تساؤلات عديدة حول صورية مقدم الصداق و أثره على دعوى الخلع
صورية مقدم الصداق و تأثيره على دعوى الخلع :
في ضوء القانون رقم 1 لسنة 2000م والحكم الصادر بدستورية مادة الخلع ، حددت المادة 20 من القانون رقم 1 لسنه 2000م إجراءات نظر دعوى الخلع والفصل فيها ، وهى مجموعة من الإجراءات تتسلسل وفق تنظيم دقيق غايته الواضحة محاولة إنهاء دعوى الخلع صلحاً ، فالمحكمة ملزمة بعرض الصلح وندب حكمين لموالاة مساعي الصلح ، وإذا بآت محاولات الصلح بالفشل تمضي المحكمة في نظر إجراءات دعوى الخلع وصولاً للفصل فيها.
وفق صريح نص المادة 20 أن تقيم دعواها بطلب التطليق للخلع ، وثمة ملاحظة هامة تتعلق بحالة إتمام الخلع اتفاقا ، فلا يوجد قيد على ما يمكن عدة مقابلاً أو بدلا للخلع مادام يجوز أن يكون بدلا بمعني مشروعيته ، وبمعني أخر أن للزوج أن يرضي ببدل أو عوض أقل وله أن يقبل بدل أو عوض أكبر للخلع ، وذلك على خلاف الخلع قضاء فإن الزوجة المخلوعة لا تلزم إلا برد مقدم المهر الذي قبضته إضافة إلى أنها تتنازل عن حقوقها الشرعية المالية وهى تحديداً مؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة المتعة.
( للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع فان لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها حكمت المحكمة بتطليقها عليه )) المادة 20 من القانون رقم 1 لسنه 2000م (
أساس ذلك :
أولاً : قوله تعالى : ) فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) صدق الله العظيم ، والواضح أن النص القرآني لم يقيد ما يأخذه الزوج كبدل للخلع حيث يشمل عموم النص القليل والكثير.
ثانياً : حديث الرسول : فيما ما رواه البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال ( وكانت أختي تحت رجل من الأنصار ، فارتفعا إلي رسول الله ( ص) فقال :( أتردين عليه حديقته ؟ قالت وأزيد عليها ، فردت عليه حديقته وزادته )
ثالثاً : قضاء الخلفاء الراشدين : ما ذكره عبد الرازق بن معمر بن عبد الله بن محمد بن عقيل : أن الربيع بنت معوذ بن عفراء حدثته : أنها اختلعت من زوجها بكل شيء تملكه ، فخوصم في ذلك إلى عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فأجازه ، وأمره أن يأخذ عقاس رأسها فما دونه ، ويراعى أن من الفقهاء من يرى أنه لا يجوز أن يأخذ الزوج من الزوجة أكثر مما أصدقها .
( المرجع – حكم الرسول في الخلع – إبراهيم عبده الشرقاوي من علماء الأزهر – مكتبة الصفا )
رد الزوجة للمهر أو لمقدم المهر :
رد الزوجة للمهر أو لمقدم المهر الذي قبضته من الزوج أحد شروط الحكم بالتطليق خلعاً ، فالمهر هو جزء من الافتداء الذي تقدمه للزوج وبالأدق ترده للزوج ، لذا فان امتناع الزوجة عن الرد او الرد الجزئي يوجب الحكم برفض دعوى الخلع .
والتساؤل هنا ما هو المهــر الذي ترده الزوجة ، هل هو المهر الثابت بوثيقة الزواج وإن كان صورياً أم المهر الحقيقي الذي قبضته من زوجها ؟
مشكلة المهر الحقيقي و المهر الصوري :
يقصد بالمهر الحقيقي ما دفعه الزوج حقيقةً لزوجته كصداق أو كمهر ، أيا كانت طبيعته ( نقداً – عيناً ) وأياً كانت حالته ( دفع بالكامل– قسم لمقدم ومؤخر ) والأصل أن يثبت هذا المهر كما هو بحالته بوثيقة الزواج بحيث تلتزم الزوجة برده إذا ما رفعت دعواها بطلب التطليق خلعاً ، والمشكلة هي أن يدفع الزوج مهراً محدداً ويثبت بوثيقة الزواج خلاف ذلك ، سواء أثبت أقل منه أو أكبر منه ، والغالب أن يثبت بوثيقة الزواج مهراً أقل تفادياً لمصاريف التوثيق .
