مذكرة بدفاع
مقدمة إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية
الدائرة 27 مدنى كلى
فى الدعوى رقم 1321 لسنة 2012
والمحدد لنظرها جلسة 22/ 2 /2017
بدفـــــــاع
السادة / ورثة المرحوم / ................ وهم :
بصفتهم : مدعى عليهم فى أولاً ، 1 ، 2 ، 3
ضــــــد
السيدة / مارى مارجريت هاوز Mary Margart Haws) )
وصفتها : مدعية
أولاً : الوقائع :
فى التاسع من سبتمبر لعام 2008 ، توفى المرحوم / ................... ، ولم يكن له إبناً ولا ولداً سوى زوجة مسيحية الديأنة،انجليزية الجنسية ، فتقدم ورثته الشرعيين لحصر تركته بإعلام الوراثة الشرعى رقم 1398 لسنة 2008 وراثات الدخيلة، وقد شمل الإعلام الشرعى أشقاءه الأربعة ، .................. مستبعداً زوجته السيدة مارى مارجريت هاوز لاختلاف ديانتها وفقاً للمادة السادسة من قانون المواريت رقم 77 لسنة 1943م التي نصت على أنه لا توارث بين مسلم وغير مسلم ....".
وكان ضمن تركة المرحوم ................، والتى أرادوا حصرها ؛ قطعة أرض مقام عليها فيلا كائنة بمنطقة الكينج مريوط – الهوارية – أمام نادى الفروسية – قسم العامرية الأسكندرية. وتبلغ مساحتها 1549,85 م2 (ألف وخمسمائة وتسعة وأربعون متراً مربعاً وخمسة وثمأنون سنتيمتراً مربعاً).
وحيث كانت المدعية (مارى مارجريت هاوز) أرملة مورث المدعى عليهم في أولاً، لازالت تقيم وحدها بالفيلا سالفة البيان ، وتقدم المدعى عليهم لاستحقاق الفيلا بموجب إعلام الوراثة الشرعى سالف الذكر ، إلا أنها امتنعت عن تسليمهم الفيلا ، ومن ثم سعى الجميع إلى جهات التقاضى، وتناضلوا دفعاً ودفاعاً فيما بينهم .
وحيث رفعت المدعية مارى مارجريت هاوز الدعوى الماثلة وطلبت فى ختام صحيفتها الحكم فى مواجهة الورثة بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/7/2007م والمبرم بينها وزوجها الراحل. وفى ذات الدعوى طلبت الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى المؤرخ 25/1/2007 بين الزوج الراحل مشترى الفيلا وبائعها السيد / محمد السيد عبده إبراهيم .
وتدوولت الدعوى بالجلسات ، وأحيلت إلى مكتب الخبراء بموجب حكم تمهيدى للتحقق من أيلولة الملكية وتسلسلها وحجتها والمعاينة وإثبات الحيازة الفعلية . وأنكر المدعى عليهم علمهم بهذا البيع من مورثهم لزوجته قبل وفاته .
ثم تدخل فى الدعوى هجومياً السيد / مبروك أحمد حسن على؛ بموجب صحيفة تدخل هجومى، بصفته المشترى الأخير للفيلا من السيدة / مارى مارجريت هاوز ، أى أن الفيلا عين النزاع مرت بثلاث بيوع خلال عامين؛ حيث أن المالك الأصلى لها بعقد مسجل هو السيد/ محمد السيد عبده إبراهيم، والذى قام ببيعها فى تايخ 25/1/2007 إلى السيد / عادل ظيفل فؤاد عنايت ، وهذا الأخير قام ببيع ذات الفيلا إلى زوجته خلال إقامتهما معاً بتاريخ 2/7/2007 م ، ثم توفى عنها بتاريخ 9/9/2008 ، وقامت زوجته (أرملته) ببيع الفيلا بعد وفاة زوجها بشهر ونصفإلى السيد / مبروك أحمد حسن على بعقد ابتدائي مؤرخ 25/10/2008 م ، وهو المتدخل هجومياً في الدعوى طالباً الحكم له بصحة ونفاذ عقده في مواجهة الجميع.
وحيث قامت السيدة/ مارى مارجريت برفع الدعوى الماثلة برقم 1312 لسنة 2010 طالبة فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد الأول المؤرخ 25/1/2007 الذى نقل ملكية الفيلا من مالكها الأصلى إلى زوجها عادل عنايت ، وكذلك طلبت الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الثانى بينها وزوجها المؤرخ 2/7/2007م، ثم تدخل هجومياً الخصم الجديد / العميد / مبروك وطلب الحكم له بصحة ونفاذ عقد البيع الثالث الذى نقل الفيلا من مارى هاوز إليه بتاريخ 25/10/2007 م في مواجهة الجميع.
