مسجد سحم

مقدمة

تقع بلدة سحم في الطرف الشمالي من الأردن على بعد 22 كيلومتر تقريباً من مدينة اربد وهي آخر بلدة على الحدود الاردنيه تنتهي أراضيها في وادي اليرموك وهناك منطقه تطل على وادي خالد (حيث حدثت معركة اليرموك بين المسلمين والبيزنطيين بقيادة خالد بن الوليد سنة 15 هج) , وتدعى هذه المنطقة (المقربة) وقد كانت نقطة مراقبه وحراسه للجيوش العربية الاسلاميه قبل معركة اليرموك وحتى أثنائها لتمنع أية إمدادات قادمة من المدن البيزنطية الواقعة في الشمال من الأردن كمدينة جدارا وبيت راس وآبل الزيت(قويلبه) وغيرها من المدن .

وسحم بلدة قديمة تدل الآثار الباقية فيها على أن الإنسان سكنها منذ العصر البرونزي ومن هذه الشواهد (الحصن) الذي يمثل موقع البلدة القديمة و الذي يحيط به سور من الحجارة الصوانيه الضخمه و واستمر النشاط السكاني في البلدة طيلة العصور الأخرى لتوفر المياه الغزيرة فيها ولوجودها في منطقه زراعية خصبه و فالبلدة محاطة بالمواقع الاثريه العديدة منها,(جبيل) في الجهة الشرقية المطلة على هضبة الجولان ,أما اسم جبيل فهو اسم فينيقي وقد أطلق على مدينه في الساحل اللبناني , كذلك (كفر لهيا) غرب البلدة وتعني بيت الالهه  أو بيت المر أه المتعبة وهو اسم سامي آرامي قديم , وهناك مكان يدعى (الدير) على سفح الوادي من الجهة الغربية وهو دير منحوت بالصخر وقد استخدم في فترة انتشار المسيحية في الأردن.

ونجد أن هناك الكثير من القطع الفسيفسائيه الملونة والمنتشرة في أرضيات بعض المناطق مما يؤكد بقائها كمركز عمراني في العصرين الروماني والبيزنطي إضافة إلى وجود آلاف من أشجار الزيتون القديمة المسماة بالزيتون الرومي نسبه إلى الرومان وآثار معاصر الزيتون المكتشفة في أنحاء كثيرة من البلدة والمواقع الأخرى القريبة منها .

لم يتم ذكر اسم البلدة في المصادر العربية وربما دلتنا الكشوف الاثريه والنقوش التي يعثر عليها بشكل كبير عن الاسم الذي كان يطلق عليها في العصر الروماني والبيزنطي , وقد عثر فيها على العديد من النقوش اليونانية.ولكن معظم هذه النقوش دمرت أو تم التصرف فيها من قبل سكان البلدة و وهناك بعض الكهوف الموجودة غرب البلدة عثر فيها من قبل الأهالي على جعرانات و وهي عبارة عن تعاويذ كان يستخدمها الاقدمون .

تسمية البلدة

اشتق اسم سحم من (السحم) والاسحم تعني الأسود , والسحم تعني الشجر والحديد , واسحمت السماء صبت مائها , ويذكر ياقوت الحموي أن (سحام) تعني سواد كسواد الغراب , وان سحيم تصغير اسحم وهو الأسود ويذكر أنيس فريحه أن شحم أو سحم تفيد السواد , فسحم على هذا النحو كلمه سامية تعني الأسود وربما جاءت هذه التسمية من لون الحجارة ألصوانيه في حصنها وهي حجارة داكنة مائلة للسواد , أو ربما نسبه إلى كثافة الأشجار المحيطة بها وخصوصاً غابات الزيتون والبلوط . وهناك أسماء علم مشتقه من الكلمة كأبي سحمه وهو راجز باهلي , وسحمه بنت كعب من قضاعه.

ويعتقد أن بلدة سحم كانت إحدى مدن الغساسنه الذين عاشوا في منطقة الجولان وشمال الأردن قبل الإسلام واشتركوا بقيادة جبله بنت الأيهم في معركة اليرموك , وقد استمر النشاط السكاني فيها طيلة العصر الإسلامي , فقد وجد فيها قطعاً من الفخار تعود للعصر الروماني والأموي والأيوبي والمملوكي وذلك في موقع الحصن وحول مسجدها , كما أن وجود المقبرة الاسلاميه القديمة في وسط البلدة والتي تتراوح بين خمسة عشراً إلى عشرين دونماً تدل بان كثافتها السكانية كانت عالية.

