لقد ظل إنتاج الاستزراع المائي في كينيا ثابتا عند حوالي 1 000 طن/ عام, حتى 6 سنوات مضت. ثم تفاقم الوضع بسبب فقر الخدمات الإرشادية وقلة المعلومات والتوثيق ومنذ عام 1999, بدأ الإنتاج في الزيادة ليصل إلى حوالي 1 500 طن سنويا في الوقت الحالي، بسبب المجهودات البحثية والتدريب. ويتركز الاهتمام الآن على تشجيع تنمية الاستزراع المائي التجاري الخاص, والذي من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة إنتاج كينيا ليصل إلى 12 000 طن خلال السنوات الثلاث القادمة. وهذه التنمية هي نتاج لمجهودات قسم المصايد السمكية التي تهدف إلى تنمية الاستزراع المائي كوسيلة لإزالة الفقر والجوع. وأثناء إعداد مسودة إستراتيجية خفض الفقر عام 2000, حددت الحكومة الاستزراع المائي كنشاط أساسي يجب تمويله من خلال نظام الإنفاق متوسط المدى. وقد شهدت السنوات الست الماضية بحثا علميا جادا وتدريباً قويا إضافة إلى مشاركة القطاع الخاص في تنمية الاستزراع المائي. وقد تضاعف الإنتاج، ومن المخطط له أن ينمو بمعدل يزيد عن 1 000% (عشرة أضعاف) خلال السنوات الثلاث القادمة. وتعتبر الظروف الملائمة, الأسعار الجيدة والطلب المرتفع على المنتج أهم العوامل التي ستؤدى إلى زيادة إنتاج الاستزراع المائي زيادة هائلة.

وتمثل أسماك البلطي حوالي 90% من إنتاج الأسماك المستزرعة في كينيا. ويستزرع البلطي مع القرموط الشمال أفريقي (Clarias gariepinus) في نظام متعدد الأنواع يقوم فيه القرموط بافتراس زريعة البلطي والحد من تناسله. ويتخذ الاستزراع المائي صوراً مختلفة تتراوح بين الأحواض الصغيرة التي تحفر يدويا (تسمى أحواض المطبخ) إلى أحواض كبيرة نسبيا تصل مساحتها إلى 1 000م2 . كما تخزن السدود وحواجز الماء الأخرى بالأسماك ثم يجرى حصادها بشكل دوري.

وتشمل ممارسات الاستزراع المائي النظم المكثفة, شبه المكثفة والموسعة. ومعظم الإنتاج يأتي من النظام شبه المكثف حيث يساهم بأكثر من 70% من الإنتاج الكلى. أما الإنتاج المكثف فإنه حديث العهد, في حين أن النظام عالي الكثافة يجرى تنفيذه وتجهيزه لكي يساهم بأكثر من 90% من إجمالي إنتاج الاستزراع المائي الكيني من حيث الحجم والقيمة.

لمحة تاريخية

يتصف الاستزراع المائي في كينيا, كما في العديد من الدول الإفريقية بالمنطقة, بمعدلات منخفضة من إنتاج الأحواض, والتي ظلت ثابتة خلال العقد الماضي. وقد أدخل الاستزراع السمكي إلى كينيا بواسطة المستعمرين في بداية القرن العشرين بهدف الصيد الترفيهي. ثم بدأ ظهور استزراع البلطي في أحواض المياه الراكدة في العشرينيات, ثم أدخل استزراع الكارب والقرموط بعد ذلك. كما أدخلت أسماك التراوت كسمكة نهرية بهدف الصيد الرياضي.

وقد أنشأ المستعمرون مزرعتين سمكيتين في عام 1948, مزرعة ساجانا (Sagana) (لأسماك المياه الدافئة) ومزرعة كيجانجو (Kiganjo) للتراوت (لأنواع المياه الباردة). كما أدخلت تربية الأنواع البحرية في أواخر السبعينيات من خلال إنشاء مزرعة نجومينى (Ngomeini) للجمبري كمشروع رائد. وعلى الرغم من أن الاستزراع السمكي في الريف الكيني يمارس منذ عشرينيات القرن الماضي إلا أنه لم ينتشر إلا في الستينيات من خلال "حملة إيات مور للأسماك" ('Eat More Fish campaign). إلا أن ذلك لم يحدث تقدماً ملحوظاً في هذا القطاع.وبعد استقلال كينيا في عام 1963 وتأسيس الجمهورية في عام 1964, بدأت " حملة الأسماك" سالفة الذكر, مما أدى إلى زيادة عدد مزارعي الأسماك ليصل لأكثر من 20 000 مزارع. ولكن الإنتاج ارتفع فقط من 900 طن في عام 1980 إلى 1080 و1012 طن في أعوام 1985 و 2003, على التوالي. ومازال هذا الإنتاج ثابتا عند هذا المستوى حتى الآن.

