهداف السياسة الغربية الأمريكية، إذ تبلور وعي القيادة الأمريكية بأهمية إحداث تغييرات بنيوية في الأطر الثقافية في البلدان التي تسعى الولايات المتحدة إلى بسط سيطرتها ونفوذها عليها، وهو الأسلوب الذي أطلق عليه المفكر الأمريكي جوزيف ناى·  Joseph S. Nye اسم " القوة الناعمة "Soft Power " إشارة إلى استخدام القوة المعنوية التي تسعى إلى أسر العقول والقلوب عن طريق الإمكانيات والقدرات الثقافية والعلمية والإعلامية بدلا من القوة الغاشمة " Hard Power" التي تسعى إلى أسر الشعوب مستخدمة في ذلك قوة المدافع والأساطيل.

ويرى "هنتنغتون" أن القوة الناعمة (اللينة) هى قدرة أى دولة على حمل دولة أخرى على أن تقول ما تريده من خلال اللجوء إلى ثقافتها وأيديولوجيتها. ويؤكد ناي على أن قوة أميركا تكمن في قوتها الناعمة، فيما ضعفها يكمن في إفراطها في استخدام القوة الخشنة. فأميركا تغزو الصين بمقاهي ستارباكس وماكدونالد وأفلام هوليوود، وهذه أسلحة أقوى في تغيير السلوك الصيني من التهديد بعقوبات اقتصادية مثلا بسبب ملف حقوق الإنسان.

 ويرى فريق من الأمريكيين أن على أمريكا أن لا تميل إلى العمل "بالقوة البهيمية" بل بواسطة الاقتصاد والثقافة، والطرائق السياسية، لذلك من السهولة على العالم أن يتأمرك، أى أن يتحول الناس إلى أمريكيين عوضا عن الاحتراب معهم أو غزوهم. فجاذبية النموذج الاجتماعي والثقافي والسياسي الأمريكي هي التي أنهت الاتحاد السوفيتي، وفتحت أبواب أوروبا الشرقية أمام التأثير الأمريكي.

إن القوة الناعمة هى الأخطر من القوة الخشنة العسكرية، لأن الأخيرة تستنفر روح المقاومة والتماسك عند الشعوب، أما الإخضاع الثقافى بالقوة الناعمة فهو محاولة مبطنة لاحتلال فكر وعقل الشعوب، ولكسر إرادة الوحدة والتمسك بالهوية، والانجذاب الطوعى للآخر. ولقد أثبتت التجارب فى أفغانستان والعراق أن القوة الخشنة العسكرية كانت وبالا على الولايات المتحدة، فمن ناحية أدخلتها فى مستنقع لا أمل لها بالخروج منه، ومن ناحية أخرى زادت مساحة العداء العالمى للامبريالية الأمريكية.

ولقد جاءت الإستراتيجية الأمريكية للأمن القومي 2002، لتعزز النهج الأمريكي الجديد فى العلاقات الدولية، حيث أكدت أن مهمة الدفاع عن أميركا ضد أعدائها قد تغيرت على نحو مثير فى العصر الحاضر، حيث احتاج الأعداء فى الماضي لجيوش عظيمة ولإمكانيات صناعية جبارة لمهاجمة أمريكا، أما اليوم فشبكات غامضة من الأفراد يمكن أن تجلب فوضى ومعاناة عظيمة إلى شواطئنا بأقل من تكلفة شراء دبابة واحدة، فالإرهابيون يُنظمون لاختراق المجتمعات المفتوحة ولاستغلال قدرة التقنيات الحديثة ضد أميركا.

وتؤكد الاستراتيجية السابقة أنه لحماية أمريكا من خطر الإرهاب فإنّها ستشن حربا على الأفكار للفوز بالمعركة ضد الإرهاب الدولى، وهذا يتضمن استعمال التأثير الكامل للولايات المتحدة والعمل مباشرة مع الحلفاء والأصدقاء لإيضاح أن الأعمال الإرهابية غير شرعية، وأنها شكل من أشكال الإبادة الجماعية، ويضمن أيضا العمل مع الحكومات المعتدلة والعصرية خصوصا فى العالم الإسلامي لضمان أن الشروط والأيديولوجيات التى تعزز الإرهاب لن تجد أرضية خصبة لها فى أى دولة.