 

المسجد

يقع مسجد سحم في أجمل مكان من البلدة على نشز من الأرض يطل على منظر جميل خلاب فالوادي الأخضر من الشمال وأسوار القلعة القديمة من الشرق0 وأطراف هذا المرتفع على شكل نصف دائري بني في جهاته الشرقية والشمالية جدار بارتفاع متر تقريباً شكلت دكه يمكن الجلوس عليها0 وكان الأهالي يجلسون على هذا السور الذي شكل صحناً للمسجد في فصل الصيف بانتظار أوقات الصلاة أو يتجاذبون أطراف الحديث وأمام ناظرهم من الشمال تمتد سهول الجولان وأودية اليرموك جبل الشيخ فصحن المسجد هذا كانت له وظيفة اجتماعية بجانب وظيفته الدينية 0

ويعتبر مسجد سحم من أقدم المساجد الباقية في شمال الأردن فبناؤه يعود إلى العصر البيزنطي ويعتبر نموذجاً من النماذج الأولى للباسيليكا (كنيسة صغيرة)0 أما الآبس فكان في الجهة الشرقية من المسجد والداخل إلى هذا المسجد لا يخامره شك في ذلك0 وقد أعاد المسلمون استخدام هذا المسجد بعد الفتوحات العربية الإسلامية لبلاد الشام وظل المسجد يقوم بواجبة طيلة العصور المختلفة حتى الوقت الحاضر0

والمسجد مستطيل الشكل مساحته من الداخل 13,9×4،9م وسماكة جدرانه كالتالي :القبلي 1،7م والشمالي 2م والغربي 1،2م والشرقي 1م 0وجسم المسجد قائم على سقف من عقد برميلي واحد ارتفاعه 4،25م ارتكز على الجدران القوية المبنية من الحجارة الكبيرة مما أعطاه القوة والصمود طيلة القرون العديدة وللمسجد نافذتان احداهمامن الغرب طولها 160سم تعرضت للزيادة فيما بعد الترميم أما الشرقية ففتحت حديثاً ثم تحولت إلى مدخل آخر للمسجد بارتفاع 170سم 0

وللمسجد محراب حفرت تجويفته في جدار القبلة في مواجهة المدخل الرئيسي لبيت الصلاة طول تجويفته 2،1م وعرضها 90سم بعمق 70سم وهذه التجويفةلا تقع في منتصف جدار القبلة بل هي منحرفة إلى الشرق قليلاً وقبلة المسجد صحيحه 0 وهناك منبر بسيط على نمط المنابرالاسلاميه القديمة مكون من ثلاث درجات عن يمين المنبر ولكنه أزيل حديثاً ولا توجد أية نافذة في جدار القبلة ولكن يمكن مشاهدة شكل دائرة في جدار القبلة الخارجي ربما كانت نافذة ولكنها أغلقت فيما بعد .

أما الباب الرئيسي للمسجد فيقع في الجدار الشمالي وهو مدخل من عقدين مدببين متزاوجين ارتفاع العلوي 3،1م بعرض 1،3م0والبوابه ففي مواجهة المحراب وهي محاطة بحجرين منحوتين بنيا على جانبي المدخل على شكل قاعدتين مما أعطى الباب جمالاً خاصاً 0

والى يمين هذا الباب توجد بئر ماء ما زالت باقية كانت تزود بالماء بواسطة أنبوب فخاري من سطح المسجد وفوق فوهة هذه البئر توجد فتحة في الجدار نفسه لتعطي حرية لحركة نشل الماء من جوفها 0ولايوجد للمسجد مئذنة ولكن هناك درج مبني في جسم الجدار الشرقي للمسجد مكون من 21 درجه تمكن المؤذن من الصعود إلى السطح للمنادة بالآذان أوقات الصلاة 0

أما صحن المسجد فهو نصف دائري أحيط بجدار مرتفع قليلاً على شكل درابزين لحماية المصلين والأهالي من السقوط في الهوة المحيطة به شرقاً وشمالاً 0وهناك مصطبة بارتفاع 30سم في ساحة المسجد أمام بيت الصلاة يعتقد إنها جزء من جدار اومجنبة كانت قائمه امامه 0

وقد وصف صحن المسجد بالحجارة على شكل بلاطات بنفس النمط الذي كانت ترصف فيه أرضيات بعض الأبنية أو الشوارع في العصر البيزنطي وأوائل العصر الأموي 0وقد كان الصحن مزداناً بقطع الفسيفساء الحجرية ذات الألوان الجميلة ولكننا لم نعثر على شىْ منها بسبب العوامل الطبيعية والعبث بها 0

إن أهمية مسجد سحم تكمن في انه نمط معماري متميز لم نشاهد في المنطقة مسجد قائم بهذا الإسلوب فمعظم المساجد القديمة التي تعود إلى العهود الاسلاميه الأولى هدمت وأعيد بناؤها تماماً كما حدث في مسجد سوف القريبة من جرش والذي يعود مسجدها إلى عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز 0لذا لم نستطع تحديد معالم المسجد الأموي القديم بسبب البناء الحديث الذي اقيم فوقه 0 أما مسجد جرش الأموي فهو مدمر تماماً فلم نشاهد منه سوى أجزاء من جدرانه والمحراب فقط .

