السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 فى رحلتى مع الأشباح .. حيث قضيت اربعة أيام منهمكة فى قراءته لايفارق يدى حتى  خيل لأبى " انى بذاكر "

وابدا من الغلاف ... وهو غلاف رااااااائع بكل المقاييس حمل صورة الشهيد ابراهيم الرفاعى ولكنها لم تكن صورة عادية  بل أنها صورة يبدو فيها الشهيد كالشبح تماما .. حتى ان من لا يعرف انها صورته لا يفطن الى أنها صورة الشهيد ..فقد ابدع الفنان فى تلوينها واخراجها بهذا الشكل ..شكرا جزيلا للمصمم ...

والحق أن روعة مادة الكتاب تجعل القارىء يتصفح الكتاب من  أول كلمة الى آخرها .. حتى اسماء افراد المجموعة واحصائياتها حرصت على قراءتها ..

والآن ليسمح لى كاتبنا الأستاذ أحمد عطية الله لآخذكم فى رحلة سريعة نطوف فيها معكم فى كتاب الأشباح ..

فى هذا الكتاب وفى ص 54  تدمى العيون بكاء ... اذ أن أمير شهداء أكتوبر ابراهيم الرفاعى استشهد .. قرأت قصة استشهاده كثيرا لكن هذه القصة كانت  الأكثر دقة ..والأكثر ايلاما ..فى لحظة تفاعل فيها القارىء مع الغضنفر البطل الى رافق أمير الشهداء فى رحلة النهاية ..ويا لها من رفقة .. واصبحت صورة الغضنفر يحمله والنظارة تتدلى من عنقه لا تفارق مخيلتى ... بكينا أمير الشهداء بعد 39 عاما من استشهاده

وكان هناك ثمة دافع آخر جعلنى احزن ..وهو كيف للرفاعى بطل الكتاب وقائد المجموعة أن يتركنا سريعا .. ؟؟ فقد قرأت بعضه فى أسود سيناء وفى ملفات أستاذى أحمد عطية الله .. أين اذن ما كنت اصبو اليه بمعرفة المزيد والجديد ..ولكن فى الوقت ذاته انتابتنى ثقة  أننى ساقابله كثيرا على صفحات الكتاب .. حتما سيكون هناك لقاء آخر معه ..

وكانت هذه القناعة ناجمة من أن الرفاعى هو المحور الذى ترتكز عليه المجموعة ولا تفارق سيرته رجالها حتى أنهم يعتبرون لقب " رجال الرفاعى " وساما على صدورهم ... وهنا تجلت عبقرية الكاتب اذ أنه لم يرد أن يكشف سريعا كل مايتعلق ببطلنا بل أنه امهل كل شىء لوقته وكل موقف مع البطل الذى حدث معه هذا الموقف .. فلم يفقد الكتاب روحه مبكرا ولم تفتر عزيمة القارىء على المواصلة ..

ومن الجميل أن عمليات لسان التمساح 1 و2 وقصف الكرنتينة قد ذكرت مرات ومرات ..ولكن كل مرة مع بطل مختلف يرويها كما عاش لحظاتها فلا اشعر بالملل من تكرار ورودها .. بل كل مرة أجد معلومة لم ترد فى سابقتها ..

ومما يثير انتباه القارىء ودهشته ذلك التناغم بين قادة الأقتحام  اثناء المعارك ولا سيما اكثرها شراسة لسان التمساح 2 .. البطل فيها لا ير بطولته بقدر ما يقدر ويثمن بطولة رفيقه ... ها هو  اللواء أحمد رجائى يبدى بطولة   اللواء وئام بالقول أنه امسك عبوة حارقة بيديه والقاها على العدو وكان من الممكن أن تنفجر فيه .. وفى العملية نفسها يخبرنا اللواء وئام ان اللواء رجائى كان يقاتل والأفرول الخاص به مشتعل ! فشق له الجزء المشتعل بالسونكى خاصته .. كما تعرض اللواء محى نوح ايضا لما لحق باللواء رجائى واصابته ومواصلته القتال ... أنه تقدير الأبطال لبعضهم

فى قصف الكرنتينة عشت كثيرا ولكن رواية القبطان وسام والمقاتل البطل الجلاد جعلتنى اصرخ من اعماقى ...