ثانياً: الدفــــاع
لما كانت دعوى صحة ونفاذ العقد تقتضى أن يفصل القاضى فى أمر صحة العقد، وبالتالى نفاذ البيع ويتحقق القاضى من استيفائه الشروط اللازمة لانعقاده وصحته ، ومن ثم، فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلق بوجود العقد أو انعدامه وبصحته أو بطلانه ، ومنها أنه صورى صورية مطلقة، وأنّ من شأن هذه الصورية لو صحت أن يعتبر العقد لا وجود له قانوناً ، مما يحول دون الحكم بصحته ونفاذه . (طعن رقم 712 لسنة 45 ق بجلسه 29/7/78 ).
وبناءً على ما تقدم ، فإننا نقسم دفوعنا على ثلاثة أوجه على النحو التالى :
أولاً : الدفع بشأن العقد الابتدائي الأول المؤرخ25/1/2007 المبرم بين البائع الأصلى للفيلا المالك بعقد مسجل وهو السيد / محمد السيد عبده إبراهيم وبين مورث المدعى عليهم .
ثانياً: الدفع بشأن العقد المؤرخ 2/7/2007مبين مورث المدعى عليهم المرحوم / عادل ظيفل وزوجته السيدة / مارى مارجريت
ثالثاً : الدفع بشأن طلب المتدخل هجومياً بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/10/2007 مبينه ( العميد/مبروك أحمد حسن) وبين المدعية السيدة / مارى مارجريت هاوز .
الوجه الأول :
الانضمام إلى المدعية فى طلبها بشأن الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى المؤرخ فى 25/1/2007
قرر الدعى عليهم الانضمام إلىالمدعية وتأييد طلبها الثانى بشأن صحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى المؤرخ25/1/2007موالمبرم بين زوجها الراحل عادل ظيفل فؤاد عنايت (مورث المدعى عليهم) مشترٍ وبين السيد / محمد السيد عبده إبراهيم (بائع للفيلا) ، وبما لهم من مصلحة مباشرة، وصفة باعتبارهم الورثة الشرعيين للمشتري في هذا العقد، فيصير من حقهم قانوناً المطالبة بتثبيت الملكية لهم، ولذا قرر المدعى عليهم "أولا" فى هذه الدعوى الانضمام إلىالمدعية فى طلبها بشأن الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى المؤرخ فى 25/1/2007 والمقدمة مستنداته ضمن صحيفة دعواها.
الوجه الثاني :
الدفع بالصورية المطلقة على العقد المؤرخ 2/7/2007 والمبرم بين المدعية وزوجها الراحل (مورث المدعى عليهم).
ولما كان الفقة قد استقر على أنه من القرائن الدالة على الصورية؛ وجود علاقة زوجية أو قرابة بين المتعاقدين، وأنيظل البائع حائزاً للشئ المبيع طوال حياته وحتى مماته ، وأن المشترى لم يسجل عقد البيع ، أو أن يكون الثمن تافهاً.
(السنهورى جـ2 صـــ 986 هامش رقم (1) )
وحيث أن الصورية فى العقد تتمثل فى اتخاذ مظهر كاذب بإرادة ظاهرة تخالف القيمة الحقيقية ، ولما كان العقد موضوع الدعوى الماثلة يعد تصرفاً قانونياً بالبيع ، فكان يجب أن يكون مضمونه بيع ، وظروفه بيع ، وأماراته وقرائنه بيع ، ومظهره وجوهره بيع ، أما وإنه قد ظهر الازدواج فاضحاً فى التصرف القانونى بين مظهره وجوهره ، بأن حمل هبة فى صورة بيع ، أو حمل جوهره المستتر تصرفاً مضافاً لما بعد الموت، وأياً كان مسماه ، وأياً كان شكله القانونى ، فيصبح الازدواج هنا بين العقد الظاهر والعقد المستتر الذى يفضح نية المتعاقدين قرينة على صورية هذا التصرف صورية مطلقة ؛ طالما قصدا التحايل على أحكام القانون أو حرماندائنٍ أو وارثٍ من حقه، وهو ما يخالف النظام العام ،وطالما لم تأت الصورية على عنصر من عناصره أو بند من بنوده أو تاريخه أو صفة أحد أطرافه ، بما ينأ به عن الصورية النسبية ، يصبح تصرفاً موسوماً بالصورية المطلقة ومهدداً بالبطلان، طالما وردت الصورية فى موضوعه ومضمونه ككل لا على جزء منه أو عنصر من عناصره .فإن المحكمة تكون مُفوّضةوملزمة بقوةالقانون على إعادة تكييف هذا العقد،وإنزال القواعد القانونية التى تحكم تكييفه على هذا النحو ، وإلا تكون قد خالفت القانون.
