عملية التدريب على الحمام نقطة تحول مهمة في حياة الطفل، وهي معركة تحتاج إلى كثير من الصبر والحلم والشجاعة من الأم. ويمكن لهذه العملية أن تتم بنجاح إذا بدأ التدريب في الوقت المناسب للطفل، وهذا الوقت يتفاوت من طفل إلى آخر. ولعل تأخير عملية التدريب للوقت المناسب للطفل يؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية وأقل ألماً له.
كثيراً ما تبدأ الأم التدريب نتيجة للضغوط الملقاة على عاتقها من الأسرة والأصدقاء الذين تدرب أطفالهم على استعمال الحمام في الشهر السادس أو قبل ذلك!!
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: من الذي يتدرب: الطفل أم الأم؟ فعادة ما تتدرب الأم على مواعيد معينة تأخذ طفلها فيها إلى الحمام بانتظام، ويمر الشهر تلو الشهر قبل أن يصبح الطفل من الناحية النمائية قادراً على الاعتماد على نفسه في الذهاب إلى الحمام. أما تدريب الطفل فلا يمكن أن يؤثر فيه أي نوع من أنواع التعلم إلا إذا كان هو نفسه مستعد لذلك عضلياً ونفسياً وعصبياً.
وكما أنه لا يمكن تعليم الطفل الحبو أو المشي أو الكلام إلا إذا كان مستعداً لذلك ـ فهي مهمات تتعلق بنموه وتختلف فيها قدرات الأطفال ـ فإن التدريب على استعمال الحمام ما هو إلا واحد من هذه المهمات، وجدير بالذكر أن ذلك ليس له علاقة بالذكاء ولا بالنجاح في المهمات الأخرى، فالطفل الذي يمشي مبكراً أو يتكلم مبكراً لا يشترط أن يتدرب على الحمام مبكراً. الطفل يفضل أن يلبس الحفاظة ويستمر في لعبه دون الحاجة إلى التوقف عن نشاط محبب إليه ويذهب إلى الحمام، أي أنه من الناحية النفسية لا يفهم أهمية التدريب، فضلاً عن أن من خصائص هذه المرحلة النسيان؛ لذا تحتاج عملية التدريب إلى الكثير من الصبر والثبات والاستمرارية.
متى يبدأ التدريب؟
هناك مؤشرات من الطفل لا بد أن تلاحظها الأم حتى يصبح التدريب أكثر سهولة، ومنها ما يلي :
* عادة ما يتخلص الطفل من البول دون تحكم قبل عشرين شهراً (أي سنة وثمانية أشهر) من عمره، وعندما يظهر الطفل قدرة على الاحتفاظ بجفافه لمدة ساعتين، أو ما قارب ذلك، أو أن يستيقظ من النوم جافاً، يعتبر هذا مؤشراً قوياً على استعداد الطفل.
* انضباط تقريبي لعملية التبرز بحيث تصبح في وقت محدد تقريباً خلال النهار.
* يظهر الطفل علامات للأم، مثل أن يأخذ ركن من الغرفة، أو السكوت، أو إصدار أصوات معينة معروفة للأم، أو غير ذلك من العلامات كلما حان وقت قضاء حاجته.
* قد يظهر الطفل حاجة وحباً للنظافة، بأن يطلب تغيير ملابسه إذا اتسخت، أو أن يغسل يديه ويتضايق من اتساخها، أو عدم الرغبة في لمس الأشياء المتسخة، كل هذه مؤشرات تساعد على تسهيل التدريب على الحمام.
* يفهم الطفل المصطلحات المستخدمة في المنزل حول عمليتي التبول والتبرز، وهي مصطلحات تختلف من ثقافة إلى أخرى ومن منزل إلى آخر.
* قدرة الطفل على التعبير عن حاجاته في مجالات أخرى من الحياة، مثل الرغبة في الطعام أو الشرب أو النوم.
* قدرته على اتباع أوامر بسيطة من قبل الوالدين أو الإخوة، كأن يضع شيئاً ما في مكان معين أو أن يحضر شيئاً ما.
جرٍبي
* تحولِّي من استعمال الحفائظ إلى السراويل المبطنة، وذلك حتى يشعر الطفل بشيء من البلل، وكذلك بالخفة بدون الحفائظ.
* أن تكون ملابس الطفل سهلة الخلع مثل البنطلونات الواسعة ذات المطاط في الوسط.