وهنا اسمحوا لى أن استعير كلمة قالها اللواء نصر موسى فى النسور الذهبية بأنهم اذا تركوا انفسهم للعواطف تتحكم فيهم لن يتمكنوا من الأقلاع ... وهكذا كان الأشباح .. لا اتخيل كيف تمكن من كانوا فى قارب الشهيد الدالى والشهيد عامر من مواصلة القتال مرة اخرى ؟؟ المشهد كان غاية الايلام لى كقارئة ..فكيف بابطاله ؟؟

..

ومما يثير الدهشة ان عدد من الأبطال قدموا ارواقهم فى الكلية الحربية ولم يقبلوا وقتها ..وحينما قدموها ثانية كان القبول ...  عزيمة واصرار على تحقيق حلم الانخراط فى السلك العسكرى وأن يصبح أحد ابطاله ..

مشهد آخر مؤثر فى وقت النكسة  حينما اراد القبطان وسام حافظ ان يطلق النارعلى جندى اسرائيلى لكن اسرانا التفوا حوله لمنعه اذ ان مصير هذا الجندى يتعلق به مصير مئات من جنودنا .. هذه الحادثة حملت مرارة الهزيمة بكل ما تعنيها .. حينما ينكسر الرجال يبدو المشهد عصيبا ومفجعا ..

حينما زار الرئيس عبد الناصر اللواء محى استبقى أسرة البطل واستشار الطبيب أن كان بامكانه الحديث وتحدث  اليه مشهد يعكس مدى رقى القادة والمجتمع آنذاك ..

و لأبطال الكتاب بريق دفعنى الى أن اواصل القراءة من بطل الى آخر قدر ما استوعبت .. حتى أن ترتيب الكتاب  دفعنى للألتزام بقراءة صفحاته كما هى .. لم احاول التقليب فى المحتويات لاتطلع الى سيرة ابطال بعينهم .. بل كان كل من اقرأ عنه دافعا لأن اقرأ سيرة رفيقه ..

وعلى صفحات الأبطال الآخرين يطل على الرفاعى من جديد مرة فى عمليه لم اقرأها من قبل استخدم فيه البالون لتصوير موقع للعدو وأخرى يتقدم ويتقدم واقفا منتصبا والعدو يراه لكنه يأبى الأنحناء ... آه من شعب  تضاءلت عندهم معالم البطولة فاختزلت فى تنزيل علم العدو من على شباك سفارته .. آه من كلمة بطل التى اصبح يتمسح فيها من ليس أهلا لها ..

وتارة أخرى أرى الرفاعى يزور زملائه المصابين فى لسان التمساح 2 يوميا ..و اخرى أراه اخا وصديقا لرجاله

اشاهده يرسل صينية حلوى للبطل محمد عبده الذى طالما شهقت كثيرا فى حكايته وببطولاته .. وتنفست الصعداء حينما عاد سالما من عملية استطلاع اجراها وحيدا ..

وفى الكتاب ايضا شعرت بتناغم بين اللواء رجائى والبطل المقاتل محمد عبده فهما رفيقا درب وسلاح ..فى الجزائر وفى جنوب سيناء و39 قتال .. يحفظان دروب جنوب سيناء عن ظهر قلب وتوكل اليهما مهام الأستطلاع الشاقة والتى يصعب أن يقوم بها سواهما

كما قدم لكتاب روايات دقيقة واحصائيات أكثر دقة ... وازال بممحاة كل ما كتب من خرافات أو اشياء مغلوطة عن المجموعة وعملياتها وأمير الشهداء

تنوعت مهام ابطالنا بين الأستطلاع والتصوير وزرع الغام وضرب بالصواريخ ... حقا رجال  لا يهابون الموت

استشهد الشامى  ممسكا بالآر بى جى فى وضع استعداد للاطلاق ..  اشتعلت طائرة مطاوع واستشهد فى بلاعيم .. حارب الجيزى حتى آخر طلقة .. قام لاشين بعملية منفردا قادته الصدفة اليها ..  هذه المعانى فى البطولة يجسدها كلمة " لا اتركه قط حتى اذوق الموت " ...