 

الخاتمه

لم تقف مدينة اربد عند حد معين؛ بل استمر العمران فيها على مختلف الأصعدة، حتى أصبحت اليوم تشكل مدينة عصرية جميلة منظمة على أسس حديثة، وتعتبر اربد من أجمل مدن المملكة الأردنية الهاشمية ، وما يمكن مشاهدته عند زيارة هذه المدينة، اهتمام بلدية اربد بإنشاء عدد كبير من الحدائق العامة، ويأتي انشاء هذه الحدائق من منطلق حضاري وفهم وطني، حتى بلغت (23) حديقة منها: متنزه أطفال إربد الذي افتتح سنة 1979 ويحتوي على مكتبة متخصصة ونادي للطفل والذي اغلق للأسف في عام 2002 وضمت الأرض التي كان عليها لجامعة اليرموك، وحديقة طارق بن زياد، وحديقة الاشرفية، وحديقة مؤسسة اعمار اربد، وحديقة الأمير راشد، وحديقة الورود، وحديقة الزهراء، وحديقة تونس، وحديقة غرناطة، وحديقة الشباب، وحديقة البقعة، وحديقة البيضة، وحديقة اليرموك ، وحديقة حنينا، وحديقة القسام، وحديقة الكرك، ونستطيع القول أن اربد مدينة الحدائق. ولم ينحصر التقدم في هذه المجالات، بل قامت بلدية اربد بإنشاء مكتبة عامة سنة 1955 ، وتعتبر أول مكتبة بلدية في الأردن، وفتحت أبوابها للقراء عام 1957، وتحتوي على 39820 كتاباً ودورية وتفتح أبوابها يومياً للمواطنيين وطلاب الجامعة، كما اهتمت بالثقافة والرياضة فدعمت كل المؤسسات الثقافية والمنتديات، وأنشأت النادي العربي عام 1945، ونادي الحسين الذي انشئ عام 1964 بالاضافة الى المراكز الشبابية المنتشرة في مختلف مناطق اربد، و مدينة الحسن الرياضية ، وقامت البلدية بإنشاء منتدى اربد الثقافي عام 1982م.

 وفي مجال الأوقاف، فقد تأسست مديرية أوقاف اربد في العشرينات، ساهمت في التنمية الإجتماعية من خلال عمل مشاريع تجارية وإستثمارية على أراضى الوقف داخل مدينة اربد، وفي مختلف مناطق المحافظة، بالاضافة إلى دورها في تنشيط ونشر الوعي الديني بين المواطنين.

 وفي المجال الاجتماعي، فقد تأسست في عام 1956 مديرية للشؤون الاجتماعية، وتضم قسم الاسرة والطفولة والتربية الخاصة،والدفاع الاجتماعي ، وشؤون المرأة، ومعهد الأمل للصم، وتأسس اتحاد الجمعيات الخيرية لمحافظة اربد عام 1958، وكان اسمه آنذاك اتحاد الجمعيات الخيرية في لواء عجلون، حيث كان عدد الجمعيات المنضمة إلية(7) جمعيات، وتطور الاتحاد واتسعت منطقة أعماله، وزاد عدد الجمعيات الآن حتى وصل إلى (106) جمعيات في مدينة اربد وفي مختلف الألوية التابعة للمحافظة.

 وفي المجال الزراعي فقد تأسست مديرية زراعة اربد في منتصف الأربعينات، وتقوم بمراقبة الشؤؤن الزراعية والثروة الحيوانية والحراج والمراعي، وقامت خلال خطة التنمية الخمسية(80-85) بزراعة 31 ألف دونم من الأشجار المثمرة ضمن مشروع تطوير الأراضي المرتفعة، وزراعة 5 آلاف دونم سنوياً ببذار القمح، وزراعة 40 ألف دونم من أراضي الحراج بالأشجار الحرجية، وتقوم الآن مديرية الزراعة بزيادة الرقعة الزراعية بالأشحجار المثمرة من 357 ألف دونم لتصل إلى 547 ألف دونم ، وزيادة الأشجار الحرجية لتصل إلى 440 ألف دونم، وتضاريس اربد المختلفة تساعد على زراعة مختلف المحاصيل الزراعية ، كالقمح والشعير والعدس والكرسنة والفول والحمص والذرة واللوزيات زالزيتون والحمضيات، وتعتبر الأغنام من الحيوانات الرئيسة التى يقوم الفلاح بتربيتها بالاضافة إلى أنواع مختلفة من المواشي.