* اختيار الكرسي المناسب للطفل، بحيث يكون ارتفاعه مناسباً وسهل الاستخدام، يستطيع الطفل ارتقاءه بمفرده، كما يجب أن يكون الكرسي جاهزاً دائماً في الحمام.
* يمكنك فتح صنبور الماء قليلاً بحيث يصدر صوتاً خفيفاً يستثير رغبة الطفل للتبول.
* تشير بعض الدراسات إلى أن وجود قدر معين من الدافعية ضروري للنجاح في أداء مهمة ما، والأم هي أكثر من يستطيع تحديد ما يستثير دافعية طفلها للتعلم على الذهاب إلى الحمام، فبعض الأطفال تزيد دافعيته للتدريب على الحمام بتذكيره أنه قوي استطاع التحكم في عضلاته، والبعض يساعده أن نذكره أن عمله هذا مثل عمل الكبار (أنه أصبح مثل أبيه، أو مثل أمه). ويتفق الخبراء على أن المكافآت العينية تنفع في هذا النوع من التدريب، حيث إن الطفل لن يفقد هذه المهارة بعد انقطاع المكافآت عنه، ولا بد أن تجعلي المكافأة دائماً صغيرة مثل الملصقات الصغيرة التي يحبها الطفل، والتي يمكن لصقها على لوحة خاصة بالطفل في الحمام، أو غير ذلك مما تعرف الأم أن الطفل يحبه.
* حاولي أن لا يشعر الطفل أنه حبيس كرسي الحمام، بطرائق متعددة، فابقي معه، أو احكي له حكاية، أو أعطيه قصة يتصفحها. كما يمكن الاستعانة بدمية يضعها الطفل بجانبه وكأنها تقضي حاجتها مثله..
* راقبي طفلك عن قرب، وبخاصة في بداية عملية التدريب؛ حتى تتمكني من معرفة المؤشرات التي يستخدمها كدلالة على حاجته للذهاب للحمام، ولكن حاولي إعطائه الفرصة للتعبير عن حاجة للتبول أو التبرز.
* إظهار الإعجاب بقدرات الطفل، سواء كان ذلك في فهم مؤشرات جسمه أو اتجاهه نحو الحمام، حتى وإن لم يستطع التحكم الكامل في الإخراج، ولكي يكمل العملية كلها بنجاح، فأن ذلك يستهلك من الطفل مجهوداً لا بد أن يقدر من قبل الأم أو الراعي للطفل، ونظهر إعجابنا به ونجعله يعبر عن إحساسه بأن تصرفه مثل الكبار مثلاً أو غير ذلك.
* لا بد أن يكون الطفل والمشرف على عملية التدريب موجودان في مكان يسهل الوصول فيه للحمام، وبخاصة في الأيام الأولى للتدريب، كما لا بد من أخذ الحيطة عند الخروج من المنزل بأن نحاول أن لا يخرج الطفل إلا بعد الذهاب إلى الحمام.
* أشبعي حاجة طفلك للإحساس بالثقة وتقدير الذات، وامنحيه الفرصة ليشعر بذلك، فهذا عامل مهم جداً في التدريب على الحمام وفي كل تدريب وتعلم في حياة الطفل بعد ذلك.
* الصبر عند حدوث الخطأ وعدم التحكم، فلا بد أن تستحضري في ذهنك الجهد اللازم من قبل الطفل لتعمل هذه المهارة الجديدة في كل مرة يحدث فيها حادث، فالمهمة كبيرة، والأخطاء واقعة لا محالة، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار كل المغريات التي ذكرت في بداية المقال، ونسيان الطفل، لكن الحقيقة التي لا بد أن تعطيك الدافعية للاستمرار أننا كنا كذلك، وأن التحكم سيتم إن شاء الله، حتى وإن تأخر.
عند حدوث الخطأ وعدم التحكم يجب مراعاة ما يلي:
ـ تكلمي بنبرة هادئة ليس فيها رفض أو تقليل من شأن الطفل، وانتبهي لتعبيرات وجهك التي يجب أن لا تكون غاضبة.
ـ وكنتيجة طبيعية للموقف ساعديه أن ينظف نفسه بنفسه، حاولي أن تكون مساعدتك محدودة جداً حتى وإن كان الحادث في عملية التبرز، فإن شعور الطفل بالتقزز أثناء التنظيف يساعده على تذكر ذلك في المرات القادمة، كما أن مشاركته في التنظيف وتغيير الملابس يؤكد للطفل أن استعمال الحمام والعودة للعب أسهل من مشاركته في هذه العملية غير النظيفة، ولكن لا بد أن نكون حذرين من إحراج الطفل وإشعاره بالخجل، وإنما إشراكه في التنظيف هو نتيجة منطقية لما حدث بمنتهى الهدوء.