ولقد قامت هذه الإستراتيجية الجديدة على خدعة كبرى وهى نشر قيم العدالة والحرية والسلام بين ربوع العالم، والاهتمام بإرساء مبادئ حقوق الإنسان، إذ يمكن تحت هذا الستار إخضاع الكثير من دول العالم لتصبح أدوات لتحقيق أهداف إستراتيجية الأمن القومى الأمريكي. حيث أكدت على أنّ الولايات المتحدة يجب أن تدافع عن الحرية والعدالة ويجب أن تقف بحزم للطلبات غير القابلة للتفاوض حول الكرامة الإنسانية، حكم القانون، تقييد السلطة المطلقة للدولة، حرية التعبير والعبادة، العدالة والمساواة، احترام المرأة، التسامح الدينى والعرقى، احترام الملكية، لأن هذه المبادئ صحيحة وحقيقية لكل الناس فى كل مكان، ولا توجد أمة معفاة منها، وسوف تكافئ الأمم التى تأخذ خطوات جادة فى هذا الاتجاه وستقاوم وتعارض أولئك الذين يقفون فى وجه هذه المبادئ.

ويأتي التأكيد على القيم السابقة من الاعتقاد بأنّ لها جاذبية مؤثرة وتأثير كبير على الأفراد مما سيجعلهم أقل احتمالا لأن يتم اختراقهم بالخطاب الإرهابي، إذ أنّ الأمم المستقرة الحرة لا تثمر أيديولوجيات القتل. ومن ثم فإن الهدف الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية (كما يرى أحد أقطابها ريتشارد هاس) فى القرن الحادي والعشرين هو إدماج بلدان ومنظمات أخرى فى الترتيبات التى ستدعم عالما يتسق مع المصالح والقيم الأمريكية وبهذا ندعم السلام والرخاء على أوسع نطاق ممكن.

يؤكد "جورج حجار" أنّ السلام الأمريكي تتجلى مبادئه فى تغليب القيم الأمريكية وإطلاق العنان لحرية السوق، وللأذواق وطرائق الحياة الأمريكية، والانفتاح على النظام العالمى المنفتح هو نفسه على المصالح الأمريكية والمحكوم بالمعايير الأخلاقية الأمريكية والمنظم تحت رعاية السلطان الأمريكي لإشباع حاجات الشعوب وسعادتها وزيادة الوفرة فى أميركا.

ويبدو أن موضة البراءة الأمريكية هى سمة من الدعاية الناجحة التى تنشرها فى العالم، وخاصة عندما ترفقها ببعض المعونات الاقتصادية والإنسانية التى تقبلها بعض الدول بشكر وامتنان، ولكن هذا التحرك لا يأتى إلا انطلاقا من مصلحة أميركا الخاصة فى السياسة والاقتصاد، فى الحروب والثقافة وفى كل ما له صلة بالولايات المتحدة. يري "Windsor, 2003" أن المعونات والمساعدات الاقتصادية مثلت أحد الآليات الأمريكية للترويج للقيم والمصالح الأمريكية فى البلدان الفقيرة.

ولقد كانت هذه الدعاية نهج استعماري للدول الأوروبية فى القرن التاسع عشر، وكذلك كان التدخل الأمريكي فى الصومال والبوسنة وغيرها من الدول تحت غطاء "التدخل لأغراض إنسانية" بهدف تغيير نظم الحكم وتحقيق مصالح أمريكية من فرض النفوذ والهيمنة على مناطق جيواستراتيجية للأهداف الأمريكية.

يؤكد "عماد الدين شاهين، 2005" أن الأهداف المعلنة للمبادرات الغربية وبخاصة الأمريكية (من قبيل الشرق الأوسط الكبير) لا تعكس فى أغلب الأحيان الأهداف المضمرة من ورائها فأغلبها يتم خلف شعارات جذابة، مثل: "المهمة الحضارية" أو "الحرية" أو "الديمقراطية" أو "التنمية" و"التجارة الحرة" و"الارتقاء بكرامة الإنسان".

ونستخلص من العرض السابق أنّ الغرب بكل طوائفه وأركانه وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ملة واحدة فى عدائهم لأهل الاسلام ولن يتركوا الشرق الاسلامي والعالم الاسلامي بعامة من البقاء فى استقراره ، ففى كل فترة من الزمن يسعون لاضعافة وسرقة خيراته وثرواته بحجج براقة وبمؤامرات حاكوها فى الخفاء ليبرروا بها غزو العالم الاسلامي، وربما يساعدهم فى ذلك حكام وأشخاص يحسبون على المسلمين أو يحيون فى أرض الاسلام.

