كتاب فى 500 صفحة يتحدث عن الأوجاع والعلاج
مقدمة
هدف هذا الكتاب إلى تقديم رؤية شاملة على قدر المستطاع عن قطاع النقل المائى الداخلى في مصر بمميزاته وما يواجهه هذا القطاع من التحديات والمعوقات التي تحول دون تطويره ودمجه بشكل كفء فى المنظومة العامة للنقل فى مصر وبما يحقق حركة البضائع والركاب بسهولة وكفاءة ويسر , ورغم أن هناك نمو مطرد في التجارة المنقولة بين الموانئ البحرية المصرية والقاهرة الكبرى والمدن الصناعية وباقى محافظات الجمهورية وبما يضيفه هذا النمو المطرد من أعباء إضافية زيادة على ما تعانيه الطرق البرية من ضغوط تنوء بحملها ، وما تمتلكه مصر من شبكة طرق ملاحية نهرية النيل وفروعه والرياحات والترع تصل فى مجموعها 3500 كم تقريبا و193.5 قناة السويس , وما تتمتع به شبكة الممرات المائية الداخلية في مصرمن خصائص وقدرات تؤهلها للقيام بدور إيجابى وفعال فى دعم منظومة الخدمات اللوجستية المصرية ، إلا أن مرفق النقل المائى الداخلى يحظى بالإهمال الشديد والغيرمفهوم أسبابه ودوافعه وهذا يتناقض مع حاجة دولة فقيرة لإستخدام وسيلة نقل منخفضة التكاليف صديقة للبيئة وتملكها بالفعل, و من الغير المفهوم أيضا أن تنشىء الدولة المدن والمناطق الصناعية وصوامع الغلال بعيدا عن ضفاف نهر النيل, وتعتمد الدولة إستراتيجيات نقل مكلفة تثقل كاهل الدولة والمواطن بإستخدام شاحنات النقل الثقيل حيث يتم تحميل هذه الشاحنات بحمولات تصل إلى ضعف حمولاتها المقررة لتصل إلي 100 طن فى بعض الأحيان مع دفع رسوم الأحمال الزائدة والمخالفة وأصبحت تلك الرسوم مصدر دخل للجهات الحكومية المختلفة مثل هيئات الموانئ وشرطة المرور والمحليات وعلى الرغم من أن إستخدام الشاحنات البرية يكلف الحكومة المركزية أكثر من ذلك بكثير لإعادة الرصف وصيانة الطرق والكبارى وتكلفة دعم الوقود سواء بنزين أو السولار, والزحام على الطرق وما ينتج عنه من إرتباك للمرور وتكاليف وقت ضائع وساعات عمل فى ذلك الزحام ناهيك عن حوادث المرور والتى تكلف الدولة الكثير من القوى البشرية وتكاليف الصيانات أو شراء البديل للشاحانات والسيارات وما ينتج عن هذه الشاحنات من التلوث البيئى وإنهيارات الطرق والكبارى التى تكلف الدولة عشرات المليارات من الجنيهات سنويًا لعلاج آثار الإستخدام الكثيف والحمولات الغير قانونية ، ولذا يجب أن يكون النقل النهري خيار الدولة والمجتمع و سياسة وطنية للتخفيف من الآثار السلبية للنقل على الطرق وعلي جميع مؤسسات الدولة والحكومة المركزية دعمها وخاصة أن شبكة الطرق الملاحية الداخلية تغطي محافظات مصرمنها 15 محافظة على نهر النيل وفروعه تمثل حوالى 80% من تعداد سكان مصر تقريبا .
أرجو أن يكون الكتاب بما يحوية ذو فائدة و دافع للمختصين و للمهتمين بقطاع النقل المائى الداخلى إلى تقديم خبراتهم وتصوراتهم العملية للدفع بالعوامل الإيجابية التي تؤثر فى قطاع النقل المائى الداخلى في مصر والتى تقود إلى تطوير وتفعيل البنية التحتية لعناصر منظومة النقل المائى الداخلى فى مصر والتى أنفقت فيها إستثمارات ضخمة سواء كانت هذه الإستثمارات على نفقة الدولة المصرية أو منح ومساعدات أو قروض خارجية و بدون الإستفادة بالشكل المرجو منها .