ولما كان إثبات الصورية فيما بين المتعاقدين ينحصر فى الدليل الكتابى ، إلا أنه ينفتح على كافة طرق ووسائل الإثبات بالنسبة للغير ؛ لأن الغير ما كان له أن يحمل مستنداً أو دليلاً كتابياً في هذه الحال، وإلا ما صار اسمه غيراً، وهو ما يعد بالنسبة له واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات. فقد قررت محكمة النقض أنه وإنكان صحيحاً أن الصورية لاتثبت بين المتعاقدين إلا بالكتابة ، إلا أن المشرع أجاز الإثبات بالبيّنة فيما كان إثباته بالكتابة، ومتى تعزز هذا المبدأ بالبيّنة أو القرائن،فإنه يقوم مقام الدليل الكتابى الكامل فى الإثبات.(نقض رقم 4901 لينة 61 ق)
كما أنه من المقرر فى قضاء النقض أن الوارث حكمه حكم المورث ، فلا يجوز له إثبات صورية سند صادر من مورثه إلى وارثٍ آخر أو إلى الغير إلا بالكتابة، إلا إذا طعن فى هذا المستند بأنه ينطوى على الإيصاء أو أنه صدر فى مرض موت مورثه وأن تقدير أدلة الصورية هو مما يستقل به قاضى الموضوع لتعلقه بفهم الواقع فى الدعوى . (نقض رقم 1473 لسنة 57 ق)
ولذلك استقر الفقه على أن الخلف العام يعتبرون من الغير فى حالة الطعن على التصرف بأنه يخفى وصية
(السنهورى جـ 2 صـ 960 هامش 2)
واستقر أيضاً قضاء النقض على أن الوارث يعتبر فى حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه،وإنكان فى ظاهره بيعاً منجزاً، إلا أنه فى حقيقته يخفى وصية إضراراً بحقه فى الميراث أو أنه صدر فى مرض موت المورث، فيعتبر هذا البيع فى حكم الوصية؛ لأنه فى هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التى قصد بها الاحتيال على قواعد الميراث التى تعتبر من النظام العام، ويكون له إثبات الصورية التى تمس حقهفى الميراث بكافة طرق الإثبات ، وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر، إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض فى تكييف هذا الفهم وفى تطبيق ما ينبغى من أحكام القانون، مما يحتم عليها تسبيب حكمها التسبيب الكافى حتى يتسنى لمحكمة النقض إعمال رقابتها. وإذا كان مؤدى نص الماده 917 من القانون المدنى أن القرينة التى تضمنتها لا تقوم إلا باجتماع شرطين أولها هو احتفاظ المتصرف بحيازه العين المتصرف فيها ، وثانيهما احتفاظه بحقه فى الانتفاع بها ، على أن يكون ذلك له مدى حياته ، وتلك القرينة القانونية متى توافرت عناصرها ، فمن شأنها إعفاء من يطعن فى التصرف بأنه ينطوى على وصية من إثبات هذا الطعن ونقل عبء الإثبات على عاتق المتصرف إليه ، ولقاضى الموضوع سلطةالتحقق من توافر هذين الشرطين للتعرف على حقيقة العقد المتنازع عليه والتحرى عن قصد المتصرف من تصرفه، وذلك فى ضوء ظروف الدعوى التى أحاطت به (طعن رقم 4646 لسنة 70 جلسه 21/3/2012 )
لما كان ذلك ، وكانت مظاهر الصورية فى العقد المؤرخ 2/7/2007م موضوع الدعوى الماثلة تتزاحم متساندة متكئة على بعضها مما يشكل منها هيكلاً واضح المعالم ، فإننا ننثرها فى النقاط التالية :
أولاً : الثمن :
لما كان عقد البيع سند الدعوى الماثلة موسوماً بالصورية المطلقة ، وكان الثمن المذكور فيه أقل بعشرات المرات من الثمن الحقيقى للعقار؛ إذ أن الفيلا موضوع العقد مقامة من طابقين وحمام سباحة وجراج وغرفة حارس وحديقة غنّاء على مساحة ثمانية قراريط، على طريق برج العرب، أمام نادى الفروسية، وموقعها وسط مجمع من الفلل على ذات الطراز الحضارى والجمالى، أى أنّ الفيلا موضوع العقد لا يقل سعرها عن عشرة ملايين جنيه، وحتى وإن عدنا إلى تاريخ إبرام العقد فى 2/7/2007 م، فلن يقل سعرها عن خمسة ملايين جنيه بأية حال ، وهو ما يؤكد أن الثمن المذكور فى العقد (مائتين وأربعينألفجنيه ) ليس رقماً صورياً فقط، بل إنه غير حقيقى وغير جدى بالمرة، بما يعنى أن هذا الثمن على فرض أنه دُفِع بالفعل فهو من أموال المتصرف نفسه. وحيث أن الثمن يعد ركناً أساسياً فى التصرف القانونى إذا كام معاوضة ، فإن الثمن التافه، كما فى هذه الحال ، لا يعد ثمناً حقيقياً،وإنما هو منعدم ولا وجود له، وبالتالى قد سقط ركن من الأركان الأساسية فى العقد أفقده مصداقيته وحجته القانونية .
ثانياً:
أن المشترى ، وهو زوجة البائع ليست لها أية أملاك فى مصر ولا أموال تمكنها من شراء الفيلا ودفع ثمنها ، ولم تقدم أى دليل يثبت مقدرتها المالية على دفع الثمن ولم تتم أية تحويلات بنكية بين الطرفين البائع والمشترى استيفاءً للثمن ، ولم يودع البائع أية مبالغ استوفاها ثمناً للبيع فى حسابه البنكى فى تاريخ البيع أو حتى بعده ولم يتبين أية حركة لرأسمال بين ذمة البائع والمشترى بأية حال. بل إن الأمر قد تم في سكون ماديّ تام، ولاوجود له في الواقع سوي فيما سطرته أقلام العاقدين على الورق.