ويرى الكاتب أنّ هذا الفعل الغربي الاستعماري العدائي للمسلمين سيساعد على زيادة عداء المسلمين للغرب، وسيزيد من الصحوة الاسلامية، وسيرفع من مؤشر العنف فى المنطقة وفى العالم أجمع ، وهذا سيأخذ مرحلة من التشكل والتبلور تنتهي باعادة تشكيل العلاقة بين الشرق والغرب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 


<!--[endif]-->

· جوزيف ناي: مفكر سياسي أميركي بارز وأستاذ في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، وقريب سياسيا وفكريا من الديمقراطيين في أميركا. ناي هو من صك مصطلح «القوة الناعمة» أحد أهم نظريات ومصطلحات القرن العشرين في تفسير العلاقات الدولية.  راجع فى ذلك : جريدة الشرق الأوسط، ع(10934)، 4/11/ 2008.

المصدر: مصادر اعتمد عليها الكاتب : ü أحلام السعدي فرهود : "التوجهات الغربية وإصلاح التعليم في الوطن العربي- تنوع الاستجابات في المنطقة العربية"، المؤتمر السنوى التاسع عشر للبحوث السياسية: مشروع الشرق الأوسط الكبير- جدال الداخل والخارج ومستقبل المنطقة العربية، مركز البحوث والدراسات السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 26-29 ديسمبر 2005. ü جورج حجار : "الجمهورية الأمريكية – إمبراطورية أم رايخ رابع ؟"، مجلة شئون الشرق الأوسط ، ع(115)، صيف 2004. ü جوزيف ناي: أمريكا تعيد تعريف نفسها فى هذه الانتخابات، جريدة الشرق الأوسط، ع(10934)، 4/11/ 2008. ü حامد عمار: الحادى عشر من سبتمبر 2001 وتداعياته التربوية والثقافية فى الوطن العربي، سلسة آفاق تربوية متجددة، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2004. ü دار يوش شيغان: أوهام الهوية، ترجمة محمد على مقلد، دار المساقى، بيروت، 2003. ü رئيس التحرير: "الشرق الأوسط الكبير – الطرح والمواجهة"، مجلة شئون الشرق الأوسط ، ع(115)، صيف 2004. ü سميح فرسون : " جذور الحملة الأمريكية لمناهضة الإرهاب"، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ع(115)، أكتوبر 2002. ü السيد يسن : "مقدمة تحليلية : من صراع الحضارات إلى حوار الثقافات – نحو نظرية عربية متكاملة"، التقرير الاستراتيجي العربي 2005-2006، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام،2006. ü صامويل هنتنجتون: صدام الحضارات- إعادة صنع النظام العالمي، ط(2)، ترجمة طلعت الشايب، سطور، القاهرة، 1999. ü عماد الدين شاهين: "الشرق الأوسط الكبير...أصداء الرؤى الغربية"، تقرير: أمتي في العالم ، ج(1)، مركز الحضارة للدراسات السياسية، القاهرة، 2005 . ü مايكل هدسون : "مآزق امبريالية : إدارة المناطق الجامحة"، المستقبل العربي، ع(284)، أكتوبر 2002. ü هشام يونس: "الإيديوإستراتيجيا الأميركية"، مجلة شئون الشرق الأوسط، ع(114)، ربيع 2004. ü ويكيبيديا الموسوعة الحرة: برنارد لويس، تم استرجاعه فى 10-1-2011، متاح علي http://ar.wikipedia.org/wiki ü Pipes, Daniel, How to End Terrorism : With Moderate Islam, New York Sun, 5 December, 2006, retrieved at 8-8-2009, at Web site: http://www. Danielpipes. org/article/4569. ü Pipes, Daniel, The Search for Moderate Islam: A Reply to Lawrence Auster, Front Page Magazine.com , January 28, 2005, retrieved at 8-8-2009, at Website :http://www. danielpipes.org/437/ article/ 3003 ü The White House: The national security strategy of the united states of America, Washington, September 2002. ü Windsor, Jennifer L., Promoting Democratization Can Combat Terrorism, The Washington Quarterly , Summer 2003.
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 225 مشاهدة
نشرت فى 17 سبتمبر 2014 بواسطة SocialCapital

أ.د.أشرف السعيد أحمد

SocialCapital
** أستاذ دكتور بقسم أصول التربية ** أستاذ مشارك بجامعة الملك عبدالعزيز 2009-2016**. ** التخصص العام : أصول التربية - التخصص الدقيق : إدارة وقيادة تربوية**. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,137