البحر والنَّوارس
وَأَنَا الآن اِخْتَلَفْتُ... وانْتَشيْتْ
كُنْتُ قَبْلَ الحِينِ فِي حُمَّى الجَحِيمْ.
كَانَ كُلُّ الخَلْقِ شَيْطَانًا رَجِيمْ..
كُنْتُ فِي النَّاسِ ضَجِيجًا وانْعَزَلْتُ فَاِرْتَوَيْتْ..
صَارَ لِلْعَيْنِ نَوَارِسْ..
تَلْقَطُ الطُّعْمَ بِشَوْقٍ وَتُعَاكِسْ..
تَغْمِسُ الرَّأْسَ بِمَاءٍ فَاقِعِ اللَّوْنِ مُشَاكِسْ..
وَالرَّذاذُ مُقْبِلٌ بِالوِدِّ يَهْمِي فِي القُلُوبِ وَيُمَارِسْ،
لُعْبَةَ الخَلْقِ الجَدِيدْ..
وَالحَديثُ كَانَ صَقْلاً لِلْحَدِيد.
فَيُسَوّي بَيْتَ نَبْضِ الرُّوحِ بِرَنِينِ الطَّرْقِ فِي اللَّفْظِ الصَّدِيد..
وَالرِّفَاقُ مِنْ بَعِيدٍ لِبَعِيد..
يَسْفِرُونَ فِي مَتَاهَاتِ القَصِيدَة
يَصْنَعُونَ مِنْ أُتُونِ الشِّرْكِ رَبًّا لِلْقَوَافِي وَالمَجَالاَتِ الشَّرِيدَة...
وَ أَنَا الآنَ اِخْتَلَفْتُ...... وَاحْتَفَيْتْ..
بِسَمَاءٍ فِيهَا أَقْمَارٌ مُضِيئَة تَدْحَرُ كُلَّ الغُيُوم،
وَشِعَابٍ فِيهَا آكَامٍ دَفِيئَة تُطْفِئُ كُلَّ الهُمُوم،
فَاهْتَدَيْتُ.... وَارْتَوَيْتْ
بِمِيَاهٍ عَذْبَةِ المَدِّ تُنَاغِي كُلَّ أَوْتَارِ النَّعِيم..
وَتَسَلّلْتُ بِرِفْقٍ لِخَفَايَا الاِفْتِرَاضِي أُطْفِئُ الجُرْحَ الكَلِيم..
هَالَنِي الصَّوْتُ المَدِيدُ لِ"صَبَاحٍ" يُحْبِلُ الصَّخْرَ العَقِيم..
فَجَّرَ الحُسْنَ الرَّشِيقَ فَتَثَنَّى غُصْنَُ بَانٍ يُشْعِلُ "كَهْفَ الرَّقِيم"..
غَنَّى فِينَا "حَفْلَةَ جَارِ القَمَر"
وَالنَّوَارِسْ سَاكِنة فِي شِفَاءٍ لِلنَّظَرْ،
تَاهَت الأَشْوَاقُ فِيهَا، رَقَصَتْ رَقْصَ الشَّجَرْ
عَصَفَ الرِّيحُ بِهَا وَتَغَشَّاهَا المَطَرْ..
فَتَنَادَتْ فِي عِنَاقٍ يُطْفِئُ حَمَأَ القَصِيدَة..
يُلْهِبُ العَاشِقَ شَوْقًا لِلْمَدَارَاتِ البَعِيدَة..
وَأَنَا الآنَ اِخْتَلَفْتُ........ وَاعْتَلَيْتْ
لِسَحَابٍ سَامِقِ الأَبْرَاجِ وَرْدِيِّ البُرُوقِ،
دَافِقِ الأَمْوَاجِ مَرْمِيِّ الشُّقُوقِ..
فَارْتَخَيْتُ.......وَارْتَمَيْتْ
لِأَدِيمِ الأَرْضِ أَرْوِي بِدِمَائِي بَذْرَةَ الخَلْقِ الجَدِيدْ
لِأُزِيلَ الغِلَّ مِنْهَا وَأُسَوِّي خَلْقَهَا خَلْقًا فَرِيدْ
شَاقَنِي التُّرْبُ يُغَنِّي وَيُلَبِّي، أنْتَ رَبِّي، أَنْتَ مَوْلاَيَ العَنِيدْ
فَطَرِبْتُ وَرَقَصْتُ بِدِمَائِي لِسَلاَمٍ بَيْنَ رَبٍّ وَعَبِيدْ..
وَطَوَيْتُ الافْتِرَاضِي أَرْقُبُ رَقْصَ النَّوَارِسْ
فَرَحًا بِالمَوْجِ يَعْلُو مِثْلَ أَرْبَابِ الفَوَارِسْ.
نَوْرَسٌ هَامَ عُلُوًا يَرْقُبُ القَعْرَ مَلِيًّا
رَصَدَ الطُّعْمَ فَدَوَّى يَلْقَطُ لَقْطًا شَهِيًّا
نَاوَلَ الطُّعْمَ بَرِفْقٍ لِحَبِيبٍ فِي وِئَأم
فَانْتَشَيْتُ لِِتَبَارِيحِ الغَرَأم... وَطَرِبْتُ لِلسَّلاَم..
صالح سعيد