رابعاً :
حتى وإنكانالقانون قد صرح للأجانب بشراء العقارات فى مصر استثناءً بشرط أن تكون لغرض السكنى فقط دون غيره من الأغراض ، فإن المشترية وهى انجليزية الجنسية ولم تكن إقامتها فى مصر لتمتد سوى عامٍ واحد لتنتهى بعد تاريخ هذا العقد، ولم تسع المشترية لتقنين إقامتها فى مصر بعد شراء الفيلا، بل قامت بالتصرف فيها بمجرد وفاة الزوج (تاريخ العقد المطعون بصوريته2/7/2007 – تاريخ الوفاة9/9/2008 ) وتاريخ البيع بعد وفاة الزوج 25/10/2008 ) أى أن المشترية بعقد صورى من زوجها قامت ببيع الفيلا فى الشهر التالى لوفاة زوجها . فإن سرعة التصرف بالبيع بهذه الصورة يدل على أن البيع كان صورياً ولم يحدث هذا التصرف سوى بعدما تقدم الورثة لحصر التركة، فقامت بطردهم من الفيلا مما اضطرهملتحرير محضر بذلك برقم 6380 لسنة 2008 قسم العامرية ثان، ثم تبع ذلك تصرفها فى الفيلا بالبيع للطرف المتدخل هجومياً فى هذه الدعوى بتاريخ 25/10/2008 ثم قامت برفع الدعوى الماثلة بصحة ونفاذ عقد البيع الصورى المبرم بينها وبين زوجها بعد أن تصرفت فى الفيلا بالبيع وانتهت مصلحتها .
خامساً : العلاقة الزوجية واختلاف الدين مانعاً من الميراث
لما كان اختلاف الديانة بين الزوج المسلم والزوجة المسيحية وهو مانع من موانع الإرث ، ولم يكن للزوج ولد ولا إبن سوى أشقاءه الورثة الشرعيين من بعده، فقد آثر محاباة زوجته الممنوعة من الميراث بالفيلا ، ولذلك تصرف لها بالبيع صورياً ، وهو ما حرم الورثة الشرعيين من حقوقهم بما يخالف القانون ، ولذلك تقرر الحق لهم بالطعن بالصورية على هذا التصرف بقوةالقانون.
سادساً :
لما كان البائع لا يملك من تركته سوى هذه الفيلا وسيارتين فى حوزته مع حساب بنكى لا يتجاوز رصيده بضعه ألوف زهيدة بعد عودته من أرض المهجر، مما يعنى أن الزوج قد تصرف فى كامل تركته تقريباً بهذا البيع الصورى لزوجته الممنوعة من الميراث بقوةالقانون.
سابعاً :
استمرار إقامة البائع فى العين المبيعة واستمرار حيازته لها وحقه فى الانتفاع بها مدى حياته وحتى تاريخ وفاته ؛
إذ أنه من القرائن قاطعة الدلالة على الصورية أن يكون المتصرف قد استمرت حيازته للعين المتصرف فيها واستمر حقه فى الانتفاع بها حتى وفاته ، وهو ما ثبت بالفعل فى الدعوى الماثلة، وما زال بإمكان المحكمة أن تتحقق من الأمر كما يبين من أقوال الشاهد المرفقة بالمستندات المقدمة من الخصم المتدخل هجومياً فى الدعوى ، إذ أن هذا الشاهد السيد / سعيد محمد أحمد مصباح هو شاهد بإقراره على استمرار إقامة السيدة / مارى مارجريت فى الفيلا وحدها بعد وفاة وزجها ، وأقر بأنها وزوجها كانا مقيمين معاً بالفيلا حتى وفاته، ثم استمرت إقامتها بمفردها . وبرغم أن ذات الشاهد هو شاهد على عقد البيع الصورى بين الزوج وزوجته والمؤرخ فى 2/7/2007 إلا أنه لم يذكر ، بل أعرض عن سيرة هذا البيع فى إقراره بالشهادة أمام الموثق وشهد فقط بأن إقامتها استمرت وحدها بعد وفة زوجها ولم يذكر أبداً تملكها الفيلا بموجب العقد الذى وقع باسمه شاهداً عليه ؛ ذلك لعلمه أن هذا البيع صورى وغير حقيقى ولم ينقل ملكية الفيلا إلى الزوجة حال حياة زوجها، أو على الأقل، فهو لم ير بالفعل بيعاً وتسليماً وتسلٌّما للمبيع وقبض ثمنه مما تتحقق به أركان عقد البيع .
