متى تسقط الفوائد والأجرة والحكر ونحوها المحكوم بها؟

القاعدة العامة في فرنسا (مادة (2262) مدني) أن كافة الحقوق والتعهدات والديون والدعاوى يسقط الحق في المطالبة بها بمضي 30 سنة، وفي مصر بمرور 15 سنة هلالية (مادة (208) مدني أهلي و(272) مدني مختلط أخذًا عن الشريعة الإسلامية الغراء - عدم جواز سماع الدعوى حسب اصطلاح الفقهاء) ما عدا المستثنيات التي منها: 
1 - أتعاب المحامين والمهندسين والأطباء وثمن المبيعات لغير التجار وأجور المعلمين ومؤدبي الأطفال ومرتبات المستخدمين... إلخ ورسوم أقلام الكتاب والمحضرين ((209) و(210) مدني أهلي - (273) و(274) مدني مختلط و(2272) و(2273) و(2274) مدني فرنسي) فإنها تسقط بمضي 360 يومًا بشرط حلف اليمين - ما لم يوجد اتفاق كتابي صريح أو ضمني أو إنكار لذات الحق كما سيأتي في مقال آخر. 
2 - ملكية الشيء المسروق أو الضائع يسقط الحق في المطالبة بها بمضي 3 سنوات ((86) مدني أهلي و(115) مدني مختلط و(2779) مدني فرنسي) - بدون حلف يمين. 
3 - الكمبيالات والسندات التجارية وأوامر الدفع والتحويل (دون باقي الأعمال التجارية) تسقط بمضي 5 سنوات من تاريخ استحقاقها أو البروتستو أو آخر عمل – بشرط حلف المدين اليمين ((194) تجاري أهلي و(201) تجاري مختلط و(189) تجاري فرنسي). 
4 - الفوائد والمرتبات والأجور والأحكار... إلخ أي كل ما يستحق دفعه سنويًا أو لأقل من سنة يسقط بمضي 5 سنوات بدون حلف يمين (مادة (211) مدني أهلي و(275) مدني مختلط و(2277) مدني فرنسي).
والبحث في هذا المقال يدور حول النقط الآتية: 
أولاً: ماذا تشمل المادة (211) مدني أهلي؟
تشمل ما يأتي: 
1 - جميع أنواع الفوائد سواء عن التأخير في الدفع - أو مقابل الانتفاع بالقرض... إلخ: 
- المسيو دوهلس نبذة (186). 
- الدكتور محمد بك كامل مرسي كتاب الملكية والحقوق العينية صحيفة (417). 
- والتون جزء (2) صحيفة (525) و(527). 
2 - كافة أجور الأراضي والمنازل ونحوها.
3 - الحكر: الاستئناف الأهلي 7 يناير سنة 1908 مجلة الحقوق سنة 18 صحيفة (345). 
4 - الأموال الأميرية بالنسبة للمالك لا الحكومة. 
5 - المعاشات بأنواعها. 
6 - النفقات.
7 - المكافآت التي تُعطَى للمستخدمين العموميين أو للخصوصيين بصفة معاش دوري.
8 - كل ما يُدفع سنويًا أو في دور أقل من سنة كاشتراكات المجلات والجرائد.
ثانيًا: هل يجوز للمدين مع اعترافه صراحةً أو ضمنًا بعدم الدفع التمسك بسقوط الحق بمضي خمس سنوات؟
- نعم - لأن هذه المادة (211 مدني أهلي) وما يقابلها في فرنسا (2277 مدني) قد جعلت لمنع وقوع المدين في الخراب بتراكم فوائد سنين كثيرة عليه - لا للسبب (مادة (209) مدني أهلي) الخاص بسقوط أتعاب الطبيب بسنة (أو سنتين في فرنسا مادة (2722) مدني) وهو أن العادة عدم أخذ إيصال بذلك أو عدم المحافظة عليه: 
- الاستئناف المختلط 3 يناير سنة 1895 (مجلة القضاء والتشريع المختلط جزء (7) صحيفة (73)).
- محكمة بني سويف 2 يونيه سنة 1914 (مجلة الحقوق جزء (31) صحيفة (212)). 
- الدكتور محمد بك كامل مرسي: الملكية والحقوق العينية صحيفة (417).
ثالثًا: هل تسري هذه المادة (211 أهلي) على ريع الاغتصاب؟ 
لا – لأن المادة جعلت:
أولاً: لوقاية المدين حسن النية من الخراب.
ثانيًا: لأنها خاصة بأحوال يستحق فيها الإيجار أو الفائدة أو الحكر أو المرتب... إلخ في أقساط سنوية أو أجزاء من سنة من جهة وكان يجوز للدائن المطالبة بها في أي وقت بعد الاستحقاق من جهة أخرى خلافًا لحالة المدين المغتصب. 