ادهشتنى كثيرا بطولة الغضنفر المبكرة ومساعدته للفدائيين منذ صغره .. وأن لم يدهشنى هم والدته بحرق البندقية التى عثرت عليها حيث اخفاها .

 

وفى بعض ابطال الصاعقة البحرية وجدت تاريخ لسان التمساح 1 و2 مكتوب 20 أبريل و 8 يوليو .. اعتقدته خطأ مطبعى وامسكت قلمى اصوبه لكنه قابلنى عدة مرات و بسؤال الأستاذ أحمد  علمت

 

انه ليس بالخطأ بل العملية انتهت فى هذا التاريخ

 

كما اندهشت بشخصية البطل الدكتور عالى الذى ترك دراسته بأمريكا ليعود ويلتحق بالمجموعة فى وقت عصيب مرت به مصر ..وكان الدكتور ينتمى لعائلة ارستقراطية لكنه أبى ألا أن يجابه العدو ويشرب الشاى فى الكريستال ...

 

 

ولا يزال الجندى المجهول فى 39 قتال محل تقديرى كقارئة ...

نعم الجندى المجهول الذى لم يذكر اسمه وأنما فقط شعرنا به فى رجالها ..

أنه الأسرة المصرية الصامدة المخلصة .. العاشقة لتراب الوطن .. المضحية بفلذات اكبادها ..فى سبيل الله وأرض الكنانة

 

 

وكم أسعدنى وكم كنت فخورة جدا وتهللت اساريرى حينما قرأت أن اللواء محمد وئام " ولد لأب نوبى وأم دمياطية " ... لم تكن معلومة جديدة على ولكنها اصابتنى بمقدار كبير من الفرحة ... اعذرونى ان تحدثت بلهجة فيها عصبية قبلية ولكن لأبناء النوبة هوية خاصة تلازم هويتهم المصرية  ...كثيرا ما تحدثوا عن الفن النوبى والنوبة وابنائها .. كثيرا ما تحدثنا عن تضحيات الآباء والأجداد بالأرض والبيوت ... لكن لم يتطرق أهل النوبة الى تضحياتهم أو بطولات ابنائهم فى الجيش المصرى ...  أنها المرة الأولى التى اقرأ فيها عن بطل نوبى .. بل ان الكتاب قدم لى شهيدا و4 أبطال من النوبة .. كنت غاية الأعتزاز حينما قرأت عن سيادة الشهيد الصاغ محمد عبد السلام سالم و الأبناء الأبطال ... كما كنت غاية السعادة بوالدة الأبطال هذه السيدة التى قاومت العدو بحسن تربيتها للأبناء .. بالأيمان والتضحية .. كما تفتخر كل محافظة بابطالها افتخر واعتز بهم كثيرا .. وكما يفتخر جنرال بلاد الدهب واخوته الأبطال بالنوبة وأهلها ويعتزون بهم فالنوبة واهلها ايضا يفتخران بهم  كثيرا ...

 

كمايفتخر المصريون جميعا فى المقام الأول برجال الرفاعى الأشباح

ولا تزال عبارة " مبروك يا ولاد النهاردة الفرح الكبير " ترن فى أذنى ..

خالص تقديرى واعتزازى بالأشباح ... رجال الرفاعى .. رحم الله شهداء المجموعة وموتاها من الأبطال ..واطال لنا فى عمر الأحياء منهم ..

واكرر شكرى للمؤلف الأستاذ أحمد عطية الله

تحياتى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 197 مشاهدة
نشرت فى 29 أكتوبر 2012 بواسطة School-Library

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

79,634