ثامناً : تصرف مضاف لما بعد الموت ؛
إذ أنه لما ثبت أن هناك عقد بالبيع موقع بين الزوج وزوجته وقد تخلف فيه عنصر الثمن لتفاهته وعدم جديته وتخلف عنصر التسليم والتسلم واستمرت حيازة الزوج مدى حياته ، فيعد هذا التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت يأخذ حكم الوصية فى القانون المصرى ، لأنه والحال كذلك قد تحايل على أحكام القانون والشريعة الإسلامية بأن نقل تركته حال حياته إلى زوجته المختلفة عنه فى الديانة والممنوعة من الميراث وحرم ورثته الشرعين من حقهم فى الميراث .
تاسعاً :
من الدلائل القاطعة على صورية هذا التصرف ؛أن الزوج البائع لا يملك مسكناًآخر بديلاً عن الفيلا التى يقيم فيها وزوجته ، وليس لديه أموال أو حسابات أوأرصدة بنكية أو عقارات تمكنه من شراء مسكن ملائم بديلاً عن الفيلا إذا تم بيعها ، فمن الطبيعى أن المسكن ذا خصوصية مستقلة ومختلفة لكل إنسانٍ منّا عن أية أعيان قد يرد عليها البيع ؛ فكل إنسان يمكنه أن يتصرف بالبيع فى سيارة يملكها دون أن يكون لديه بديلاً عنها ، أو قطعة أرض أو محلٍ تجارى أو أى شئ قابل للبيع دون أن يكون له بديلاً عنه ، عدا المسكن ؛ فإذا أقدم شخص على بيع مسكنه فلابد أن يكون أعد البديل الذى يؤيه ويكافئه عمارة وتجهيزاً أو أفضل منه ، وأما فى دعوانا الماثلة ، فإن الزوج البائع لم يثبت له مسكن أو مأوى له سوى هذه الفيلا موضوع العقد ، وهو ما يؤكد حتمية الصورية فى هذا العقد.
وأما بشأن الورثة الشرعين الطاعنين علي هذا العقد بالصورية جميعهم أو بعضهم ، وبشأن من يكون قد أقر بهذا العقد واعترف بحجيته ، فإن مثل هذا الإقرار الشخصى لا يلزم إلا صاحبه، ولا يعد حجة على باقى الذين تمسكوا بالصورية وما قد تكشف عنه من تصرف مستتر مضاف إلى ما بعد الموت فيأخذ حكم الوصية بعد حصر كافة أعيان التركة ، ولا يأخذ حكم الوصية فيما جاوز ثلث التركة سوى فى مواجهة من أجازها من الورثة دون الآخرين.
وفى هذا الشأن استقرت محكمة النقض على أن : القضاء بصحة ونفاذ الوصية فيما جاوز ثلث التركة فى حق من أجازها من الورثة دون الآخرين ، أنه متى انتهت محكمة الموضوع إلىأن عقد البيع المطلوب القضاء بصحته ونفاذه هو فى حقيقته وصية وفقاً لتكييفه القانوني الصحيح حسبما عناه المتعاقدان،فإنه يتعين عليها القضاء بصحته ونفاذه كوصية تنفيذ فى ثلث تركة المتصرف من غير إجازةالورثة عملاً بنص الماده 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية، لا القضاء بعدم نفاذه كلية ورفض الدعوى برمتها، وذلك بعد إحاطتها بجميع أموال التركة من عقار ومنقول وبعد سداد جميع الديون إنكان، توصلاً للمقدار الموصى به الوارد بالعقد يدخل أو لا يدخل فى حدود ثلث التركة دون أن يعتبر ذلك منها تغييراً لأساس الدعوى ، لأنها – وعلى ما جرى به هذا المحكمة – لا تتقيد بالوصف الذى يعطيه المدعى للحق الذى يطالب به ، بل عليها أن تتحرى طبيعة هذا الحق لتصل بذلك إلى التكييف القانونى الصحيح له وتطبق عليه حكم القانون. وأنه لما كانت الوصية وفقاً للمادة المذكورة ، تصح فيما زاد عن الثلث ولا تنفذ فى الزيادة إلا بإجازة الورثة، فإن إقرار بعض الورثة لتصرف مورثهم على أنه بيع ، وتمسك الآخرون بأنه وصية ، وإثباتهم ذلك يوجب ، نزولاً على ما يقتضيه مبدأ عدم قابليه الصورية للتجزئه ، اعتبار الأولين فى حقيقته وفقاً لتكييفه الصحيح إجازة منهم للوصية فيما زاد على ثلث التركة، وهى إجازة لا تسرى إلا فى حقهم وفى حدود نصيبهم فى التركه دون باقى الورثة .(طعن رقم 6054 لسنة 71 بجلسه 8/5/2012)
الوجه الثالث:
الدفع بمواجهة الخصم المتدخل هجومياً في الدعوى
بالنسبة للطلبات الواردة بصحيفة الخصم المتدخل هجومياً في الدعوى؛ والذي طلب فيها الانضمام إلى المدعية في طلباتها آنفة البيان، إضافة إلى طلبه الحكم له بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/10/2008 بينه كمشترٍ وبين المدعية كبائعة.