وثالثًا: لأنها كلها مبنية على تعهدات أو اتفاقات خلافًا لحالة الريع حيث أساسها جنحة أو شبه جنحة. 
- الاستئناف المختلط 20 مايو سنة 1897 (مجلة القضاء والتشريع المختلطة جزء (9) صحيفة (357)) ومجموعة أحكام العشر سنين الأولى المختلطة حكم رقم (3394). 
- الاستئناف الأهلي 27 مارس سنة 1912 (المجموعة الرسمية الأهلية سنة 13 صحيفة (187)). 
- الاستئناف الأهلي 16 يونية سنة 1914 (مجلة الشرائع سنة أولى صحيفة (252)). 
- الاستئناف الأهلي 15 يونية سنة 1915 (مجلة الشرائع سنة ثانية صحيفة (308)). 
- الاستئناف الأهلي 26 يناير سنة 1916 (مجلة الشرائع سنة ثالثة صحيفة (370)).
- داللوز مدني (مادة (2277) نبذة (213)، (214)، (215)، (216)).
ولكن الرحمة قد تغلبت على محكمة الاستئناف الأهلية فقضت مرة (وكأنها تقول الرحمة فوق العدل) بسقوط ريع الاغتصاب بمرور خمس سنوات مخالفة غرض القانون. – راجع الاستئناف الأهلي 22 ديسمبر سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 حكم رقم (50) ومجموعة حضرة حمدي بك السيد الأولى صحيفة (119) حكم رقم (636). 
رابعًا: هل تنطبق المادة (211) المذكورة على المطالبة قبل الحكم فقط أم على حالة صدور الحكم بذلك أيضًا. 
وبعبارة أوضح متى تسقط الفوائد والأجور ونحوها المحكوم بها؟ 
جميع المحاكم والشراح متفقون قديمًا وحديثًا على أن الحكم بأصل الحق أو الدين حتى لو كان مما يسقط الحق في المطالبة به بسنة (بمصر) أو بسنتين (في فرنسا) قبل الحكم - يجعل هذا الدين تابعًا للقاعدة العامة في السقوط أي المدة الطويلة (30 سنة في فرنسا و15 سنة بمصر). 
ولكن بما أن الفوائد والأجور والأحكار والنفقات والمرتبات والاشتراكات ونحوها مما يتراكم بالسكوت عن المطالبة به وبذا يصبح المدين مهددًا بالخراب خلافًا لحالة الحكم عليه بأتعاب طبيب أو محامٍ أو ما شاكل ذلك فإن أصل الدين لا ينمو – فقد أراد الشارع الفرنسي عند تحضيره المادة (2277) مدني حماية المدين من الوقوع في الدمار بسكوت الدائن لسببٍ ما عن المطالبة بفوائده أو بإيجاره أو نفقته... إلخ، سواء كان ذلك قبل رفع الدعوى – أو بعد رفعها والسكوت عن الاستمرار فيها مدة طويلة أو بعد الحكم بالفائدة ونحوها. 
غير أن المحاكم الفرنسية قد أخطأت في أول الأمر في تفسير المادة (2277) مدني بأن فرقت بين حالتي المطالبة قبل الحكم وبعده فقضت بأن المطالبة قبل الحكم تسقط بخمس سنوات وبعد الحكم تسقط بثلاثين سنة (أو 15 سنة بمصر) متمسكة بظاهر ألفاظ المادة (2277) (المقابلة للمادة (211) أهلي و(275) مختلط) زاعمة أن الحكم بمبلغ وفوائده يدمج الحقين في بعضهما ويجعلهما كتلة واحدة يسري عليها السقوط العام بالمدة الطويلة (30 سنة هنالك و15 سنة هنا).
وأخيرًا قد أدركت المحاكم والشراح في فرنسا هذا الخطأ فعدلت عن التفرقة بين الحالتين كما يقول العلامة بودري لاكنتنري في كتابه شرح القانون المدني المطول جزء (25) (الخاص بسقوط الحقوق De la prescription) صحيفة (516) نبذة (785) (a peu près abandonnèe en doctrine et en jurisprudence) للأسباب الآتية: 
1 - لأن الحكمة من تقصير مدة السقوط في المطالبة بالفوائد هي نشل المدين من الخراب بتراكم فوائد عشرات من السنين عليه - وهذا موجود في حالة المطالبة بالحق ذاته أو الحكم به فعلاً فيجب طبعًا وعقلاً أن تكون النتيجة واحدة