 وفي المجال الصناعي، هناك صناعات محلية صغيرة مختلفة،وزادت أهمية الصناعة وزاد عدد المشتغلين بها نظراً لتوافر الأيدي العاملة.

 وفي المجال التجاري، فان التجارة من أهم الفعاليات الاقتصادية، وهي الوظيفة الحديثة التي تطبع المدينة بطابعها. ومما يلفت النظر اليوم في اربد متاجرها الحديثة والمتنوعة والتي تحتل مركز المدينة، ونظراً لتطور القطاع التجاري ونموه وإزدهاره المستمر فقد تأسست غرفة صناعة اربد عام 1950 لتنظيم المصالح التجارية والصناعية، ومن المشاريع الحيوية في اربد: شركة كهرباء محافظة اربد ومحطة توليد الطاقة الكهربائية، والمدن الصناعية، وسوق الجملة المركزي، ومدينة الشاحنات.

 وفي المجال التعليمي: كانت المعاهد التعليمية القائمة في الأردن خلال العهد العثماني متنوعة، وظلت الكتاتيب منتشرة في المدن والقرى وفق الأساليب القديمة، واستمر هذا الوضع حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، وكانت المدارس في العهد العثماني على نوعين: مدارس ابتدائية ومدتها ثلاث سنوات، وأخرى رشيدية مدة التدريس فيها ست سنوات، وكانت هذه المدارس تعلم التاريخ والجغرافية والطبيعيات ومبادئ الهندسة باللغتين العربية والتركية، وكان في الأردن أربع مدارس في كل من السلط واربد والكرك ومعان .

وعندما تأسست إمارة شرق الأردن، دخلت الحركة التعليمية مرحلة جديدة، فزاد عدد المدارس وتغيّرت روح التعليم العصرية والبرامج الحديثة، فانتشرت المدارس في كل حي وشارع من مدينة اربد، وصار في كل قرية وبلدة مدارس تضم جميع مراحل التعليم. واليوم تضم اربد عدداً من الكليات الجامعية المتوسطة، منها كلية حوارة، وكلية اربد للبنات، وكلية الرازي وكلية ابن خلدون، وكلية غرناطة، وكلية قرطبة، وكلية عجلون، وكلية جرش بالاضافة إلى جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الأردنية وجامعة إربد الأهلية، وهنا لا بدّ أن نتوقف عند جامعة اليرموك وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. 

·        جامعة اليرموك : صدرت الإدارة الملكية السامية بتشكيل اللجنة الخاصة لجامعة اليرموك بتاريخ 24/6/1975، وتقرر تسمية جامعة اليرموك بهذا الأسم لما له معان ودلالات وأبعاد عربية وتاريخية، وتضم الجامعة اليوم كليات: الآداب، العلوم، والفنون ، والاقتصاد والعلوم الادارية، واستطاعت جامعة اليرموك أن ترفد المجتمع الأردني بمختلف التخصصات؛ فكانت رافداً ثابتًاً من روافد العلم والمعرفة لهذا الوطن.

·        جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية: تعد جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية الصرح العلمي الرابع في ربوع المملكة الأردنية الهاشمية، وقد صدر قانون هذه الجامعة بتاريخ 1/9/1986، وانتظمت الدراسة فيها بتاريخ 20/9/1986، وتضم هذه الجامعة كليات: الهندسة، والطب، وطب الأسنان، والصيدلة، والزراعة، والعلوم، وتهدف هذه الجامعة إلى التركيز على المهارات والسلوكيات في العلم واعتماد الطالب على نفسه في امكانية التعلم والبحث العلمي، وخلق الطالب المتميز القادر على فهم العملية التربوية الإبداعية.وبعد، فهذه صورة عامة لمدينة اردنية عزيزة قطعت في ميدان التنمية دوروباً كثيرة، وسارت في ركب الحضارة والتطور.

 

 

   بقلم: حسين محمد ابوالعسل

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بقلم

 

 

 

 

 

 

بقل

  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 1237 مشاهدة
نشرت فى 10 سبتمبر 2007 بواسطة SahamAlkefarat

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

63,355