ولما كان المدعى عليهم (ورثة عادل ظفيل عنايت) قد انضموا إلى المدعية في طلبها بشأن صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/1/2007 بين مورثهم والبائع الأصلى للفيلا، وبشأن طلب المدعية بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بين مورثهم وبينها كمشترية بتاريخ 2/7/2007، فقد طعن المدعى عليهم على هذا العقد بالبطلان للصورية المطلقة وعددوا مظاهر الصورة وقرائنها على النحو سالف البيان.
ولما كان الخصم المتدخل هومياً في الدعوى قد أضاف إلى طلباتها طلبه بالحكم له بصحة ونفذ عقده المؤرخ 25/10/2008م. فإن االمدعى عليهم في ( أولاً) وهم ورثة عادل ظفيل عنايت بموجب إعلام الوراثة الشرعي رقم 1398 لسنة 2008 وراثات الدخيلة، والذي ثبت بموجبه أنهم الورثة الشرعيين للمتوفي عادل عنايت، ولهم دون غيرهم الحق في كامل تركته، فهم بذلك مستحقين للفيلا عين النزاع بقوة القانون؛ إذ آلت إليهم ملكيتها بالميراث، حتى ولو كان مورثهم قد تصرف فيها بعقد صوري قبل وفاته لزوجته المدعية، فهو غير نافذ في مواجهتهم. وكان الخصم المتدخل هجومياً في الدعوى قد تقدم بعقد شرائه الفيلا من المدعية، فإن هذا التصرف غير سارٍ في مواجهة الورثة الشرعيين بالتبعية؛ لأن المتصرف فيه غير مالك، وكل ما يحمله هو عقد صوري تمسك بظاهره، وبالتالي، فهو غير مالكٍ بمقتضاه، ويعتبر المتصرف هنا في حكم المتصرف في ملك الغير، وهذا التصرف الصوري صورية مطلقة لا ينفذ في حق المالك الحقيقي وهم الورثة المدعى عليهم، وبالتالي يبطل التصرف التالي له الذي يتمسك به المشتري من العقد الصوري ولا يكتسب أية حجية في مواجهة الورثة؛ ذلك لأن تصرف غير المالك لا ينفذ في مواجهة المالك الحقيقي، حتى وإنكان المشتري الأخير حسن النية؛ وفقاً للمبادئ التي أرستها محكمةالنقض المصرية، أنأثر العقد ينصرف إلى المتعاقدين والخلف العام ، دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث، ما لم يتبيّن من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانونأن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام. وبالتالي فإن الحكم الصادر ضد البائع باعتباره غير مالك للعين المبيعة، حجة على المشترى الذى لم يكن قد سجل عقد شرائه عند صدوره . وأساس ذلك . اعتبار المشترى ممثلاً فى شخص البائع له فى تلك الدعوى. . (المواد 145 ، 466 ، 934 مدنى و المادتان72 ،212 مرافعات(
) الطعن رقم 498 لسنة 60 ق جلسة 9 / 2 / 1995 س 46 ص 375 ج 1 (
وإنكان هناك ما يُعرف فى الفقه والقضاء بـ ( نظرية حماية الأوضاع الظاهرة ). ولئن كانت هذه النظرية لا يتضمنها أى نص قانونى، سوى ما ذهب إليه الفقه والقضاء بحدود وأُطر مُعينة إلتمست جانباً من العدالة وحماية لحركة التعاملات في المجتمع، والموازنة بين حاجة المجتمع إلى العدالة وحاجته إلى الاستقرار في المعاملات.
ومع ذلك،فقد حدد - الفقه والقضاء - للوضع الظاهر ضوابط ومعايير من شأنها ضبط بوصلة التعاملات في المجتمع والفصل المرن بين المصالح المتعارضة.
وحتى وإنكان موقف الفقه في مصر قد ذهب في اتجاهين، إلا أنهما متوازيان على طول المسار؛ فرأي البعض اقتصار مجال نظرية الأوضاع الظاهرة على تطبيقاتها الواردة في التشريع حصراً، وأن ما ورد فيه نص فهو حصري و لا يجوز التوسع فيه، وذهب البعض الآخر من الفقه إلىأن نظرية الوضع الظاهر تعد قاعدة عامة ولا يجب حصر نطاقهاعلى الحالات التي ورد فيها النص، وإنما تطبق في كل موضع توافرت فيه شرائط إعمالها.