(Deux situations identiques se sauraient être régies d’une maniére différente).

2 - لأن روح القانون وغرض الشارع واضح وعلى الأخص من مراجعة محاضر تحضير القانون المدني الفرنسي من أنه لا يريد التفرقة بين الحالتين لأن المدين مهدد بالخراب في كلتيهما - والدائن مهمل من جهة أخرى في الصورتين. 
3 - أن الحكم بمبلغ وفوائده هو في الواقع حكم بأصل الدين (يسقط بالمدة الطويلة) وحكم بجزء تبعي وهو الفوائد (تسقط بخمس سنوات).
4 - لا شيء يمنع الدائن قانونًا من التنفيذ بالفوائد كلما أراد لأنه غير ملزم بالحجز وفاءً لجميع مطلوبه وملحقاته في آنٍ واحد. 
5 - (ويرى شخصي الضعيف) أن سقوط حق الدائن في المطالبة بفوائد المدة الزائدة على خمس سنوات لا يضره ضررًا بليغًا لأن له والحالة هذه الحق:
أولاً: في أصل دينه.
ثانيًا: في فوائد خمس سنوات من آخر عمل يقطع المدة.
وعلى هذا الرأي: 
- دالوز: التعليقات الجديدة على القانون المدني (طبعة 1907) جزء (4) صحيفة (1965) نبذة (95) و(96) و(97) و(98). 
- أوبري ورو طبعة (4) جزء (8) صحيفة (434). 
- لوران - مدني - جزء (32) صحيفة (471) نبذة (448). 
- بلانيول جزء (2) صحيفة (195) نبذة (639). 
- فينيه Fenet محاضر تحضير القانون المدني الفرنسي جزء (15) صحيفة (298) و(299). 
- المسيو دوهلس المستشار بمحكمة الاستئناف الأهلية سابقًا جزء (3) صحيفة (374). 
- الدكتور محمد بك كامل مرسي الملكية والحقوق العينية صحيفة (417). 
وقد حكمت محكمة الاستئناف المختلطة في 28 مارس سنة 1923 (مجلة القضاء والتشريع المختلطة سنة 1922 - 1923 أي جزء (35) صحيفة (324)) بما يأتي:

(La déeision de justice qui condamne au paiement d’un capital et des intérêts sans capitaliser les intérêt leur laisse leurs caractêres d’arriérages payables périodiquement ou par termes en les rendant ainsi sujets à la prescription quinquennale..)

أي أن الحكم بمبلغ وفوائده (بدون تجميد الفوائد) لا يسلب هذه الفوائد صفة (المتأخرات والملحقات الواجب دفعها دوريًا أو على أقساط – وبالتالي لا يمنع من سقوطها بمضي خمس سنوات). 
وقد حكمت محكمة الاستئناف الأهلية بتاريخ 6 مايو سنة 1925 (في الاستئناف نمرة (423) سنة 42 قضائية (المرفوع مني شخصيًا ضد حضرة الدكتور حسين أفندي همت بصفاته)) بالدائرة المدنية رياسة سعادة محمد بك مصطفى وبعضوية حضرتي صاحبي العزة شاكر بك أحمد المستشار ومحمد بك نور القاضي المنتدب - بسقوط الحق في الفوائد المحكوم بها بمرور خمس سنوات عليها من آخر عمل.

المصدر: مجلة المحاماة - العدد الثامن السنة الخامسة - مايو سنة 1925
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 154 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

659,734