وتتنوع أشكال الاستزراع المائي في كينيا ما بين الأحواض الصغيرة التي تحفر يدويا (أحواض المطبخ) والأحواض الطينية الكبيرة نسبيا التي يصل حجم كل منها إلى 1 000 م2. كما تستخدم السدود والجسور والتحويطات المستخدمة لتخزين الماء في تربية الأسماك وحصادها بشكل متكرر. وقد جرت محاولات للاستزراع السمكي المكثف تجاريا في مزرعة باوباب (Baobab) في مومباسا باستخدام أحواض خرسانية دائرية ومجارى مائية. كما تجرى محاولات للاستزراع السمكي في الأقفاص بطول شواطئ بحيرة فيكتوريا وفي بعض السدود في أواسط كينيا مع ظهور بعض بوادر النجاح.

الموارد البشرية

يبلغ عدد الموظفين الدائمين في الاستزراع المائي في كينيا 400 موظف. وتقدم الخدمات الإرشادية بواسطة فريق من المرشدين التابعين لقسم المصايد (مثل مسئولي المصايد, مساعدي مسئول المصايد, معاوني المصايد والكشافة السمكية). كما أن "هيئة تنمية حوض البحيرة" (The Lake Basin Development Authority), وهى منظمة شبه عامة, لديها فريق حقلي للمصايد يتولي قيادته مسئول فني. وعلى الرغم من أن هذا الفريق قليل الانتشار على سواحل بحيرة فيكتوريا إلا أنه أفضل تدريباً من مسئولي الإرشاد الآخرين.
وقد قام المعهد الكيني للأبحاث البحرية والمصايد (The Kenya Marine and Fisheries Research Institute) بافتتاح عدد من المحطات البحثية للقيام بأبحاث الاستزراع المائي وتقديم بعض الخدمات لمزارعي الأسماك. كما تقدم الجامعات, مثل جامعة موى (Moi)، والتي تضم قسماً للمصايد, الخدمات الفنية للمزارعين.
وطبقاً للمعلومات المتاحة, يوجد في كينيا 7 790 مزارعاً للأسماك يمتلكون وحدات إنتاجية (Fisheries Department, 2003). أما العدد الحقيقي المستفيد من الاستزراع المائي فلن يكون متاحاً إلا مع نهاية الخطة القومية لتطوير الاستزراع المائي التي يجرى تنفيذها حاليا بواسطة قسم المصايد, والتي تضم بين عناصرها عدد الأفراد العاملين في مجال الاستزراع المائي.

الأنواع المستزرعة

تمثل أسماك البلطي حوالي 90% من إنتاج الاستزراع السمكي في كينيا. ويمارس الاستزراع متعدد الأنواع للبلطي والقرموط الشمال أفريقي (Clarias gariepinus) وذلك للتحكم في التناسل المتزايد للبلطي ( حيث يقوم القرموط بافتراس الزريعة الناتجة). كما أدخلت بعض الأنواع غير المحلية مثل الكارب العادي (Cyprinus carpio), تراوت قوس قزح(Oncorhynchus mykiss)والقاروص ذو الفم الكبير (Micropterus salmoides) إلى كينيا بهدف الاستزراع السمكي.

وقد أدخلت أسماك تراوت قوس قزح إلى كينيا أثناء الحكم الاستعماري بهدف الصيد الترفيهي, ثم أصبحت بعد ذلك أسماكا اقتصادية هامة من حيث القيمة, حيث يصل سعرها إلى 4-16 دولار/كجم. كما أدخل الكارب العادي أثناء الحكم الاستعماري بهدف الاستزراع, إلا أنه لا يلقى قبولاً في الأسواق.