في حين أن القضاء المصري ذهب في اتجاه مغاير تماماً؛ إذ استقر على أن هذه النظرية لا مجال لإعمالها إلا في حدود الإدارة فقط، وهو ما يتفق مع التطبيقات القضائية الصادرة من محكمة النقض المصرية، والتي صدرت في شأن أعمال الإدارة فقط، فقد أكدت محكمة النقض على هذا البدأ في حكم لها، قضت:
" وإنكان لا يجوز طلب إبطال بيع ملك الغير إلا للمشترى دون البائع له إلا أن المالك الحقيقي، يكفيه أن يتمسك بعدم نفاذ هذا التصرف في حقه أصلاً إذا كان العقد قد سجل، أما إذا كانت الملكية مازالت باقية للمالك الحقيقي لعدم تسجيل عقد البيع فإنه يكفيه أن يطلب طرد المشترى من غيره لأن يده تكون غير مستندة إلى تصرف نافذ في مواجهته، وله أن يطلب الريع عن المدة التي وضع المشترى فيها يده على ملك غير البائع له. إذ كان ذلك ، وكان هذا هو عين ما طلبه الطاعنون في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلباتهم على أساس أنه كان يتعين عليهم أن يطلبوا الحكم باسترداد العقار أولاً دون أن يتصدى لبحث عناصر دعواهم وما إذا كانت ملكيتهم للقدر المطالب بطرد المطعون ضده منه وبريعه ثابتة من عدمه،فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبب ". ( طعن رقم 98 ، س 46 ق ، بجلسة 24/01/1979)
وعلى ذلك نجد أن القضاء المصري قد حدد لنظرية الوضع الظاهر عدة معايير ضابطة لها ، وتتمثل هذه المعايير في أربعة محاور متقابلة على النحو التالي:
أولاً : ركنين، لابد من توافرهما في جانب الغير الذي اكتسب حقاً ثم حُكم ببطلان عقده وعدم سريانه في مواجهة المالك الحقيقي.
1-الركن المادى للوضع الظاهر:
ويتمثل الركن المادى للوضع الظاهر، فى استقرار المركز الفعلى لصاحب الوضع الظاهر، بالقدر الذى يوهم الغير والكافة، بأنه مركزقانونى صحيح يتفق مع الحقيقة، وذلك بإحاطة صاحب الوضع الظاهر بعوامل ومظاهر مادية مُحيطة به، تؤكد تطابق مركزه الظاهر مع الحقيقة.
2-الركن المعنوى للوضع الظاهر: حسن النية
ويتمثل الركن المعنوى للوضع الظاهر، فى ضرورة توافر حسن النية فى الغير المتعامل مع صاحب الوضع الظاهر. ولايكفى فى هذا الشأن توافر حسن النية الذاتى لدى الغير، وإنما يتعيَّن فوق ذلك أن يَشيع الغلط لدى الكافة فى شأن المركز الظاهر، باعتقاد الكافة بأنه يُطابق المركز الحقيقى. ومن ثم فلا يُعتبر حُسن النية متوّفراً إلا إذا كان ليس فى وسع ذلك الغير والكافة التوصل إلى معرفة المركز الحقيقى المخالف للوضع الظاهر، ولو بذل ذلك الغير عناية الرجل العادى ولم يُقصِّر فى استطلاع حقيقة الأمر المخالف للظاهر. حيث ينتفى حسن النية إذا ما كان الغلط فى معرفة المركز الحقيقى المخالف للمركز الظاهر، ناتج عن السذاجة أو الإهمال، وذلك نظراً لوضوح الحقيقة أو إمكانية التوصّل إليها لو كان ذلك الغير قد بذل عناية الرجل العادى لاستطلاعها. لهذا يُشترط انتفاء تقصير الغير فى استطلاع الحقيقة؛ وإلا زال عنه افتراض حسن النية، وفقد الحماية التى تقررها نظرية الأوضاع الظاهرة.
(راجع في ذلك د. عبد الباسط جميعى – نظرية الأوضاع الظاهرة – طبعة 1955 ص 99،
وكذلك د. نعمان جمعة – أركان الظاهر كمصدر للحق – ص60 وما بعدها،
وكذلك المستشار/ فتيحة قرة – النظرية القضائية المستحدثة للأوضاع الظاهرة – من ص 35 إلى ص 39)
وقد قضت محكمة النقض - بشأن إضفاء الحماية على الغير حسن النية المتعامل مع صاحب الوضع الظاهر، ونفاذ التصرف فى مواجهة المالك الحقيقى ، قضت بما نصـه:
"من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية، يُعَد نافذاً فى مواجهة صاحب الحق، متى كان الأخير قد أسهم بخطئه – سلباًأو إيجاباً – فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه، مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتى من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع لدى الكافة بمُطابقة هذا المظهر للحقيقة، دون أن يرتكب هذا الغير خطأ أو تقصير فى استطلاع الحقيقة، ولقاضى الموضوع بماله من سلطة تقدير الأدلة وفهم الواقع فى الدعوى، استخلاص تلك الشواهد ومدى إسهام صاحب الحق فى قيامها، والجهد الذى بذله المتعاقد مع صاحب المركز الظاهر فى استطلاع حقيقة هذا المظهر، على أن يُقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق.
(نقض مدنى بجلسة 19/3/1987 الطعن رقم 806 لسنة 50 ق،
وقررت ذات المبدأ بنقض مدنى بجلسة 25/12/1991 الطعن رقم 3419 لسنة 59 ق،
وذات المبدأ بنقض مدنى بجلسة 10/7/1996 الطعن رقم 560 لسنة 65 ق..)
ولئن كانالفقه والقضاء الفرنسي قد عالج هذه المسألة وعمد إلى تأصيل حماية المشتري من المالك الظاهر بتطبيق قاعدة عرفية استقرت في فقه القانون المدني منذ أمد بعيد، فأصبحت من أصوله العامة وهي أن الغلط الشائع يولد الحق.