والتساؤل مرة أخرى : ما هو المهــر الذي ترده الزوجة ، هل هو المهر الثابت بوثيقة الزواج وإن كان صورياً أم المهر الحقيقي الذي قبضته من زوجها ؟
هل الزوجة ملزمة قانوناً برد كل المهر السري أم العلني الثابت بوثيقة الزواج ؟
إذا كان الثابت بوثيقة الزواج كمهر أو كمقدم مهر لا يمثل الحقيقة بان كان الزوج قد دفع اكثر منه سواء في صورة نقدية أو عينية كان من حق هذا الزوج أن يسترد كل ما دفعة للقضاء للزوجة بالخلع .
هل للزوج ان يدفع بصورية المهر ويطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات المهر الحقيقي الذي قبضته الزوجة ؟
الإجابة علي ذلك ( نعم ) يجوز للزوج وهو المدعي عليه في دعوى التطليق خلعا ان يدفع بصورية المهر الثابت بوثيقة الزواج ويطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت بشهادة الشهود المهر الحقيقي الذي قبضته الزوجة منه .
– أما عن الأساس القانوني لهذا الدفع فهو نص المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000م والتي يجري نصها :
( تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والقف المعمول بها ، ويعمل فيما لم يرد في شانة نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة) والراجح في مذهب الإمام ابي حنيفة ان العبرة بمهر السر ( المهر الصوري )
وفي ذلك إذا كان الاختلاف في مقدار المهر المقبض ، بان يدعي الزوج أنه دفع قدراً معيناً وتدعي الزوجة أنه اقل منه فعلية البينة ، وإلا فالقول قول الزوجة بيمينها ، مرد ذلك أن الزوج يدعي خلاف الظاهر وهو الثابت في وثيقة الزواج.
خطأ التمسك بقواعد الإثبات المدنية الواردة في قانون الإثبات لإثبات صورية المهر :
طبقاً لصريح نص المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000م فان الأحكام تصدر في الدعاوى الشرعية ومنها دعوى التطليق خلعا طبقا للقانون رقم 1 لسنة 2000م ، وإذا خلا القانون المشار إلية من حكم ما ، وجب علي القاضي أن يرجع إلى ارجح الأقوال في مذهب الأمام أبى حنيفة باعتباره حينئذ القانون الواجب التطبيق بصريح النص ، ولذا فان القول بخضوع الدفع بصورية المهر لقواعد قانون الإثبات ، حيث لا يجوز إثبات عكس الثابت بالكتابة إلا بالكتابة والتمسك بنصاب الإثبات بالشهود ، قول غير صحيح ، لان القانون الواجب التطبيق في هذه الحالة هو ارجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان ، والذي يعتد فيه بالمهر السري أو الحقيقي دون المهر العلني أو الصوري ، وعلي جانب أخر فأنه لا يجوز التمسك بما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 1 لسنة 2000م والتي قررت حق الزوج في المطالبة بالمهر الحقيقي ولكن بعد الحكم في دعوى الخلع حيث يقبل الزوج المهر الصوري ، أساس ذلك انه ليس للمذكرة الإيضاحية للقانون ادني قيمة إلزامية اللهم إلا لمن أصدرها .
( إذا كان الصداق – المهر – مسمى في العقد ولكن الزوج أدعى أنه دفع أكثر منه ألزمت المحكمة الزوجة برد القدر المسمى والثابت بوثيقة الزواج ، وانفتح الطريق للزوج أن يطالب بما يدعيه بدعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة) ( المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 1 لسنة 2000 م )
اتجاه المحاكم في قبول الدفع بصورية المهر وطلب الزوج استرداد المهر الحقيقي لا الصوري:
في اتجاه محمود للمحاكم استجابت للدفع بالصورية أو الدفع بوجود مهر سري ومهر علني المبدى من جانب الزوج المدعي عليه ، وتأسس القرار بإحالة الدعوى إلى التحقيق ، إلى أن الراجح من مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان فيما يتضمنه من الاعتداد بالمهر السري دون العلني* كما أوضحنا سلفاً .
