الحمد لله الذي أحيا الأمم بعزائم الرجال , وأصلح بأخلاقهم الأحوال , وحقق على أيديهم الآمال .
وأشهد أن لا الله الا الله وحده لا شريك له , عنت الوجوه لعظمته وأشهد أن سيدنا محمدآ عبده ورسوله سيد الرجال وصفوة خليقته . اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الذين أستضاءت الدنيا برجولتهم , وسادت الأمة بمروءتهم فكانوا رجالآ يحبهم الله ويحبونه .
أما بعد ...
فقد قال الله تعالي وهو أصدق القائلين {{ رجالآ يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين }} , {{ رجالآ لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومآ تتقلب فيه القلوب والأبصار }} , {{ رجالآ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه , ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا }}.
أيها المسلمون : إ ن عناصر الرجولة إذا إكتملت في أمة فبشرها بالخير وتمام النعمة , لأنها أخذت ترتقي مدارج العظمة , إن صفات الرجولة إذا أنتشرت في شعب من الشعوب فقد تهيأ للوثوب , وتحضر للنهوض ونال حقه المغصوب , وأصبح ذا جانب مرهوب .
وإن معاني الرجولة إذا سرت في مجتمع مسرى الشمس عاش عالي الهمه مرفوع الرأس , وأصبح ذا قوة وبأس .
وإذا طبعت الدولة علي الرجولة أسترعت الأنظار وأستحقت الأعتبار ونظر إليها بكل إجلال وإكبار .
فالرجولة مقياس الأمم وعنوان علو الهمم , وعلى قدر وزنها توزن الأمور ويتدفق النور ..
أيها المسلمون ... من هم الرجال الذين نقصدهم ونعنيهم , ومن هم الرجال الذين ننشدهم ونبتغيهم . ؟؟؟
أهم الذين يلبسون الصوف والحرير ويقذفون في بطونهم بما لذ وطاب من المآكل والمشارب .؟ ويركبون أفخر المراكب , وهم قعود عن أسمي الغايات والمطالب . ؟
أم هم الذين ضخمت أجسامهم , وأمتدت قاماتهم , وملأو الأعين بقوة أجسامهم وملاحة وجوهم , وقد خلت من الحكمة والرأى عقولهم ؟ أم هم الغارقون في الشهوات القاطعون الليل والنهار في الملذات وقد أعرضوا عن خالق الأرض والسموات ؟؟؟
أم هم الجهلة المتغطرسون , وعلي إخوانهم يتكبرون , وبالأعراض يعبثون وفي الأرض يفسدون ولا يصلحون . ؟
أم هم أصحاب الأموال والمتاجر وملاك القصور , وأصحاب الجاه والسلطان وحب الظهور , وقد عريت قلوبهم من الإيمان والنور .؟
كل هؤلاء ليس برجال , أنهم أشباه رجال , ولسنا نقصدهم ولا نعنيهم , وأنما الذين ننشدهم ونبتغيهم هم الرجال الذين عناهم القرآن ووصفهم القرأن في قوله .. {{ الذين يمشون علي الأرض هونآ وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامآ والذين يبيتون لربهم سجدآ وقيامآ والذين يقولون ربنا أصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غرامآ , أنها ساءت مسقرآ ومقامآ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوام }}.
هؤلاء هم الذين يخدمون أمتهم بأخلاص ويقودنها إلي طريق الخلاص , الصادقون في أقوالهم , الموفون بعهودهم البعيدون عن العبث والهزل , المبرءون من الهذيان واللهو لا يغرهم ثناء ولا يبطرهم مدح وإطراء .
أيها المسلمون : أن دين الأسلام هو دين الرجولة , فالأسلام هو الذي صنع بتعاليمه الرجال , ونبي الأسلام هو الذي ربي الأبطال , فعلمهم سياسة الأمم , وقيادة الشعوب وتربية الهمم فكانوا خير قادة ملكوا زمام السيادة , وطبعوا علي جد الحياة وحبب إليهم عملها , وبغض إليهم لهوها , فمرنوا علي الشدائد وكانوا خير أمة اخرجت للناس .
أيها المسلمون : لقد تخرج علي يد نبيكم صلوات الله وسلامه عليه طبقة ممتازة من أصحابه الأقوياء لا يحصيهم عدد ولا تستطيع أن تذكرهم فردآ فردآ , كأبي بكر في محبته وأخوته , وعمر في عدله ورجولته , وعثمان في سخائه وسماحته , وعلي في شجاعته وفتوته , وكأبي عبيدة في علمه وأبن عباس في فقهه , وبلال في إيمانه , وصهيب في إخلاصه إلي غير ذلك من الصفوة الأغراء رضي الله عنهم وأولئك هم الفائزون .
فأتقوا الله عباد الله في أمتكم وتمسكوا برجولتكم عسى الله أن يعيد إليكم مجدكم ويقوى بكم دينكم .
ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال { يذهب الصالحون الأول فالأول ثم تبقون في حثاله كحثاله الراكب لا يبالي بهم الله تعالي }.
ساحة النقاش