فقد حسم القضاء المصري الموضوع في بادىء الأمر لصالح بيع ملك الغير، فاعتبرت محكمة النقض المصرية بيع الوارث الظاهر بيعاً لملك الغير استناداً إلى النص القانوني الذي يعالج بيع ملك الغير بالمادة ( 466 ) من القانون المدني المصري، وقررت بأنه لا يجوز مخالفة القانون بدعوى استقرار المعاملات، إذ أنالقانون عندما يريد حماية الأوضاع الظاهرة يقرر لها نصوصاً استثنائية تعالجها ، من ذلك ما قررته المادة ( 244 ) من القانون المدني المصري التي تعالج من يتعاقد بعقد صوري .
وقد قررت محكمة النقض المصرية في حكم رائدٍ لها، قررت فيه قاعدة أُصُولية مفادها " أنمستأجر الأرض الفضاء الذي أقام عليها مبانٍ من ماله الخاص وظهر أمام الكافة بأنه مالك تلك المباني وأجرها للغير، ثم فسخ عقد إيجار الأرض الفضاء، فتمسك مستأجر المباني (من المستأجر الأصلي) بأنه مستأجر إياها من مالكها الظاهر فيعتبر مستأجراً أصلياً وليس مستأجراً من الباطن، وبالتالي فلا ينفسخ عقده تبعاً لفسخ عقد المستأجر الأصلي للأرض الفضاء، فقضت محكمة النقض بعدم أحقية مستأجر المباني في التمسك بنظرية الأوضاع الظاهرة على سند من أن المشرع لم يتخذ من تلك النظرية مبدأً عاماً، وإنما أورد بشأنها نصوصاً استثنائية يقتصر تطبيقها على الحالات التي وردت بشأنها، فلا يجوز القياس عليها ولا التوسع في تفسير وتطبيق تلك النظرية على غير الحالات التي ارتآها المشرع لحماية الأوضاع الظاهرة. ولما كانت القواعد العامة تقضي بأن إيجار ملك الغير لا ينفذ في حق المالك الحقيقي، وأن عقد الإيجار من الباطن ينقضي بانقضاء عقد الإيجار الأصلي، فإنه لا محل للتحدي بنظرية الحائز الظاهر بدعوى استقرار المعاملات وحماية الأوضاع الظاهرة لإهدار قواعد قانونية واجبة الاحترام والتطبيق، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح القانون.
صدر برئاسة سليم عبد الله سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية رابح لطفي جمعة وعبد المنعم رشدي ومصطفى زعزوع وحسين على حسين.( نقض مدني في الطعن رقم 475 لسنة 51 قضائية – جلسة 27/5/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة33 الجزء الأول – صـ 593 )
وحيث تجرى المادة المادة 466 من القانون المدنى بالآتى :ـ
1- إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه، جاز للمشترى أن يطلب إبطال البيع ، ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار ، سُجل العقد أو لم يسجل.
2- وفى كل حالٍ لا يسرى هذا البيع فى حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشترى العقد.
كما تجرى المادة 467 بالآتى :ـ
1 -إذا أقر المالك البيع سرى العقد فى حقه وانقلب صحيحاً فى حق المشترى.
2-وكذلك ينقلب العقد صحيحاً فى حق المشترى إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد .
وقد أكد الفقه الإسلامي – وتبعه القانون المدني– في حماية المالك الذي بِيِعَ ماله دون إجازة منه؛ حيث أجاز له أن يرجع إلى أي شخص وضع يده على العين لاستردادها منه أو استرداد قيمتها –أنكانت قد هلكت أو تعذر ردها – ولو كان حسن النية ، فحسن نية الحائز لا يجديه في مواجهة المالك، وإنكان قد ينفعه في الرجوع على البائع.
ثانياً: ركنين لابد من توافرهما في حق المالك الحقيقي ليتمكن من استرداد حقه من تحت يد الغير الذى تعامل مع صاحب الوضع الظاهر المخالف للحقيقة
1-أن المالك لا يتمكن من استرداد العين إذا اكتسب الحائز ملكيتها بالتقادم الخمسي في العقار، أو بموجب قاعدة الحيازة في المنقول، كما أنه لا يستطيع المالك – إذا هلكت العين – الرجوع إلى الحائز حسن النية إلا بمقدار ما عاد على الحائز من فائدة بسبب هذا الهلاك .
2-أن المالك لا يستطيع إبطال عقد المشتري بحسن نية اعتماداً على الوضع الظاهر ؛ إذا كان المالك الحقيقي قد ساهم بخطئه -سلباً أو إيجاباً -في فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه، مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتى من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع لدى الكافة بمُطابقة هذا المظهر للحقيقة، دون أن يرتكب هذا الغير خطأ أو تقصير فى استطلاع الحقيقة.
ولما سبق بيانه، وبإسقاطه على واقعة النزاع، موضوع دعوانا الماثلة، نجد تخلف الشرطين المتعلقين بالمشتري (الغير بالنسبة للمالك الحقيقي) ، وهما؛