الحمد لله الذي نصب على الحق والسنة أعلاماً ومنارات يهتدي بها من أراد الوصول إليها ومن سبق في علم الله وقدره له الهداية إلى سلوكها والثبات عليها .
والصلاة والسلام على من بعثه الله للعالمين بشيراً ونذيراً وفرض على الناس طاعته واتباع هديه وسنته وتقديمها على سائر الأقوال والمذاهب كائناً من كان قائلها . فان شر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ومن هذه المحدثات والبدع
وهذه البدعة من فعل الرافضة، لأنهم يكرهون صلاة التراويح، ويزعمون أنها بدعة[1] أحدثها عمر بن-رضي الله عنه-، ومعروف موقفهم من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيدخل في ذلك ما يزعمون أنه أحدثه .
فإذا صلوها قبل العشاء الآخرة لا تكون هي صلاة التراويح[2].
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن من يصلي التراويح بعد المغرب: هل هو سنة أم بدعة؟ وذكروا أن الإمام الشافعي – رحمه الله – صلاها بعد المغرب ، وتممها بعد العشاء الآخرة؟ .
فأجاب -رحمة الله– (الحمد لله رب العالمين. السنة في التراويح أن تصلى بعد العشاء الآخر، كما اتفق على ذلك السلف والأئمة. والنقل المذكور عن الشافعي-رحمة الله- باطل، فما كان الأئمة يصلونها إلا بعد العشاء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين، وعلى ذلك أئمة المسلمين، لا يعرف عن أحد أنه تعمد صلاتها قبل العشاء ، فإن هذه تسمى قيام رمضان ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله فرض عليكم صيام رمضان ، وسننت لكم قيامه ، فمن صامه وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه ))[3] .وقيام الليل في رمضان وغيره إنما يكون بعد العشاء ، وقد جاء مصرحاً به في السنن (( أنه لما صلى بهم قيام رمضان صلى بعد العشاء ))[4] .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيامه بالليل هو وتره ، يصلي بالليل في رمضان وغير رمضان إحدى عشرة ركعة ، أو ثلاث عشرة ركعة ، لكن كان يصليها طوالاً ، فلما كان ذلك يشق على الناس قام بهم أُبي بن كعب في زمن عمر بن الخطاب عشرين ركعة ، يوتر بعدها ، ويخفف فيها القيام ، فكان تضعيف العدد عوضاً عن طول القيام ، وكان بعض السلف يقوم أربعين ركعة فيكون قيامها أخف ، ويوتر بعدها بثلاث ، وكان بعضهم يقوم بست وثلاثين ركعة يوتر بعدها ، وقيامهم المعروف عنهم بعد العشاء الآخر ..... فمن صلاه قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة ، والله أعلم ) ا.هـ[5]
هل يجوز أداء صلاة التراويح قبل أذان الفجر بساعتين أو ما يقرب ؟ أم يجب أداؤها بعد العشاء مباشرة ؟ .
وقت صلاة التراويح يمتد من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر . فيصح أداؤها في أي جزء من هذا الوقت .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" :
يَدْخُلُ وَقْتُ التَّرَاوِيحِ بِالْفَرَاغِ مِنْ صَلاةِ الْعِشَاءِ , ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ , وَيَبْقَى إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ اهـ
ولكن إذا كان الرجل سيصلي في المسجد إماماً بالناس فالأولى أن يصليها بعد صلاة العشاء ، ولا يؤخرها إلى نصف الليل أو آخره حتى لا يشق ذلك على المصلين ، وربما ينام بعضهم فتفوته الصلاة . وعلى هذا جرى عمل المسلمين ، أنهم يصلون التراويح بعد صلاة العشاء ولا يؤخرونها .
وقال ابن قدامة في "المغني" :
قِيلَ للإمام أَحْمَدَ : تُؤَخِّرُ الْقِيَامَ يَعْنِي فِي التَّرَاوِيحِ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ ؟ قَالَ : لا , سُنَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ
أما من كان سيصليها في بيته فهو بالخيار إن شاء صلاها في أول الليل وإن شاء صلاها آخره .
والله أعلم .
ساحة النقاش