تقديم
الملاحة الداخلية بمفهومها الواسع تعنى نقل البضائع والأفراد والسياحة النيلية بما فى ذلك من نشاط المعديات سواء لنقل الأفراد أو السيارات أو نقل المزارعين لمحاصيلهم وحيواناتهم بالقوارب الصغيرة فى النيل وفروعه والقنوات المائية ، وفى هذا الكتاب سنهتم بحركة نقل البضائع بالأحجام الكبيرة بواسطة وحدات نقل البضائع النهرية العامة أو الخاصة أو الحكومية ، فقد كان المصرى ولا زال تواقا لإستخدام النقل التهرى بما تمتلكه مصر من الميزات منها جغرافيا المكان والزمان ما يجعلها فريدة بين دول المنطقة بتوسطها بين دول الشرق والغرب ولذا كانت دائما معبر التجارة والجيوش وطمع القوى العالمية على مدار الزمان فى الإستيلاء عليها والميزة الأخرى أنها تمتلك نهر يجرى فى أرضها من أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها و شبكة طرق ملاحية داخلية تتميز بخلوها من الجنادل والشلالات وقلة الإنحناءات الحادة وبطء سرعة سريان الماء ويربط نهر النيل وشبكة الطرق الملاحية الداخلية والتى يصل مجموع أطوالها إلى 3500 كم من الطرق الملاحية من الدرجة الأولى والثانية والثالثة مصر من جنوبها إلى أقصى شمالها ، ويطلق مصطلح المياه الداخلية على كل المياه الداخلية وتشمل مجري نهر النيل والرياحات والترع والمصارف العمومية و البحيرات وهى المسطحات المغمورة بالمياه المالحة أو العذبة المتصلة بالمياه البحرية أو المياه الداخلية وما ينشأ من بحيرات صناعية ، و الملاحة الداخلية فى مصر مرتبطة بالموانىء البحرية على البحر المتوسط والبحر الأحمر عبر نهر النيل وفروعه والترع الملاحية وقناة السويس وهى ميزة عظيمة ، وقدإهتمت الدولة المصرية بالإستغلال الجيد لشبكة الملاحة الداخلية فى الفترة من الخمسينيات حتى نهاية الثمانينيات وكانت الملاحة النهرية شبه مستمرة في نهر النيل وفروعه فيما عدا فترات التحاريق التى قلت كثيرا ( السدة الشتوية ) بعد بناء السد العالى والتحكم فى مناسيب المياه فى النيل وفروعه بواسطة القناطر .
فقد قامت الدولة منذ أواسط الخمسينيات ببناء الوحدات النهرية فى الخارج وفى الداخل فى ورش بناء السفن المنتشرة على نهر النيل وفروعه من أسوان حتى الإسكندرية وأنشأت الدولة الهيئة العامة للنقل النهري لتنظيم ومراقبة حركة الملاحة الداخلية وضمان سلامة عناصرها ، وتم ربط الملاحة فى نهر النيل وفروعه بميناء الإسكندرية عبر المجرى الملاحي لترعة النوبارية المتفرعة من الرياح البحيري وميناء بورسعيد عبر ترعة الإسماعيلية وقناة السويس وميناء دمياط عن طريق القناة الملاحية التى تربط ميناء دمياط بفرع دمياط ، وتم إصدار التشريعات واللوائح المنظمة لحركة الملاحة الداخلية كالقانون رقم 10 لسنة 1956وتعديلاته اللحقة وأخيرا القانون الموحد لنهر النيل وأقامت الدولة العديد من المنشآت الصناعية من كبارى وقناطر وأهوسة و جميعها يدعم حركة الملاحة الداخلية فجميع الكبارى التى أنشئت على الطرق الملاحية الداخلية كانت من النوع المتحرك أو حديثا الكبارى العلوية حتي لا تمثل عائقا أمام حركة الملاحة وكذلك تطويرالأهوسة فى القناطر القديمة وإنشاء أهوسة حديثة فى القناطر القديمة و الجديدة وإستمر إهتمام الدولة بالنقل المائى الداخلى حتى أواخر الثمانينيات حيث بدأ الإهمال يتراكم وبدأت متاعب النقل المائى الداخلى نتيجة لأسباب كثيرة منها ما هو ناشىء عن سوء الإدارة ومنها ما هو ناشىء عن عوامل طبيعية أو عدم إهتمام الدولة بهذا القطاع فمثال هذا الإهمال قد بلغت جملة الاستثمارات لقطاع النقل النهري في خطة عام 2015/2016 نحو 68,3 مليون جنيه فى حين خطة الدولة تصل إلى نحو 12 مليار جنيه لمشروعات النقل والطرق وقد أثر كل ماسبق بشكل مباشر على كفاءة النقل المائى الداخلى والعناصرالتى ساهمت فى إنهياره بإهمالها وعدم تطويرإستخداماتها نحددها فى الآتى :
1 – شبكة طرق الملاحة الداخلية والأعمال الصناعية المنشأة عليها .
2 – الموانى النهرية .
3 - الوحدات النهرية وورش البناء والصيانة .
4 – العمالة والإدارة .
5 – البضاعة المنقولة .
6 - الموانى البحرية المتصلة بشبكة طرق الملاحة الداخلية .
7 – القوانين واللوائح والقرارت المنظمة لحركة الملاحة الداخلية .
8 – الجهات الحكومية المتداخلة فى عمل الملاحة الداخلي
مهندس / أحمد حسين مجاهد