ـ عندما يبدأ الطفل في لبس ملابسه الجافة نتحدث معه عن الإحساس الجميل بالنظافة عندما تكون الملابس جافة.
ـ نقنعه أنه سوف يمكنه التحكم في المرات القادمة بطريقة أفضل إن شاء الله.
ـ من المهم أن يلتزم كل الكبار الذين يعيشون معك في البيت بالقوانين نفسها وطريقة التعامل، فالثبات والاستمرارية من أهم عوامل النجاح.
تجنبـي
* توقع الكثير مرة واحدة وبناء الآمال العريضة، فمعظم الأطفال يحتاجون إلى عدة أسابيع للتدريب، كما يمكن حصول فترات من التدهور أثناء التدريب، ولكن مهم جداً عدم توقع أن تتم العملية بسهولة وبدون مجهود؛ لأن ذلك يهز ثقة الطفل في نفسه ويفقده حماسه للتدريب.
* العقاب عند عدم التحكم، وبخاصة عند حدوث الحادث المعروف في كل بيت وهو أن يجلس الطفل في الحمام لمدة طويلة ولا يخرج شيئاً، ثم بمجرد قيامه من الحمام يبلل السجاد مثلاً، أو أنه يطلب الذهاب إلى الحمام كل خمس دقائق ولكنه لا يتبول، فسيكون لديك رغبة في تفريغ غضبك في الطفل، ولكن لا تفعلي، فالتزامك الهدوء أفضل؛ لأن غضبك سوف يثبط محاولات طفلك المقبلة.
* لا تكوني كثيرة الإلحاح في استدعاء الطفل للحمام. وإنما تعرفي على المدة التقريبية التي يظل الطفل خلالها جافاً ثم استدعيه مرة قائلة ـ مثلاً ـ: "الكرسي في انتظار طفل اسمه ..." أو "أنا ذاهبة للحمام، هل تريد أن تسبقني؟"، وما إلى ذلك من الجمل التي قد تغري الطفل بالذهاب للحمام.
* إجبار الطفل على الجلوس على كرسي الحمام في أوقات هو لا يشعر بالفعل بالرغبة في التبول أو التبرز، فبالإضافة إلى أن الإجبار يؤثر على المجهود المبذول سلباً، فإنه قد يساعد على ظهور حصر البول أو الإمساك وظهور الزوائد اللحمية في منطقة الشرج؛ لأن الطفل سيحاول منع عملية التبرز الطبيعية لبعض الوقت، والواقع أن التدريب على الحمام يحتاج إلى الكثير من الذكاء والتفاهم من قبل الأم لإدارة وقت الطفل، والتغلب على الأعذار التي يقدمها الطفل قبل اعتذاره بها.
* المقارنة بين الأطفال. لا تصفي فلاناً من الأطفال من أصحـاب الطفـل بأنه ـ مثلاً ـ "شاطر"؛ لأنه استطاع التحكم في الذهاب إلى الحمام، أو أنه لا يبلل نفسه وانتهى من استخدام الحفاظات. وبشكل عام يمكن استخدام كلمة "كبرت" أو "أصبحت مثل بابا أو ماما"؛ لما تحتويه هذه الجملة من تحديد مثل أعلى يحبه الطفل وزيادة دافعيته وحماسه.
* مناقشة نجاح الطفل أو فشله أمام الآخرين، فالأطفال عادة يسمعون ويفهمون أكثر مما نعتقد.
* أيضاً تجنبي بداية التدريب في أوقات غير مناسبة، مثل:
ـ وقت السفر.
ـ الانتقال من منزل إلى آخر.
ـ الانشغال بضيوف مقيمين.
ـ الانشغال خارج المنزل لفترة طويلة.
ـ مولود جديد في البيت.
ففي مثل هذه الأوقات توقعي تدهوراً في تحكم الطفل الذي تم تدريبه مسبقاً.
· تجنبي الإصرار على الاستمرار في التدريب إذا رأيت أن الطفل غير مستعد على الإطلاق، بل قد يكون من المناسب ترك عملية التدريب فترة كشهر أو أكثر قليلاً لحين ظهور مؤشرات تؤكد استعداد الطفل، ثم تبدئين المحاولة مرة أخرى دون تذمعركة الحمَام
منقووووووووووووول
ساحة النقاش