وما زال إدخال الأنواع المعدلة وراثيا أمراً مثير للجدل. ولكن يقوم قسم المصايد باستكشاف الطرق الملائمة لتطوير أنواع معدلة وراثيا باستخدام السلالات المحلية المتوفرة.

ممارسات وأنظمة الاستزراع

أنظمة الاستزراع المستخدمة في كينيا هي: النظام المكثف, النظام شبه المكثف والنظام الموسع. ويتصف الاستزراع الموسع بأقل قدر من الإدارة ومن مدخلات التربية والإنتاج. ويجرى في هذا النظام تخزين الأسماك في الأقفاص العائمة والأحواض الطينية أو المسطحات الأخرى، ثم تترك وشانها دون أي تدخل. ولذلك يعتمد إنتاج هذا النظام على مدى الإنتاجية الطبيعية بالأحواض وخواص الماء. كما تعتمد الكثافة السمكية على القدرة الاستيعابية الطبيعية للبيئة المائية. ويتصف هذا النظام بالكثافة السمكية القليلة وبالتالي بالإنتاج المنخفض.

ويجرى الاستزراع الموسع في الأقفاص العائمة في البحيرات, الأنهار, السدود والخزانات المائية. وتعتمد الأسماك في غذائها على المواد العضوية العالقة بالماء. وتعتمد الكثافة السمكية بالأقفاص كذلك على الإنتاجية الأولية بالماء. وأهم الأنواع المستزرعة هو البلطي النيلى (Oreochromis niloticus), القرموط الأفريقي (Clarias gariepinus) والكارب العادي (Cyprinus carpio). ولم يتم توثيقه هذا النظام جيدا, إلإ أن الإنتاج يقدر بحوالي 500-1 500 كجم/ هكتار/ سنة, تمثل حوالي 10% من إجمالي إنتاج الاستزراع المائي.

أما الاستزراع شبه المكثف فإنه أكثر الأنظمة المستخدمة إنتاجاً حيث يساهم بأكثر من 70% من إنتاج الاستزراع السمكي في كينيا. وتشكل أسماك البلطي الجزء الأكبر من الإنتاج. ويبلغ إنتاج هذا النظام 3 طن/ هكتار/سنة في المتوسط. ويمارس الاستزراع شبه المكثف أصلاً في الأحواض الأرضية والأقفاص العائمة. ويجرى تسميد الأحواض بالسماد العضوي وغير العضوي بنسب مختلفة بهدف زيادة الإنتاج الأولى بهذه الأحواض. كما يتم تغذية الأسماك بالعناصر الغذائية المكملة مثل نخالة الحبوب والعناصر الأخرى المتوفرة محليا, لزيادة إنتاجية الأحواض. ويربى البلطي النيلي, القرموط والكارب بنسب مختلفة في نظام متعدد الأنواع. ويتراوح إنتاج هذا النظام بين 1 000-2 500 كجم/هكتار/عام.

ويقتصر الاستزراع المكثف تقريبا على تربية تراوت قوس قزح في المجارى المائية. وهذا يدعم صناعة السياحة, حيث أن هذه الأسماك تعتبر أسماكا للترف, ولذلك تذهب للفنادق حيث تقدم للسياح بصورة أساسية. ولذلك فإن قيمة هذه الأسماك المادية أعلي من قيمتها الكمية. وتستخدم وحدات أخرى لتربية هذه الأسماك, مثل الخزانات وأحيانا الأقفاص العائمة. وفي جميع هذه الأنظمة يرتفع الإنتاج في وحدة المساحة بسبب الإحلال الكلي أو الجزئي للغذاء الطبيعي بالأعلاف المكملة, التهوية والترشيح البيولوجي والميكانيكي عندا الضرورة. ويوجد عدد قليل جداً من المزارع المكثفة في كينيا. ويتراوح إنتاج هذا النظام بين 10-80 طن/ هكتار/سنة اعتمادا على مستوى الإدارة المستخدمة.

وقد بدأ الاستزراع عالي الكثافة لأسماك البلطي في الأقفاص, وعلى وشك البدء في الأحواض الأرضية. ومن المتوقع أن يساهم هذا النظام قريبا بما يصل إلي 90% من الإنتاج الكلي للأنواع المستزرعة في كينيا من حيث الحجم والقيمة.

إعداد/ أمانى إسماعيل

RiverNile5

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

RiverNile5
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

388,507