مشكلة هامة : منقولات الزوجية جزء من المهر يجب رده للحكم بالتطليق خلعاً :
المهر حق للمرأة – نعم لا خلاف – وأثرا من آثار عقد الزواج ، لذا فان الزوجة تلتزم حال المطالبة بالتطليق خلعاً أن ترد للزوج المهر او مقدم المهر الذي أعطاه لها ، وللمهر صور شتي ( عيني – نقدي ) والمتصور خاصة في ظروف مجتمعنا ان يكون مهر الزوجة تلك المنقولات التي يجهزها الزوج ، ولذا فان الزوجة تلتزم بردها إذا أرادت التطليق خلعاً .
إنذار الزوجة لزوجها بعرض مقدم الصداق ( المهر ) الثابت بأصل وثيقة الزواج :
رد الزوجة للمهر أو لمقدم المهر الذي أعطاه لها زوجها و كما أوضحنا أحد شروط الحكم بالخلع وعملاً فإن الزوجة ترد المهر أو مقدم المهر إما بعرضه عرضاً قانونياً أمام المحكمة أو بإنذار على يد محضر ويؤكد البعض أن إنذار الزوجة للزوج على يد محضر بسداد المهر أو مقدم المهر يعد شرطاً لقبول دعوى الخلع وهو نظر خاطئ تماماً لأن المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 لم توجب هذا الإنذار ، بل ولم تشير إليه ، ولا يعني ذلك عدم صحة هذا الإنذار أو بطلانه ، بل هو إجراء صحيح قانوناً غايته إثبات واقعة رد الزوجة لمقدم الصداق الذي أخذته من زوجها، ويجوز كما ذكرنا عرض مقدم الصداق بالجلسات على أن يثبت ذلك في محضر الجلسة . ويكون ذلك دائماً بأول جلسة لدعوى الخلع ونؤكد أن الإنذار بعرض مقدم الصداق ليس شرطاً لقبول دعوى الخلع وإنما محض وسيلة قانونية لإثبات أداء او بالأحرى رد الزوجة لمقدم الصداق.
خلاصة القول : أن القانون الواجب التطبيق في منازعات صورية المهر ( وجود مهرين سري وعلني ) فإن المقرر قانونًا أن إذا كان مقدار عاجل الصداق مسمى بالعقد ولكن ادعى الزوج بصوريته ما سمى بالعقد وأنه دفع أكثر من المسمى فإن عقد الزواج وإن كان رسميًا إلا أن البيانات التي أثبتها الموثق إنما دونها على لسان الزوجين وبالتالي يجوز إثبات ما يخالفها دون حاجة إلى الطعن عليها بالتزوير ولا يجرى الإثبات في هذه الحالة طبقًا للمادة 19 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 لأنه يجوز اتفاق على عاجل الصداق ثابت بالعقد ولكن يدعى الزوج صوريته ومن ثم كان على الزوج إثبات ما يدعيه بكافة طرق الإثبات الشرعية ومن بينها البينة والقرائن كما يكون للزوج توجيه اليمين إلى الزوجة باعتبارها منكرة للزيادة ولا يجوز الدفع بعدم جواز إثبات الصورية بالبينة فيما بين المتعاقدين تأسيسًا على أنه لا يجوز إثبات عكس الثابت بالكتابة إلا بالكتابة لأن هذه القاعدة والمنصوص عليها بالمادة 61/ أ من قانون الإثبات من القواعد الموضوعية في الإثبات والتي لا تسري على الإثبات في مواد الأحوال الشخصية والتي يحكمها الرأي الراجح من المذهب الحنفي وحده م 3 من قانون رقم 1 لسنة 2000 .